بعد أن تأجل الافتتاح عدة مرات، افتتحت إيران أمس الاثنين مفاعل بوشهر النووي الواقع جنوب البلاد بشكل رسمي، بحضور وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي ووزير الطاقة الروسي سيرغي شماتكو، وبحضور عدد من المسؤولين الإيرانيين والروس، لكون موسكو هي المسؤولة عن بناء المفاعل وفق عقد موقع بين البلدين. وتم ربط المفاعل بشبكة الكهرباء الوطنية عبر خطين، بقدرة 40 ميجاوات بشكل مبدئي، على أن تزيد الطاقة الإنتاجية للمحطة تدريجياً، حتى تصل إلى الطاقة القصوى التي تبلغ ألف ميجاوات خلال ثلاثة أشهر، وهو ما أكده رئيس وكالة الطاقة الذرية الإيرانية فريدون عباسي في حفل الافتتاح. هذا ومن المقرر أن يبقى مفاعل بوشهر تحت الإشراف الروسي لمدة عام من الآن قبل أن يسلم إلى الخبراء الإيرانيين بشكل كامل. كما أعلنت طهران مؤخراً التخطيط لإنشاء المزيد من المفاعلات بالاستعانة بالقدرة الروسية، وهو ما ذكره وزير الطاقة الروسي سيرغي شماتكو خلال مؤتمر صحفي عقد عقب الافتتاح، حيث أعلن تشييد مفاعل جديد خلال سبع سنوات. وكانت طهران قد وقعت عقدًا مع ألمانيا عام 1974 لتشييد مفاعل بوشهر، إلا أنها تباطأت في العمل فيه بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، بعد أن كانت قد أنهت معظم العمل في بناء الوحدة الأولى من المفاعل. وبعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية، وتضرر المفاعل بشكل كبير إثر قصف تعرض له، وجدت إيران في روسيا البديل المناسب لبناء مفاعلها، فتم الاتفاق بين طهرانوموسكو عام 1992، ليبدأ الروس عملهم بعد ثلاثة أعوام من هذا التاريخ، على أن يتم تسليم المفاعل خلال ست سنوات. لكن بعض المشاكل اعترضت الخطة، فعللت موسكو سبب التأخير بأنه تقني ليس إلا، وجاء هذا التأكيد على لسان الرئيس الروسي السابق فلاديمير بوتين خلال مشاركته في قمة رؤساء الدول المطلة على بحر قزوين في طهران عام 2007. ودار حديث آخر عن عدم تسديد بعض الرسوم المالية المستحقة على إيرانلروسيا، وهو ما قوبل برفض إيراني شديد، فضلاً عن تأخر وصول بعض الأجهزة الألمانية الصنع اللازمة لتشغيل المفاعل، الأمر الذي قال عنه بعض المحللين إنه يعود لأسباب سياسية، هدفها الضغط على إيران. وقد كلف هذا التأخر طهران ثمناً اقتصاديا عالياً، وكان نائب رئيس هيئة الطاقة الذرية محمد أحمديان قد عزا الأمر إلى ضرورة إحضار واستخدام أجهزة ألمانية الصنع، وتأخرها في كثير من الأحيان. ويشار إلى أن كلفة بناء مفاعل بوشهر الكاملة -التي أعلنت مؤخرًا- وصلت إلى مليار و200 مليون دولار، بعد أن كان العقد الأول الذي وقع مع ألمانيا ب 776 مليون دولار. ومقابل هذا، هناك ثمن سياسي إيجابي قد يظهر خلال محادثات إيران المستقبلية مع الغرب، وخاصة أن المحادثات السابقة لم تصل لأي نتيجة تذكر، فهو يؤمن قوة للموقف الإيراني فيما يتعلق بملفها النووي. يذكر أن إيران تمتلك خمس منشآت نووية تختلف أغراضها وبعضها غير مكتمل، وأعلنت مؤخراً التخطيط لبناء المزيد من المفاعلات.