انتهى حزب الوفد من إعداد برنامجه الانتخابى الذى يخوض به الانتخابات البرلمانية المقبلة، والذى حمل عنوان «على طريق الثورة.. وبناء المستقبل»، حسب حسام الخولى، عضو المكتب التنفيذى للحزب ولجنة إدارة الانتخابات. الخولى قال ل«الشروق» إن الوفد «استعان بخبراء ومتخصصين فى 18 مجالا لإعداد برنامجه الذى يعمل على نهضة مصر، والانتقال بها من المركزية الحاكمة الآن، إلى اللامركزية المتقدمة «لافتا إلى أن الحزب وضع برنامجه الانتخابى «من خلال حكومة الظل التى شكلها عقب ثورة 25 يناير».
وأضاف: «من أبرز نقاط البرنامج، الإصلاح الدستورى والاقتصادى والاجتماعى، ومعايير وطرق تطوير التعليم بمراحله المختلفة، بالإضافة لعدد من البرامج التى تعمل على تطوير جهاز الدولة الإدارى للعمل بالنظام اللامركزى.
ويبدأ البرنامج (الذى حصلت «الشروق» على نسخة منه) ب«العمل على إصلاح دستورى وديمقراطى وتشريعى لإحداث التغيير الديمقراطى الشامل الذى تطالب به ثورة 25 يناير، على أن تقوم الدولة بتفعيل هذا الدستور واحترام نصوصه»، ويركز على «إعداد دستور جديد يأخذ بنظام الحكم البرلمانى الذى تنفصل فيه رئاسة الدولة عن رئاسة السلطة التنفيذية المسئول عنها رئيس الوزراء أمام البرلمان، بالإضافة لتحديد فترة رئاسة الجمهورية بأربع سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، مع ضرورة تحديد مدة شغل المناصب القيادية فى الدولة ومنع تجاوزها».
ويؤكد الوفد فى برنامجه «حاجة مصر فى الفترة المقبلة لاعتماد نظام ديمقراطى للحكم المحلى، يقوم على اللامركزية، وتوسيع صلاحيات الوحدات المحلية، بالإضافة لتقييد حرية الحكومة فى إعلان حالة الطوارئ، وقصرها على حالة الحرب الفعلية والكوارث العامة»، مشيرا إلى أنه سيلغى «كل صور القضاء الاستثنائى ويوفر ضمانات التقاضى فى حالة وصوله للحكم».
وفى جانب آخر منه يتناول «الإصلاح التشريعى»، والذى يتم من خلال «إصدار مجموعة من مشاريع القوانين الثورية التى تخدم الديمقراطية فى مصر»، ومن هذه التشريعات «قوانين لمباشرة الحقوق السياسية والأحزاب السياسية، ومجلس الشعب، ومحاربة الفساد، ومنع تضارب المصالح، ومحاكمة الوزراء»، وينتقد فى برنامجه «عوائق قانون الأحزاب الذى أصدره المجلس العسكرى مؤخرا».
ويشدد الحزب على «تفعيل المبادئ الأساسية، التى نص عليها الإعلان العالمى لحقوق الإنسان الصادر فى 1948، والاتفاقيات الدولية السبع الرئيسية لحقوق الإنسان وأهمها: حق تقرير المصير، ومنع التمييز وحقوق المرأة وحقوق الأطفال والمعاقين وكبار السن، فضلا عن الحق فى الصحة والعمل بشروط منصفة».
وفى مواجهة «الفساد الذى استشرى فى ظل النظام البائد» استعان الحزب فى برنامجه بأحد خبراء مصر فى مجال مكافحة الفساد «لإعداد مقترح تشريعى يقضى بإنشاء هيئة النزاهة ومكافحة الفساد، كجهاز حكومى مستقل ومنفصل عن أجهزة الدولة، ويتوافر للهيئة كل الصلاحيات التى تساعدها فى اتخاذ جميع التدابير التى تكافح الفساد».
وتتركز الملامح الرئيسية للسياسة الخارجية للوفد على «توطيد علاقات الشعب المصرى مع الدول العربية والإسلامية والإفريقية، وجميع الدول الصديقة، على أن تضع هذه السياسة فى حسبانها المصالح المشتركة بين مصر وهذه الدول.. وكذلك ضرورة الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967، وتفعيل العلاقات الدبلوماسية الكاملة معها، واستعادة الجسور بين الشقيقتين مصر وسوريا». ويدعو الوفد فى هذا الجانب إلى «أهمية تفعيل الدور المصرى فى تنقية الأجواء بين مختلف الدول العربية، ورفض سياسة تصنيفها إلى دول الاعتدال، ودول الممانعة، وتجميع الدول العربية صفا واحدا فى مواجهة التدخلات الأجنبية والحملات الاستعمارية الهادفة لتمزيق الوطن العربى واستلاب ثرواته، وإخضاع شعوبه لسيطرة الاحتكارات الغربية، بالإضافة لتطوير علاقة مصر بدول أفريقيا وتفعيل دورها فى الاتحاد الافريقى»، ويطالب بضرورة «إنشاء وحدة اقتصادية، تضم دول حوض النيل، والعمل المشترك لتوفير المياه لمصر فضلا عن إعادة النظر فى علاقة مصر بإيران».
ويسعى البرنامج لتمكين المصريين المقيمين فى الخارج من ممارسة حقوقهم السياسية «من خلال المشاركة فى الاستفتاءات العامة والانتخابات البرلمانية والرئاسية، فضلا عن انتخاب ممثلين لهم فى المجالس، يكونون همزة الوصل بينهم وبين الوطن الأم»، ويقترح الحزب «إنشاء مكتب لرعاية واستقبال العائدين من الخارج، للعمل على مساعدتهم فى استثمار مدخراتهم داخل مصر، بحيث يتكون تدريجيا لوبى مصرى يساعد فى سياسة مصر الخارجية».
ويرى الوفد «أهمية الوقوف عند مشكلات الاحتقان الطائفى التى مازالت تصدر عن بعض المتطرفين، بالرغم مما أحدثته الثورة من ذوبان للمسلم والمسيحى معا من أجل مصر»، ويشدد على «ضرورة المراجعة الشاملة لمناهج التعليم، خاصة التى تسبب تطرف فكر بعض الطلاب، وأيضا ترشيد الخطاب الدينى والإعلامى، وإصدار قانون المواطنة وعدم التمييز متضمنا إنشاء دور العبادة، بالإضافة لوضع برامج لتنمية ثقافة المواطنة ودعم الوحدة الوطنية».
وعلى الصعيد الاقتصادى يرى الحزب أن «النظام الاقتصادى المواكب للحكم الديمقراطى، ينبغى أن يتجه بالأساس لحماية مصالح المواطنين والحفاظ على فرصهم فى العمل والإنتاج، والحصول على نصيب عادل من الدخل القومى، وذلك من خلال بناء إستراتيجية شاملة للتنمية الاقتصادية المستدامة تعمل على تنمية مصادر الثروة الطبيعية وتعظيم مساهمات الاستثمار الوطنى ووضع خطط لاستقطاب الاستثمار الأجنبى أيضا».
ويشدد على «تفعيل المجلس القومى للتخطيط لإعداد الدراسات وتجميع المعلومات الضرورية، لقياس معدلات التنمية، واقتراح أسس ومعايير إدارة الاقتصاد القومى، شريطة وضع خطط تكفل تأمين الاستقلال الوطنى ومنع مصادر التلوث وإهدار المقومات الطبيعية للبيئة مع إعادة الاعتبار للصناعة المصرية».
ووضح الوفد أيضا برنامجا اقتصاديا متخصصا ل«سد عجز الموازنة العامة للدولة، وإعادة هيكلة القطاع المصرفى وتطوير نظم ومؤسسات التجارة الداخلية والرقابة على الأسواق، وتنمية القدرة التصديرية للاقتصاد الوطنى وترشيد الواردات، وتطوير وترشيد دور القطاع الخاص فى التنمية الاقتصادية والاجتماعية»، لافتا إلى «أهمية مراجعة وتصحيح آثار برنامج الخصخصة وإعادة هيكلته، وضبط قواعد إدارة أصول الدولة لوقف إهدار الموارد الوطنية». مضيفا أنه «لابد من طرح برنامج الخصخصة للنقاش العام على أن يعرض بعد ذلك على مجلسى الشعب والشورى ليصدر الموافقة به».
ويؤيد البرنامج التوجه لسوق الاقتصاد الحر والتأكيد على دور القطاع الخاص واعتباره شريكا أساسيا فى إدارة الاقتصاد الوطنى مع الالتزام بضوابط حمايته ومنها تطبيق قانون حماية المنافسة ومنع الاحتكار، مضيفا إنشاء صندوق وطنى لتنمية الموارد البشرية لرفع كفاءة العاملين بجميع المهن.
ويضع الوفد ضمن برنامجه محاربة إهدار واستلاب ثروات مصر وانتشار ظاهرة «استوزار رجال الأعمال وزواج المال بالسلطة»، من خلال التركيز على عدد من القضايا أهمها قضية إهدار أصول الدولة وإهدار فائض التأمينات الاجتماعية وغيرها.
كما يطرح برنامجا لمواجهة البطالة يتم من خلاله توفير أكثر من 750 ألف فرصة عمل سنويا ويتضمن تعمير سيناء وتحويلها لمنطقة حرة لوجيستية وتنمية الصحارى المصرية من خلال إنشاء فى كل منطقة صحراوية مدينة أم تصبح محور الارتكاز فى التعمير والتنمية بالمنطقة وتطوير منطقة الوادى الجديد بإقامة قرى سياحية صغيرة على طول الوادى لجذب السياحة والعمالة له.
ويشير إلى عدة مشروعات تهدف لتنمية موارد مصر من المياه منها إنشاء قناة تأخذ حصة من مياه نهر الكونغو العظيم لصالح مصر وقناة جونجلى التى يمكن أن تضيف للنهر 7 مليارات متر مكعب سنويا، بالإضافة لإعادة الاعتبار للزراعة المصرية لتحقيق الأمن الغذائى من خلال قيام نظام تعاونى زراعى.
ويحذر الحزب من استنزاف موارد مصر من الغاز الطبيعى حيث إن احتياطى الغاز بها لا يكفى احتياجاتها حتى عام 2020 لو استمر الاستهلاك بنفس المعدل، ويرى أنه لابد من وضع إستراتيجية للبترول والثروة المعدنية من خلال تنمية مصادر الطاقة المتجددة.
وفى مجال التعليم يرى الحزب ضرورة تطوير التعليم الجامعى وما قبل الجامعى بشكل يسهم فى بناء مهارات الطلاب الفكرية، مقترحا عددا من آليات التطوير والتى أبرزها إنشاء هيئة وطنية مستقلة للتعليم تتبع مجلس الشعب وتضم الخبراء وأولياء الأمور وأعضاء هيئة التدريس لوضع الإستراتيجية الوطنية للتعليم، بالإضافة لإصدار قانون شامل للتعليم يعمق اللامركزية فى جميع المراحل التعليمة وتفعيل دور الهيئة الوطنية لضمان جودة التعليم والاعتماد، على أن تكون وزارة التربية والتعليم هى المنوطة بالإشراف على تنفيذ استراتيجيات التعليم الوطنية.
ويطالب بتطوير بنية التعليم الثانوى والتخلص من ثنائية «العام والفنى» والتحول لنظام الثانوية الشاملة التى يحصل فيها جميع الطلاب على جرعة مشتركة من المقررات الأساسية فى كل المجالات، موضحا ضرورة تطبيق مجموعة من المعايير واختبارات القبول لطلاب المرحلة الثانوية لتحدد الكلية المناسبة لكل طالب. وأشار البرنامج إلى أهمية إعادة هيكلة المنظومة الوطنية للبحث العلمى والتنمية التكنولوجية لتكون أداة رئيسية فى قيادة التنمية الوطنية الشاملة، بالإضافة لإنشاء مجمع وطنى للعلوم والتكنولوجيا. وفى مجال الصحة يضع الوفد برنامجا كاملا يعمل على تخفيف الأعباء المالية عن المواطنين مع مراعاة العدالة فى توزيع هذه الأعباء بين الغنى والفقير من خلال هيئة وطنية للتأمين الصحى، وصياغة نظام جديد للتأمين الصحى يقضى بالتزام الدولة بتوفير التأمين الصحى للمواطنين وتخصيص ما لا يقل عن 10% من الموازنة العامة للرعاية الصحية على ألا يكون الهدف منه هو الربح وأن يعفى المواطنون الذين يقل دخلهم عن 3 آلاف جنيه فى العام من المشاركة فى تكلفة خدمتهم الصحية. ويضع الوفد عددا من البرامج الأخرى التى تواجه قضايا» العشوائيات وأنظمة الصرف الصحى ورعاية المسنين والتأمين الاجتماعى...»، وتؤدى فى النهاية لعدالة اجتماعية تضمن حدا أدنى للأجور 1200 جنيه. ووعد الوفد بإصدار تشريعات ووضع برامج تعمل على حماية الآثار المصرية ومواجهة تأثيرات التغير المناخى على الشئون الاقتصادية والاجتماعية حتى لا تتأثر السياحة سلبا والتى تمثل أحد مصادر الدخل القومى المصرى، مؤكدا تطوير خدمة الاتصال المعلوماتية والعمل على ترشيد استخدام الهواتف المحمولة.