نشأت الديهي: بوادر توتر إيراني إسرائيلي وتصعيد محتمل مع اقتراب 2026    أمم أفريقيا 2025| انطلاق مباراة مصر وزيمبابوي    ضبط 1.7 طن دقيق دون فواتير دالة على مصدرهم بالقليوبية    نقيب أطباء الأسنان: "الخريجون مش لاقيين شغل"    رئيس وزراء جرينلاند: لن نحيد عن قيمنا الديمقراطية وجرينلاند ملك لشعبها    مسؤول سابق بالناتو: احتجاجات مزارعين أوروبا تتصاعد بسبب تقليص الدعم    رئيس الوزراء يلتقي الملحقين العسكريين المرشحين للعمل بالخارج    وليد صلاح عبداللطيف: محمد صلاح خارج التقييم.. وحسام حسن يشبه محمود الجوهري    مصر و الأردن يؤكدان تعزيز التعاون في النقل البري خلال اجتماعات اللجنة الفنية المشتركة بعمان    كبار نجوم الفن فى عزاء الفنانة الراحلة سمية الألفى    فضل صيام شهر رجب وأثره الروحي في تهيئة النفس لشهر رمضان    "الحكومة": أكثر من 5 مليون مواطن استفادوا من التأمين الصحي الشامل    السيسي: مستعدون لدفع المزيد من الاستثمارات المصرية إلى السوق التنزانية    زيلينسكي: أوكرانيا بدأت إنتاج أنظمة الدفاع الجوي محليًا    ميرال الطحاوي تفوز بجائزة سرد الذهب فرع السرود الشعبية    جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا ضمن أفضل الجامعات العربية في تصنيف 2025    رمضان عبدالمعز: دعوة المظلوم لا تُرد    رئيس الهيئة الدولية لدعم فلسطين: الاحتلال لا يسمح سوى بدخول أقل من ثلث المساعدات المتفق عليها إلى غزة    تعيينات جديدة بكلية التربية جامعة عين شمس    الكويت وروسيا تبحثان تعزيز التعاون في مجالات الزراعة والثروة الحيوانية والسمكية    توني يقود هجوم الأهلي ضد الشرطة العراقي في دوري أبطال آسيا للنخبة    البورصة تختتم تعاملاتها اليوم الإثنين بتباين كافة المؤشرات    مصلحة الضرائب تكشف تفاصيل الحزمة الجديدة من التسهيلات الضريبية    مصدر من الأهلي ل في الجول: لا نعرقل انتقال حمزة عبد الكريم ل برشلونة.. وهذا موقفنا    "يتمتع بخصوصية مميزة".. أزهري يكشف فضل شهر رجب(فيديو)    آيتن عامر تعتذر عن استكمال "حق ضايع" قبل بدء التصوير    لأول مرة بجامعة عين شمس.. نجاح جراحة زرع جهاز تحفيز العصب العجزي    خلال 24 ساعة.. رصد 153 مخالفة على الطرق في الغربية    نائب الصحة لشئون الحوكمة والرقابة يشهد الاجتماع الأول للجنة تطوير منظومة طب الأسنان    "هعيش حزين".. أول تعليق من أحمد الفيشاوي بعد وفاة والدته    جنايات الإرهاب تقضى بالمؤبد والسجن المشدد ل5 متهمين بخلية التجمع    يضم 950 قطعة أثرية.... محافظ المنيا يتفقد متحف آثار ملوي    في مشهد مهيب.. الأزهر ينجح في إخماد فتنة ثأرية بالصعيد    قائد أوغندا قبل مواجهة تونس: لن نكون لقمة سائغة لمنافسينا في أمم إفريقيا    انتظام أعمال امتحانات الفصل الدراسي الأول بجامعة قنا    قصة قصيرة ..بدران والهلباوى ..بقلم ..القاص : على صلاح    فرحة وحيدة لمنتخب مصر في الاستضافة العربية لأمم أفريقيا    رئيس جامعة القاهرة يجري سلسلة لقاءات رفيعة المستوى بالصين لتعزيز التعاون الأكاديمي والبحثي    مدير تعليم الجيزة يواصل سياسة العمل الميداني بزيارة مفاجئة لإدارتي «العياط والصف»    الانتقام المجنون.. حكاية جريمة حضرها الشيطان في شقة «أبو يوسف»    حداد ودموع في طابور الصباح.. مدرسة بمعصرة صاوي تنعى تلميذين لقيا مصرعهما في حادث الطريق الإقليمي    السيطرة على حريق بسوق عرفان فى محرم بك بالإسكندرية دون إصابات.. صور    هل طلب بيراميدز ضم ناصر ماهر من الزمالك ..مصدر يوضح    وزارة شئون القدس تطالب بتدخل دولي عاجل لوقف هدم منازل المقدسيين    تشكيل مجلس إدارة غرفة الرعاية الصحية فى اتحاد الصناعات    إطلاق حملة "ستر ودفا وإطعام" بالشرقية    مصدر من الأهلي يكشف ل في الجول تطورات ملف المحترفين والراحلين.. وموقف توروب    مدبولي: توجيهات من الرئيس بإسراع الخطى في تنفيذ منظومة التأمين الصحي الشامل    محافظ المنوفية يتفقد مركز خدمة عملاء مركز معلومات شبكات المرافق بقويسنا.. صور    كنز بطلمي يخرج من باطن الأرض محافظ بني سويف يتفقد أسرار معبد بطليموس الثاني بجبل النور بعد أكثر من عقد على اكتشافه    محافظ سوهاج يعلن إتاحة التصديق القنصلي على المستندات بمكاتب البريد    ننشر مواعيد امتحانات الفصل الدراسى الأول بمحافظة القاهرة    الحقيقة الكاملة لسحب الجنسية من البلوجر علي حسن    وكيل الأزهر يحذِّر من الفراغ التربوي: إذا لم يُملأ بالقيم ملأته الأفكار المنحرفة    وزير الثقافة ورئيس صندوق التنمية الحضرية يوقّعان بروتوكول تعاون لتنظيم فعاليات ثقافية وفنية بحديقة «تلال الفسطاط»    وزير قطاع الأعمال: نحرص على تعزيز الشراكات مع القطاع الخاص المحلي والأجنبي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 22-12-2025 في محافظة قنا    مواعيد مباريات الإثنين 22 ديسمبر والقنوات الناقلة.. مصر تبدأ مشوارها في أمم أفريقيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الناقد المغربى محمد برادة: عرفت مصر التى تمتلك الأمل.. وأتابع الآن مسار الانحدار
نشر في الشروق الجديد يوم 08 - 06 - 2009

سحرته غواية الحكايا، فأخذ يتبادل الأماكن ما بين الراوى والمروى له والمتلقى فى آن. يحرص على قارئه بعين الناقد ويروى له بحس الأديب المتحرر من كل القيود، هو المغربى الناقد والقاص محمد برادة.
من فاس إلى الرباط مرورا بالقاهرة، يحط الطائر المرتحل على بروكسل فيستقر هناك، سكنت التجارب والخبرات ذاكرة برادة، فمسه الحنين وهو يقارب الخمسين ليتوقف قليلا ويستجلب الذكريات، فتحضر ومعها مفاتيح لعبة خلط الواقع بالمتخيل.
عاش برادة فى أزمنة الرصاص مناضلا سياسيا، ترأس اتحاد الكتاب المغاربى المستقل لمدة ثلاث دورات متتالية، تفرد فى ترجمة العديد من نصوص النقد الخاصة بالرواية، فضلا عن كتاباته ورؤيته النقدية.
أما إبداعه الأدبى فجاء مع روايته الأولى، «لعبة النسيان» التى تلتها «الضوء الهارب»، وأدهشته القاهرة خلال الفترة الناصرية فحرضته على الكتابة عنها فى «مثل صيف لن يتكرر»، وأعقبها بروايته «امرأة النسيان».
أما «حيوات متجاورة» فهى أحدث تجليات برادة الإبداعية، جاءت غنية بتفاصيل عميقة وجوهرية لحياة سبعة أشخاص ممن تجمعوا فى المنطقة الرمادية الأكثر إنسانية فى حياة البشر، أبرزهم «نعيمة أيت لهنا» التى عشقت الدنيا فوهبت لها نفسها دون قيد أو شرط، وعلاقتها غير المتوقعة مع «ولد هنية»، و«الوارثى» رجل الدين والسياسة والسلطة معا، أما الأستاذ سميح فقد ألبسه برادة حلة الراوى فى معظم صفحات الرواية.
عن أدب برادة، ورحلاته وحيواته المتجاورة كان لنا معه هذا الحوار أثناء زيارته القصيرة إلى مصر ليوقع أحدث رواياته.
الشروق: تصدرت رؤيتك النقدية أول مشاهد «حيوات متجاورة». ما السبب فى ذلك؟
برادة: نحن لا نخلق نقادا أو مبدعين، المسألة هى كيف تحدد علاقتك بالعالم، والنقد بالنسبة لى ممارسة ومهنة، بينما كتابة الرواية والسرديات هى نزوع لدى منذ الطفولة، كنت أكتب القصص القصيرة.
وأمضى فى سبيل الرواية عندما أجد أننى أريد أن أعبر عن مشاعر وتجارب حميمة عشتها، «لعبة النسيان» أخذت معها ست سنوات لفهم ذاتى وعلاقتى بالمجتمع والكون والسياسة والثقافة، غير أن الرواية أيضا لها قوانينها وسحرها وأبعادها، مهما خططنا وقررنا تنضوى على تجربتى اللغة واستعادة الذاكرة، ويعد ظهور هذا الناقد حيلة أو لعبة سردية، فشخصية الناقد موجودة بداخل الكاتب ولو بصورة مؤقتة وأرى أن كل الرواة لديهم هذه الرؤية النقدية التى تظهر فى لغتهم والموضوعات التى يتطرقون اليها.
الشروق: تكلم «ولد هنية» خلال أكثر من عشرين صفحة باللهجة المغربية ورغم الإمتاع الذى صاحب قراءتها، تظل اللهجة المغربية هى الأصعب على المتلقى العربى؟
برادة: أكتب بالأساس للمجتمع المغربى وقراء مغاربة، وأرى أن اللغة عنصر فى تحديد أبعاد الشخصية مثلما أن معجم الكلام فى النص الروائى يحيل على مستويات اجتماعية وثقافية بعينها، واللغة هى الكاشفة أيضا للشخصية وبالنظر إلى «ولد هنية» وانتمائه لطبقة فقيرة لم تتح له فرصة ليتابع تعليمه، فكلامه يكتسى طابعا تلقائيا تنقل أفكاره عبر لغة الحياة اليومية، هذا غير أن كل «الدارجات» فى العالم العربى لها قرابة باللغة الفصحى.
الشروق: لماذا أهديت معظم أبطال الرواية «كنية»، مثل «آيت لهنا»، و«ولد هنية» المنسوب لأمه، و«الوارثى»؟
برادة: أحرص فى استعمالى للأسماء على البعد الرمزى، «فآيت» عند القبائل آل بمعنى «عائلة فلان»، وبعدها « الهنا» لأن نعيمة تمكست جدا بالهناء فى الحياة فى رحلة مستمرة فى البحث عن متع الدنيا وممارستها. أما «الوارثى» رمز لمن يريد أن يرث الأرض وما عليها، أما «كمال» فيعبر عن الذئاب الجديدة، رجل أعمال يمثل البرجوازية المتحولة وهى طبقة جديدة يفرزها التطور العشوائى إذا صح التعبير.
الشروق: رسالتك للدكتواره تخصصت فى كتابات مندور؟ لماذا وقع اختيارك على مندور وهل هناك أى تشابه بين منهج مندور النقدى ومنهجك؟
برادة: لا يوجد تشابه، وعندما كتبت رسالتى بغيت أن أنقد النقد بمعنى أننى أنقد الخطاب النقدى عند مندور الذى وجدته متأثرا بالمناهج التى تطبق فى السربون خلال عشرينيات القرن الماضى.
وبدأت أحلل المفاهيم والمصطلحات النقدية لأجد أن هذا الخطاب تم تجاوزه فى كل من فرنسا وأوروبا منذ الأربعينيات والخمسينيات، والتى شهدت تحولا فى المجال النقدى، وعندما مارسه مندور فى مصر كان أشبه بالخطاب المدرسى فى السبعينيات، ووجدته أيضا لا يستطيع أن يكون أداة لتحليل النصوص العربية، إلا إننى لا أنكر دور مندور الثقافى والسياسى.
الشروق: لجأت إلى كتابة سيناريو لحيوات متجاورة وأرفقته نهايتها؟ هل هذا نوع من التجريب فى مقارنة جنسين أدبيين، خاصة أنه أعاد بعض المشاهد بالكامل؟
برادة: السيناريو فى آخر الرواية أتى بمثابة لعبة قائمة على المقارنة من خلال السرد والوصف، وطرح السؤال هل يمكن لما كتب فى ثلاثين صفحة، أن يعوض القارئ عن الإسهاب فى السرد، وارد أيضا أن يعقد القارئ مقارنة ما بين لغة السرد الروائى ولغة السيناريو القائمة على الافتقار.
والاختزال، لذلك تظل فى حاجة إلى رؤية وإضافة المخرج السينمائى، لغة لا يمكن أن تكون مستقلة بذاتها، أن تكتب رواية فى صيغة سيناريو لعبة تراودنى، وفى الرواية بغيت أن أعطى للأحداث طابعا مختلفا، هذا إلى جانب أننى أردت أن أكثر إيهام القارئ بالواقع كى أضع مساحة بينه وبين النص تحضه على التفكير والمشاركة بوجهة النظر، وقد لعبت هذه اللعبة فى «لعبة النسيان» و«الضوء الهارب»، تلك اللعبة التى يتخفى عبرها الكاتب ولا يصدر أحكاما بل يلجأ إلى كتابة الحياة لتسريب رؤيته إلى العالم.
الشروق: كيف تطوع ذاكرتك فى استجلاب الأحداث؟ وهل هناك انتقائية فى اختيار الأشخاص الذين ستسمح لهم بالدخول فى لعبة التخييل عندك؟
برادة: نعيش أحداث ووقائع والذاكرة تلملم أشياء كثيرة وفى حقل الكتابة الإبداعية تتدخل الذاكرة ويأخذ التمثيل مسارا يقلب الواقع ويحوله ويضيف عليه ويحذف منه، لكى يجعله قريبا من رؤية الكاتب إلى العالم، فالكاتب لا يريد الاكتفاء بما هو قائم وكأنه مفروض علينا يمسك بتلابيبنا.
يرغمنا على العيش ضمن شروط قاسية، بينما التخييل يحيل إلى الانقلاب على هذا الواقع ويجعلنا تستفيد فى الحكم عليه ويجعلنا أيضا نتصور أنفسنا فى سياق آخر وهذه صيرورة لممارسة خبراتنا عند الكتابة والقراءة، وأعى هنا أن الكاتب يخلص من الشروط الواقعية مثلما يمنح القارئ منظورا آخر وهو يقرأ نصا يحرضه على التمرد على الواقع.
والذاكرة هنا انتقائية بطبيعة الحال تحذف وتضيف وتجعلنا نجرى وراء الأشياء التى تبدو متغيرة لمحاولة الإمساك بظلال واستعادة صورة مهترئة، فكتابة الذاكرة شىء أساسى مثلما اعتمد «بروست» فى البحث عن الزمن الضائع.
الحنين له علاقة بمقاومتنا للزمن الذى يبدو قاسيا وغير متسامح، الحنين هو التعلق بلحظات كنا فيها نتوهم القدرة على المقاومة، ولكن إذا كان الحنين لاستعادة الماضى فهو حنين سلبى أما إذا كان لاستلهام عناصر كامنة فى النفس فيبدو حنينا إيمانيا بخلق لحظات جميلة مثل التى عشناها فى الماضى.
الشروق: هناك ملمح صوفى تستشعره مع الوارثى، بل وفى كلام نعيمة التى لم تبرح أن تنفتح على كل متع الحياة؟
برادة: «نعيمة آيت الهنا» تؤمن بما هو علوى وهو ما يعطينا الدين إياه ولكنها وصلت لهذا التعالى عن طريق مختلف بتعلقها بالتخييل فى الواقع من خلال الروايات التى كانت تقرأها، ونعيمة ايضا تمثل شخصية المرأة التى تعد أكثر إيجابية فى التعامل مع الحياة فهى لم تيأس بل تحملت مسئولية تواجه العالم بها بينما الرجل نتيجة لتربيتنا الشرقية يهتز فى المواجهة.
الشروق: لماذا اخترت أوروبا لتعيش فيها.. هل السعى لمعرفة جديدة أم هروب من واقع لا قدرة لك على مسايرته؟
برادة: فى الأساس هو شرط اجتماعى لعمل زوجتى هناك ولديكم مثل يقول بلد الرجل هو بلد زوجته برادة: يضحك برادة ويكمل برادة: إلى جانب إننى استمتع بالإقامة هناك وأنا لست مهاجرا أو فى منفى، وأذهب كثيرا إلى موطنى إلى جانب أيضا أننى أنفتح على العقليات هناك وأستمتع بكل شىء من الموسيقى حتى الطبخ
.
الشروق: عاصرت القاهرة الناصرية والساداتية أيضا، كيف تراها الآن وترى حال المجتمعات العربية؟
برادة: هناك أزمة تعيشها المجتمعات العربية منذ هزيمة 1967، أزمة تدهور، وعجز عن بناء مجتمعات متوازنة وهو الشعور الذى يؤكده الواقع السياسى القائم على الحكم المطلق كما يؤكده تدهور التعليم، ومحاصرة الثقافة الجادة، وإذا نظرنا لمصر باعتبارها رائدة على طريق النهضة العربية منذ نهاية القرن التاسع عشر، نجدها تعيش هذه الأزمة بشدة فى ظل عدم تنظيم ديمغرافى، وانعدام قيام النظام الديمقراطى، وهذا الحال نفسه يتكرر فى تاريخ المجتمعات العربية الأخرى، ورغم أن دول الخليج تمتلك ثروات طائلة، إلا أنها لم تتوصل إلى مجتمع جديد يشخص قيما جديدة بالإنسان العربى تساعده فى اليومى والحاضر.
وبالنسبة لى أعد نفسى محظوظا لأننى عرفت مصر فى الفترة المقترنة بالأمل ما بين 1955 برادة: 1960، واستفدت من سياق النهوض والتطلع إلى نظام عربى ديمقراطى، لكننى تابعت بعد ذلك مسار الانحدار والاختناق وهو الشىء الذى نعيشه فى مجتمعنا المغاربى مع وجود بعض الاختلاف فى التفاصيل.
الشروق: ماذا عن تطوعك فى حرب 56؟ والصيف الذى لن يتكرر بالقاهرة؟
برادة: وقتها كان الهجوم ضاريا على قناة السويس وتطوعت مثل باقى الزملاء العرب، وشئت مشاركة الشعب المصرى الذى يتحدى بريطانيا وفرنسا وإسرائيل، وفعلا جاء صيف 56 يمثل منعطفا مهما جدا فى تاريخ مصر والعالم العربى.
الشروق: منذ 1976إلى 1981 وانت ترأس اتحاد الكتاب المغاربى. كيف أضاف برادة إلى الإبداع من خلال منصبه؟
برادة: لمدة ثلاث دورات وأنا أرأس اتحاد الكتاب المستقل ولأننا كنا فى أزمنة الرصاص، جاء معظمنا بتوجهات يسارية وكنا محاصرين ممن يوالون القصر، لم يكن أمامنا سوى الاعتماد على المجتمع المدنى، وأول ندوة للرواية العربية فى مدينة فاس 1979، أتى صنع الله ابراهيم، وعبدالكريم قاسم، وغالب هلسا وإدوار الخراط، وقتها لم يكن عندنا أى ميزانية فكان الأطباء والمحامون يقومون بتوفير الطعام والإقامة، وهكذا يمكن أن اقول إننى أسهمت مع آخرين فى ربط الثقافة المغربية بالمشرق العربى.
الشروق: هل أبعدتك تلك الفترة عن الكتابة الإبداعية؟
برادة: بالتأكيد أبعدتنى قليلا إلا أننى كنت أعتبر نفسى مناضلا ثقافيا أتكلم، وأحاضر، وأكتب حتى إننى سميت نفسى «كاتب يوم الأحد».
الشروق: كيف ترى المشهد الأدبى بالمغرب الآن؟
برادة: أرى ان هناك تعلقا بالإبداع وإنتاجات لا بأس بها ولكن شروط الترويج لهذا الأدب أصبحت صعبة جدا فى ظل انتشار الأمية من ناحية، ومنافسة وسائل الإعلام من ناحية أخرى، والأزمة السياسية والاجتماعية اليوم، ويضاف إلى ذلك أن الكاتب سواء فى المغرب أو المشرق يجد صعوبة فى ربط علاقته مع قارئ عام 70 أو 90، فقد كنا وقتها نجد جمهورا منتظرا للقراءة ويشجع عليها، ومع ذلك أخذت الكتابة مسارا يعد إضافة لأجيال من المبدعات والمبدعين يتخذون من الكتابة وسيلة للتنفيس والاحتجاج والتعبير عن التجارب والمعتقدات التى نعيشها داخل مجتمعاتنا مقيدين بالسلطة البطريركية.
الشروق: وهل أثر ذلك على شكل الرواية الجديد؟
برادة: شكل الرواية الحديثة فى إبداعها العميق يتيح لنا التعبير عن الشك واهتزاز القيم، والحقائق التى تصبح نسبية فى واقع الحياة، لذلك فالكتابة تأتى لتضع الأسئلة المغلقة، وإعطائها البعد الوجودى أو الانطولوجى. فالرواية يجب أن تنطوى على الوقائع والأحداث ولا يكفى أن تنقله كما هو بدون رؤية تسمح بالتأويل، تشترك فى ذلك الذاكرة والوعى واللاوعى والمستوى الثقافى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.