«قيادته الملهمة وإخلاصه لشركة مايكروسوفت والمنطقة العربية وشمال أفريقيا أكسبته احترام الزملاء، وتمكن من تحقيق نجاحات باهرة من خلال التعاون وتكوين علاقات مع الحكومات والشركات والمجتمعات فى المنطقة العربية وشمال أفريقيا. متأكد أنه سيستمر كسفير رائع لمايكروسوفت» هكذا قال رئيس شركة مايكروسوفت العالمية «جون فيليب كورتوا» عن على فرماوى فى بيان تعيينه نائبا لرئيس شركة مايكروسوفت الدولية، ورئيسا لقطاع الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهو المنصب الذى لم يسبقه إليه مصرى أو عربى، من قبل ليكون واحدا من بين 5 نواب فقط على مستوى العالم. «نجاحى وصعودى لهذا المنصب جاء بفضل عملى فى مصر وليس أمريكا كما يتصور الكثيرون» يؤكد نائب رئيس مؤسسة مايكروسوفت الجديد على فرماوى، خلال حواره مع الشروق، وتشمل المنطقة الاقليمية «الشرق الاوسط وافريقيا»، المسئول عنها فرماوى، 76 دولة بها 20% من سكان العالم، وتحمل من التعقيد الكثير لذلك يعتقد انها كانت سببا مباشرا فى ترقيته لهذا المنصب خاصة لما تتطلبه من حجم عمل واهتمام.
«الشغل معقد جدا فى هذه المنطقة، فهى تشمل اغنى وأفقر دول العالم وبداخلها اغلب الصراعات وفيها 7 من أكبر 10 دول إنفاقا على التسلح فى العالم مقارنة بالدخل القومى، وبها 450 لغة رسمية، وجميع الأديان ممثلة فيها»، يقول الفرماوى.
ويعتبر مسئول مايكروسوفت أن «التغييرات المهمة التى تشهدها منطقة الشرق الأوسط خلال هذه الفترة، تمثل تحديات كبيرة للأفراد، لكنها تخلق أيضا فرصا جديدة لهم، ومثلما كان لتكنولوجيا المعلومات دور فى مساندة الثورات العربية والثورة المصرية بشكل خاص، فإنه سيكون لها دور كبير فى إعادة البناء، من خلال تطوير العملية التعليمية ومساندة الصناعات المتوسطة والصغيرة ومحاولة اللحاق بركب التطور العالمى» يقول فرماوى عن تيارات التغيير فى الشرق الأوسط.
أما عن موقف بيل جيتس، فيقول فرماوى إنه «لا يدلى بأى تعليقات سياسية لكنه كان سعيدا بالثورة المصرية والمصريين وقال لى تعليقا واحدا وهو انه يقلق من أن تظل مصر تنظر إلى الخلف بدلا من النظر إلى الامام».
وفى رده على سؤال «الشروق» حول تأثير الثورة المصرية فى نظرة واتجاهات المؤسسات والشركات العالمية تجاه المنطقة، وانعكاسه على تقديرها للمصريين العاملين بها، وعلاقة ذلك باختياره للمنصب الجديد، أجاب فرماوى أنه «إذا كان قيام الثورة المصرية التى لفتت أنظار العالم كله لها، كان له علاقة مباشرة بهذه الترقية فأنا فخور جدا بذلك».
ويضيف فرماوى أن الربيع العربى بشكل عام سينعكس على استثمارات شركته والشركات العالمية الأخرى، موضحا أن «اى شىء مفيد للشعوب فهو سيكون مفيدا بالضرورة لقطاع الأعمال أيضا»، «وصناعة تكنولوجيا المعلومات مثلها مثل أى صناعة تستفيد من الاستقرار والنمو الاقتصادى، وتتأثر إذا انعدم الاستقرار، إلا أنها تتميز بأنها من الصناعات التى يمكن أن تدفع النمو الاقتصادى من جهة أخرى إذا أحسن استغلالها»، موضحا أن تأثر الاستثمارات بالتغييرات السياسية سيكون مؤقتا ولن يؤثر على اتجاهاتنا الاستثمارية فى مصر سلبيا، كما لن يتغير توجه الشركة عموما ناحية الشرق الأوسط.
يعتبر فرماوى مقومات مصر جاذبة جدا للاستثمار مؤكدا أنها تعد من الأسواق الواعدة لصناعة تكنولوجيا المعلومات، وان الثورة استطاعت أن تطلق طموحات الشعب وتمحى الحدود التى وضعت حول أحلامه، «وطالما هناك أفراد عندهم حلم ومستعدون للتعلم والعمل يبقى أكيد الصناعة ستزدهر».
التركيز على التعليم أساسى بعد الثورة
ذلك ستزيد استثمارات مايكروسوفت فى مصر، لكن «شكلها سيختلف، وسيكون هناك تركيز اكبر على القدرات الإبداعية للشباب والطلبة، وسنركز على الصناعات الصغيرة والمتوسطة أكثر وعلى تكنولوجيا التعليم والتخاطب السياسى»، أضاف نائب الرئيس التنفيذى لمايكروسوفت، موضحا أن الأولويات الجديدة للشركة فى المنطقة ستركز أولا على الشباب، وهذا يعنى اهتماما اكبر بالقطاع التعليمى والقطاع الجامعى والصناعات الناشئة والمطورين، ثم توفير فرص العمل وتشجيع عمليات الاستثمار ومحاولة إطلاق مشروعات كبيرة توفر العديد من فرص العمل، ومساندة الشركات وتشجيعها لاستخدام تكنولوجيا المعلومات لتوفير وظائف جديدة أيضا».
«وسيكون على قائمة أولويات الشركة أيضا، عمل برامج المناسبة للاستثمار، التى تسهل الحركة على المستثمر فى الخارج أو الداخل مثل برامج التجارة الالكترونية، وأخيرا الانضمام إلى المشاريع القومية المهمة مثل التصويت الالكترونى والرعاية الصحية والأنظمة المساندة للحريات والعدل وأى مشاريع لها بعد وطابع قومى».
«الثورة نقطة مضيئة فى تاريخ مصر» يقول فرماوى معربا عن اسفه لما يحدث الآن خاصة ذلك الاتجاه الذى يلوم الثورة على اى تعثر تشهده البلاد، «لا يمكن أن نلوم الثورة ولكن من الممكن أن نلوم طريقة التى يتم التعامل بها معها».
«لابد كمصريين أن نقوم بدورنا فى اعادة الثقة واتاحة الفرص لأكبر عدد ممكن من بيننا، مصر مليئة بطاقات وقدرات إبداعية قوية جدا ولا يمكن التعامل معهم باستهانة كما كان قبل الثورة».
واكد فرماوى أن هناك ازمة تواجهنا لأننا اصبحنا نقوم بعمليات إقصاء لبعضنا البعض إذا اختلفت آراؤنا أو رؤيتنا، وان دور التكنولوجيا الآن هو المساعدة فى اجراء الحوار والتواصل وكسر حاجز المكان والزمان «هذه اهم ادوات التكنولوجيا التى يمكن أن نستغلها للحاق بالعالم المتقدم، وتجارب ماليزيا وتركيا من افضل النماذج للدول النامية التى يمكن الاستفادة منها».
وأضاف «البناء محتاج إلى تصميم وتنسيق اكبر، والتكنولوجيا سيكون لها دور متعاظم فى التوافق وايجاد الترابط ومناقشة الاختلاف».
مبادرات التعليم كانت اكثر ما يميز عمل مايكروسوفت فى مصر ودول الشرق الاوسط وهو ما يعكس الاهتمام الكبير من الشركة العالمية بهذا القطاع.
«التعليم فى مصر يحتاج إلى خطة وتمويل وتنفيذ، ولابد أن يكون للمدرسة ثلاث مهام رئيسية هى تعليم الطلبة كيفية التعلم وكيفية التعامل والتصادق، كما يجب الاهتمام بالمعلم والمبانى والوسائل التعليمية» تبعا لفرماوى، مؤكدا أن مشكلة المدارس التعليمية فى مصر تكمن فى افتقادها لمحاور التعليم الثلاثة الأساسية «هى كيف نتعلم، نتعامل، نتصادق».
وأشار فرماوى إلى أن التجربة الهندية اعتمدت على 3 محاور وهى التعليم التكنولوجى التقنى وتعليم اللغات والتسويق فى أوروبا وأمريكا وإنشاء شركات برمجيات؛ أما تجربة اسرائيل فاعتمدت على صناعة المنتج الفكرى خاصة التطبيقات والبرامج التى لها علاقة بالأمن والحماية.
التصويت الإلكتروني
عندما سألنا فرماوى حول مشاركة مايكروسوفت وما تنتجه من برمجيات مهمة فى دعم تجارب مثل التصويت الالكترونى الذى واجه نقاشات عديدة من قبل الحكومة ولم تتضح الرؤية بعد حول مدى فاعلية استخدامه فى الانتخابات التشريعية والرئاسية المقبلة، أعرب فرماوى عن ارتباكه هو شخصيا بخصوص هذا المشروع بالذات خاصة أن الحكومة لم تتفق حتى الآن وبعد 8 شهور من الثورة، على تصور واضح بخصوص التصويت الالكترونى او تصويت المصريين فى الخارج، وكيفية استخدام التكنولوجيا الحديثة لتسهيل عملية الانتخاب. كما انها لم تعط اشارة البدء للتجهيز لهما.
«شهد حوار بين ممثلى شركات التكنولوجيا وممثلين حكومين طرح تصورات لمفهوم التصويت للمصريين فى الخارج وكان من بين هذه التصورات، اقتراح مثل السماح بضم ممثلين للمصريين فى الخارج، فى البرلمان الجديد، حيث يتم تقسيم العالم إلى دوائر وانتخاب ممثلين للمصرين فى هذه الدوائر فمثلا يتم اعتبار امريكا دائرة وتقسيم اوروبا إلى اكثر من دائرة ويتم انتخاب ممثل للمصريين المغتربين هناك عن كل دائرة تم تحديدها، وهو مايدل على ارتباك واضح فيما يخص تحديد مفهوم تصويت المصريين فى الخارج وعدم الوصول إلى رؤية واضحة بخصوصه». «لا يوجد نقص فى التكنولوجيات المطلوبة، ولكن تعديلات قانون الانتخاب بما يتوافق والرؤية الجديدة للتصويت والفرز عبر التكنولوجيا هى التى ستحدد الحلول التكنولوجية المطلوبة».
الاستفادة من التكنولوجيا فى تسهيل اجراء الانتخابات التشريعية، كما يرى فرماوى تتم من خلال استخدام التكنولوجيا فى عملية التصويت «التصويت الالكترونى» او عمليات الفرز فيما يسمى «بالفرز الإلكترونى»، المهم أولا أن نعرف «احنا عايزين ايه».
وبحسب فرماوى فإن «البنية يمكن توافرها والاجهزة مقدور عليها والبرمجيات موجودة، كما هو الحال بالنسبة لمعدات الفرز» الا أن الحكومة لم تستعد مبكرا وانتظرنا كثيرا لاتخاذ خطوة تجاه هذه العملية»، والسبب فى ذلك كما يقول هو اننا انشغلنا بأولوية الدستور أم الانتخابات فى حين إن البنية الأساسية للتكنولوجيا يمكن انشاؤها بدون ربطها بشىء.
مايكروسوفت.. والاقتصاد الأمريكى
فى الوقت الذى تواجه فيه الشركات الأمريكية العملاقة أزمة الاقتصاد الأمريكى التى نتجت عن الديون السيادية وانخفاض التصنيف الائتمانى، الأمر الذى زعزع الثقة فى النظام الرأسمالى العالمى فإن شركة مايكروسوفت تحتفظ بوضعها الاستراتيجى، وستحافظ على التزامها باستثماراتها فى الشرق الاوسط وافريقيا، بحسب فرماوى.
«اعتقد أن اى ازمة اقتصادية فى امريكا سيكون لها مردود مباشر على اقتصاديات العالم لكن توجهنا لاسواق الشرق الاوسط والدول النامية سيستمر، ولن يقل بل سيزيد بغض النظر عن تعافى او عرقلة الاقتصاد الأمريكى». «نعتز بالتزام الحكومة المصرية باستخدام البرامج الأصلية والتعاون والاستثمار مع مايكروسوفت، ولذلك قدمنا بعض التسهيلات التى تتوافق مع الوضع الحالى وظروف الحكومة، ورغم اننى اتوقع أن تتأثر مبيعات الشركة لمدة سنة او اثنتين فإن ذلك ليس بالمهم لأنها ليست فترة طويلة فى حياة الشعوب».
«المهم هو ايمانا بأن مصر لها مكانة مميزة كدولة وسوق ناشئة».
المنافسة القوية التى تواجهها مايكروسوفت من شركات مثل ابل وجوجل واوراكل جعلها فى موقف لا تحسد عليه خاصة مع تعاظم استخدام تطبيقات اجهزة المحمول الذكية وانظمة التشغيل وتطبيقات التواصل الاجتماعى، ويقول فرماوى معلقا: «التنافس مفيد واحنا لوقت كبير كنا رقم 1 فى السوق، والآن احنا مش رقم واحد فى مجالات كثيرة، لكن هناك دائما فرصة لتصحيح المسار والتنافس يضغط علينا كشركة، الا انه فرصة اكيدة للتقدم للامام». «رؤيتنا هى توفير اكبر فرصة للتواصل واستخدام تكنولوجيا المعلومات عبر جميع انواع اجهزة الترفيه الطرفية، وسنعمل على تحقيق ذلك بجميع امكاناتنا.
نصائح فرماوى للشباب
● حاول تشتغل حاجة بتحبها ومش كفاية إنك تحب شغلك ولكن حاول أن تكون مميزا فيه.
● لا تغلق حواسك التعليمية.. اتعلم طول الوقت واكتسب مهارات جديدة.
● أحط نفسك بأناس مستعدين دائما أن يقولوا لك الحقيقة.
● اشتغل بجد لأن العالم ملىء بالتنافسية ولا يوجد بديل سوى العمل الجاد.