«المجلسان» العسكرى والوزراء أصدرا ظهر السبت بيانا شديد اللهجة لتأييد الشرطة فى الدفاع عن نفسها وتفعيل قانون الطوارئ للحفاظ على هيبة الدولة. من حق المرء أن يسأل سؤالا بريئا هو: وهل جربنا أن نطبق القانون العادى والطبيعى حتى نلجأ إلى الطوائ؟! ومتى انتقد البعض الشرطة لأنها تدافع عن نفسها؟!. النغمة المتزايدة الآن هى أن الإعلام هو الذى يمنع «الداخلية» من العودة لممارسة عملها بسبب انتقاده المستمر. هذه النغمة تسمعها من كثيرين فى الشرطة ومن رجال إعلام كثيرين كان معظمهم يعملون فى خدمة النظام القديم، وعندما تسألهم ما هى الحالات التى طبقت فيها الشرطة القانون كما ينبغى وهاجمها الإعلام؟! السؤال بطريقة أخرى: هل اعتقلت الشرطة إلى بلطجى وهاجمها الإعلام؟! معلوماتى أن كثيرين ومنهم العبد لله وجه التحية لرجال الشرطة الذين أوقعوا «خنوفة» فى مصر القديمة وطالبناهم بالمزيد. جميع الإعلاميين على حد علمى طالبوا رجال الأمن بالتصدى الرادع لكل من يحاول اقتحام قسم شرطة أو مديرية أمن، بل إن إعلاميين كثيرين ومنهم العبد لله انتقدوا سلبية الشرطة فى التصدى للخروج على القانون مثلما حدث فى «موقعة الجلابية» أثناء أحداث مباراة الزمالك والأفريقى التونسى. ثم إن إعلاميين كثيرين انتقدوا أداء بعض الجماهير فى مباراة الأهلى وكيما الأخيرة بسبب الهتافات الخارجة لكنهم أيضا انتقدوا رد الفعل العنيف للأمن. ما الذى كان يفترض أن يفعله الأمن فى هذه الليلة؟! لنفترض أن مشجعا سب شرطيا أو ألقى عليه أى شىء. المفروض أن ألقى القبض عليه وأحيله للنيابة كى تحقق معه، لكن أن تكون البداية بالضرب مباشرة فهذا هو الخطأ الذى نحاول لفت نظر الشرطة إليه. لا يصح أن تضرب شخصا إلا فى حالة الدفاع عن النفس. ثم من الذى يستطيع انتقاد الشرطة وهى تعتقل أى شخص يحاول اقتحام سفارة إسرائيل؟! .المؤكد أن كثيرين انتقد الغياب الأمنى المريع والمريب خلال أحداث ليلة الجمعة الماضية. يخشى المرء أن تكون المشكلة هى عدم قدرة الشرطة على أداء عملها فى ظل سيادة القانون بسبب تعودها الطويل على العمل بطريقة العادلى فقط أى ضرب المواطن على قفاه وحماية النظام وإهمال الأمن الجنائى. وحتى لا تكون الصورة سوداوية فمن الواجب توجيه التحية لبيان وزارة الداخلية الصادر ظهر السبت الماضى والذى تحدث عن أن الوزارة غيرت عقيدتها تماما بعد 25 يناير وصارت العقيدة الجديدة قائمة على احترام المواطن وخدمة الشعب. هذا تطور مهم ويبقى العمل على ترجمته على أرض الواقع. قد يتفهم المرء الظروف الصعبة وأحيانا البيئة العدائية التى يعمل فى إطارها رجال الشرطة الآن ..ونتفهم أن التغيير يحتاج وقتا ..لكن لو أن المواطنين لمسوا تغير المعاملة فسوف يصطفون بالطوابير للدفاع عن الشرطة ومقراتها. نتعشم الا يكون بيان «المجلسين» الأخير بتفعيل قانون الطوارئ ليس مقصودا به حرية الرأى والتعبير، ثم إن معظم المصريين تمنوا وترجوا الشرطة وكادو أن «يبوسوا» يديها كى تستخدم الطوارئ ضد البلطجية ولم تفعل فى عز الانفلات الأمنى. مرحبا بوزارة الداخلية التى تطبق سيادة القانون على الجميع من الفقير إلى الوزير مرورا بالبلطجى، لكن اسوأ كابوس يمكن أن نحلم به هذه الأيام أن يكون تفعيل قانون الطوارئ هو الثمن الذى اشترطت الداخلية الحصول عليه كى تعود لممارسة عملها.