اليوم.. فتح باب تقليل الاغتراب لطلاب الثانوية العامة    الوادي الجديد تختتم أنشطة المبادرة الوطنية لتمكين الفتيات "دوّي"    قرار جمهوري بإنشاء حساب المشروعات ب10 ملايين يورو مع البنك الأوروبي.. تفاصيل    ارتفاع الجمبري.. أسعار الأسماك والمأكولات البحرية في سوق العبور اليوم    ارتفاع الأسمنت.. أسعار مواد البناء اليوم بالأسواق (موقع رسمي)    "بالم هيلز" تستهدف إطلاق مشروعها الجديد في أبو ظبي بمبيعات متوقعة 300 مليار جنيه    إجراء 3 قرعات علنية للتسكين بأراضي توفيق الأوضاع بالعبور الجديدة.. الإثنين المقبل    بالفيديو.. "الغرف التجارية" تكشف خطة الحكومة لتخفيض الأسعار    قانون الإيجار القديم 2025.. إخلاء الوحدات بالتراضى أصبح ممكنًا بشروط    رئيس هيئة الدواء المصرية يبحث مع سفير ناميبيا لدى مصر تعزيز التعاون فى قطاع الدواء    "عربية النواب" تدين تصريحات نتنياهو عن "إسرائيل الكبرى" وتثمن الموقف المصري    100 منظمة دولية: إسرائيل رفضت طلباتنا لإدخال المساعدات إلى غزة    زوجة "بيليه فلسطين" توجه نداءً عاجلاً إلى محمد صلاح    اليونان تشهد تحسنا طفيفا في حرائق الغابات.. وحريق خيوس لا يزال الخطر الأكبر    الاحتلال يطرح 6 عطاءات لبناء نحو 4 آلاف وحدة استعمارية في سلفيت والقدس    الموعد والقناة الناقلة لمباراة مصر وإسبانيا في بطولة العالم لكرة اليد للشباب    ريبيرو يستقر على بديل ياسر إبراهيم أمام فاركو    خوان جارسيا: لم أتردد لحظة في التوقيع لبرشلونة    موعد مباراة منتخب مصر وإثيوبيا فى تصفيات أفريقيا المؤهلة لمونديال 26    فراعنة اليد في مواجهة نارية أمام إسبانيا بربع نهائي مونديال للشباب    إغلاق حركة الملاحة النهرية بأسوان وأبو سمبل بسبب تقلبات الطقس    "بعد فيديو ال 3 سيارات".. التحقيق مع المتهمين بمطاردة فتاتين بطريق الواحات    خلافات أسرية بين زوجين وسلاح مرخّص.. "الداخلية" تكشف حقيقة فيديو الاعتداء على سيدة بالإسكندرية    اليوم.. جنايات القاهرة تنظر محاكمة عاطلين لحيازتهما الآيس بالوايلي    انطلاق امتحانات الدور الثاني للثانوية العامة السبت المقبل    النيابة تحقق فى مطاردة 3 طلاب سيارة فتيات بطريق الواحات    فيديو.. أحمد سلامة ينتقد تصريحات بدرية طلبة الأخيرة: النقابة بتعرف تاخد أوي حق الممثل والعضو    غدا.. المركز القومي للسينما يعرض أربعة أفلام في احتفاله بوفاء النيل    تطورات الحالة الصحية ل«أنغام»    غدًا .. انطلاق أولى فعاليات مهرجان القلعة فى دورته الجديدة    بعد تعرضها لحادث سير.. ليلى علوي تتصدر تريند "جوجل"    خالد الجندي: حببوا الشباب في صلاة الجمعة وهذه الآية رسالة لكل شيخ وداعية    تقرير دولي يشيد بخطوات مصر في صناعة الدواء.. والصحة تعلّق    تبلغ ذروتها اليوم.. 8 نصائح مهمة من الصحة لتفادي مضاعفات الموجة الحارة    «100 يوم صحة» تُقدم 45 مليونًا و470 ألف خدمة طبية مجانية في 29 يومًا    بسبب أمم أفريقيا.. الأهلي السعودي يسعى للتعاقد مع حارس مرمى جديد    إعلام عبري: الجدول الزمني بشأن خطة العمليات في غزة لا يلبي توقعات نتنياهو    بالأسماء.. حركة محلية جديدة تتضمن 12 قيادة في 10 محافظات    مواعيد مباريات الخميس 14 أغسطس 2025.. 4 مواجهات بالدوري ومنتخب السلة واليد    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الخميس 14 أغسطس 2025    أدعية مستجابة للأحبة وقت الفجر    التايمز: بريطانيا تتخلى عن فكرة نشر قوات عسكرية فى أوكرانيا    شقيقة زعيم كوريا الشمالية تنفي إزالة مكبرات الصوت على الحدود وتنتقد آمال سيول باستئناف الحوار    ياسين السقا يروي كواليس لقائه الأول مع محمد صلاح وأول تواصل بينهم    طريقة عمل مكرونة بالبشاميل، لسفرة غداء مميزة    ناهد السباعي عن انتهاء تصوير «السادة الأفاضل»: زعلانة    في ميزان حسنات الدكتور علي المصيلحي    الأحزاب السياسية تواصل استعداداتها لانتخابات «النواب» خلال أسابيع    الصين تفتتح أول مستشفى بالذكاء الاصطناعي.. هل سينتهي دور الأطباء؟ (جمال شعبان يجيب)    أصيب بغيبوبة سكر.. وفاة شخص أثناء رقصه داخل حفل زفاف عروسين في قنا    كمال درويش: لست الرئيس الأفضل في تاريخ الزمالك.. وكنت أول متخصص يقود النادي    تحذير بسبب إهمال صحتك.. حظ برج الدلو اليوم 14 أغسطس    المركز الإفريقي لخدمات صحة المرأة يحتفل باليوم العالمي للعمل الإنساني تحت شعار "صوت الإنسانية"    البحيرة: ضبط المتهمين بقتل شخصين أخذا بالثأر في الدلنجات    الجامعة البريطانية في مصر تستقبل الملحق الثقافي والأكاديمي بالسفارة الليبية لتعزيز التعاون المشترك    تداول طلب منسوب ل برلمانية بقنا بترخيص ملهى ليلي.. والنائبة تنفي    خالد الجندي يوضح أنواع الغيب    خالد الجندي ل المشايخ والدعاة: لا تعقِّدوا الناس من الدين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(الشروق) فى أحضان قرى مصرية تعيش على جمر الحدود مع إسرائيل
نشر في الشروق الجديد يوم 04 - 09 - 2011

هل خطر ببالك أن تزور الشريط الحدودى الفاصل بين مصر وإسرائيل.. الذى لا تبدأ الحكومة فى تذكره أو حتى وسائل الإعلام إلا مع مقتل جنود أو أفراد مصريين برصاص القناصة الإسرائيليين، الذى بات طقسا معتادا لسكان هذه المنطقة، وحكام المحروسة مهما اختلفت مسمياتهم؟ هل سبق لك سماع اسم قرى مثل «الدهنية» و«شبانة» و«البرث» و«وداى العمر»، التى دفعت وتدفع من حياة أبنائها وحريتهم الثمن الأفدح للتنسيق بين نظام مبارك والصهاينة على الجانب الآخر للحدود؟
نعتقد أن الكثير منا لا يعرف شيئا عن هذه القرى وأبنائها الذين ظلوا يعانون من العدو المرابض على الحدود فى الخارج.. ومن نظام قمعى ذراعه الغليظة تسمى «أمن الدولة» فى الداخل.. الناس فى هذه القرى بسطاء جدا.. فقراء جدا.. مصريون جدا.. توجعهم تهم الخيانة والعمالة للعدو الذى لا يجد حرجا فى اصطياد أبنائهم برصاصاته الغادرة.. واختطافهم فى أحيان أخرى.
«الشروق» زارت قرى الشريط الحدودى بين مصر وإسرائيل.. لتنقل لك معاناة أهالينا الذين يحملون أرواحهم على كرتونة «بضائع» مهربة على أحد جانبى الحدود، بعد أن نسيتهم القاهرة.. وبعد أن باتوا يشكون فى تبعيتهم لوادى النيل.
بمجرد مرورك بخط الحدود جنوبى رفح بالقرب من معبر «كرم أبوسالم» تصلك رسالة على هاتفك المحمول تقول «أهلا بكم فى إسرائيل.. أرض الزيتون».. لتختفى شبكات التليفون المحمول المصرية، ومعها مصر أيضا عن هذه المناطق العزيزة على قلب الوطن، مصر الغائبة عن «نن عينها» تجدها موجودة فى غصن زيتون جف بعد طول انتظار لقطرات من نيلها الطاهر إليه.. فتاة صغيرة تسرح قطيعا صغيرا من الأغنام والماعز.. شيخ سبعينى ما زال يعيش على ذكرياته مع مصر التى خدمها طيلة أيام حرب الاستنزاف.. حيث كان العين التى تبصر بها المخابرات المصرية على العدو الذى ظل يحتل سيناء.
الدهنية.. الحياة على مرمى رصاص الإسرائيليين
على بعد أمتارا من نهاية الشرط الحدودى بين مصر ورفح.. وبداية الشريط الحدودى مع إسرائيل، تقع قرية الدهنية.. أولى القرى الحدودية مع الكيان الصهيونى، وأكثر القرى الحدودية معاناة من الانتهاكات الإسرائيلية للحدود لتسجل فى عام 2008 فقط أربعة قتلى من المدنيين برصاص القوات الإسرائيلية المنتشرة على خط الحدود..
الصورة الأمنية فى القرية يمكن تلخيصها بما قاله نايف سويلم أحد سكان القرية بأنها الحياة على مرمى رصاص الإسرائيليين وظلم الحكومة المصرية.
يقطن سويلم فى منزل يبعد عن سور الحدود 500 متر، ويملك ما حوله من أراض انتزعتها منه الحكومة المصرية عنوة لتنفيذ مخطط بناء الجدار العازل الذى يبدأ من قرية الدهنية حتى الحدود مع رفح.
ولم تكتف الحكومة باقتلاع الزرع من الأرض لتقديمها لخدمة إسرائيل فى بناء الجدار العازل فقط، على حد قول سويلم لكنها اتهمتنا بالعمالة لإسرائيل وبالغت فى تقديم أبشع الصور الذهنية بأننا مهربون المخدرات وسبب كل المشاكل فى مصر، فإذا حدث أى حادث اتهم فيه أبناء سيناء.
رعى الأغنام هى المهنة الأكثر انتشارا بين سكان القرية والتى تعمل بها النساء، فضلا عن زراعات التين الشوكى والبطيخ الصحراوى، والذى تنتج سيدات القرية من بذوره اللب.
يوميا تمشى أم عمر على عربة «كارو» لتبيع بذر البطيخ على معبر رفح فى طرق غير ممهدة يحدها زراعات التين الشوكى، بعد أن اقتلعت الحكومة كل الزراعات بأرضها لبناء الجدار العازل.
لا تنقطع دعوات أم عمر على النظام السابق بسبب خطاياه ضد أهل قرية الدهنية بالتحديد التى تعتبر من الأكثر تضررا من جفاء الحكومة عليهم على حد تعبيرها.
قرية شبانة.. أزمة الثقة مع شيوخ القبائل
هى أكبر القرى الحدودية مساحة وسكانا.. لكن المشهد العام بها لا يوحى بمعنى حقيقى للقرية التى نعتاد عليه.. فهى عشش من الخوص على مسافات متباعدة، ومسجد صغير يحتاج لترميم منذ عشرات السنين، وزراعات على مساحات صغيرة جف معظمها فى الموسم الصيفى.
يقول سعيد عتيق، أحد شباب ائتلاف ثوار سيناء إن الهجمة الأمنية التى قادتها وزارة الداخلية عقب تفجيرات طابا كانت بمثابة تصفية أو إبادة جماعية على حد تعبيره لسكان القرى الحدودية ووسط سيناء، والتى كشفت النقاب عن تعاون مبارك مع الكيان الصهيونى ضد أبناء سيناء.
«نحن هنا ندفع ضريبة سلام وهمى بين دولتين لا تقدران ثمن السلام.. ليضعنا النظام فى موقف كبش الفداء للمساومة فى أى صفقة مع الكيان الصهيوني»، هكذا يعبر سعيد عن الصورة العامة التى يعيش فيها سكان المناطق الحدودية التى تناساها النظام السابق بمزاعم تتحدث عن «عمالة بعض سكانها لليهود».
«أنا شاب لا اعترف بأى شيخ قبيلة صنعته الحكومة، وكان أداة لأمن الدولة، ونعلن جميعا الثورة عليهم وعدم تمثيلهم لنا» تلك كانت صيحة شباب القبائل الذى لخصها سعيد فى رسالته للمجلس العسكرى ضد شيوخ القبائل.
ويواصل سعيد قوله: «أنا عندى هنا أطفال تمشى يوميا نحو 10 كيلو مترات للوصول إلى المدرسة الابتدائية فى أوضاع تعليمية متدهورة، يتواجد فى المدرسة بأكملها عدد لا يتجاوز الثلاثة مدرسين لكل المراحل الدراسة ولكل المواد التعليمية».
ويتحدث سعيد عن والده الذى بنى قرية شبانة عقب خروجه من المعتقل الإسرائيلى بتهمة الجاسوسية حتى توفى عام 1985، ليؤسس الفكر الاشتراكى بعد أن جمع أبناء القبيلة التى تعيش فى هذه المنطقة وقسم الأراضى لكل عائلة 400 متر، لتكون قرية تعاونية، كما تبرع بأرض لبناء مبانى الخدمات الحكومية والتعليمية والاجتماعية، لكنها لم تبن حتى الآن، ليظل وضع القرية منذ 1982 دون تطوير أو إحياء حتى الآن.
«نحن هنا نتمتع باللون الأصفر وإسرائيل تعيش فى الأخضر» هكذا يصف عيد سويلم، مزارع بقرية شبانة تدهور الأوضاع الزراعية رغم توافر المياه الجوفية وخصوبة التربة التى يؤكد أنها أخصب أراضى مصر وأكثرها إنتاجية، لافتا عدم حصولهم على أى مساعدة حكومية سواء للإمداد بالتقاوى أو المساعدة على حفر الآبار، بل تعقيد الإجراءات والمبالغة فى رسوم إصدار التراخيص لحفر آبار الزراعة.
قرية البرث.. الحياة على الأمطار
على طريق موازٍ لخط الحدود مع الأراضى الفلسطينية المحتلة، وعلى بعد 10 كيلو من قرية شبانة، تقع تجمعات متفرقة من البدو يعيشون فى مكان سموه قرية «البرث».
سوق أسبوعى للسلع الغذائية التى تأتى من العريش.. ووحدة صحية متهالكة.. ومدرسة للمرحلة الابتدائية والإعدادية بطاقة 3 مدرسين لكل المراحل التعليمية هى كل مكونات القرية التى يعيش فيها نحو 1500 مواطن من بدو الترابين.
الوضع لن يختلف كثيرا فى «البرث» التى تبعد 12 كيلو عن قرية نظيرتها «شبانة» من خلال طريق العجرة الذى يفصل بين قبيلتى الترابية والسواركة، المشاكل واحدة وصوت المطالب لم ينقطع طيلة السنوات الماضية، لكن تزيد الأوضاع الإنسانية صعوبة لتسجل القرية النسبة الأكبر بين سكانها من الأسرى بالسجون الإسرائيلية، والذين تم اعتقالهم على الحدود بسبب نقل بضائع إلى إسرائيل.
يقول مصطفى الأطرش، أحد شباب قرية البرث، إنه لا يمكن تبرير التهريب إلى إسرائيل لكن الأوضاع الإنسانية الصعبة والبطالة المتفشية بين أبناء القرى الحدودية تكفى لتكون مبررا للبحث عن أى وسيلة للحياة حتى لو كانت هذه الوسيلة هى الطريق إلى الموت أو الاعتقال، فالشاب يحمل روحه وكرتونة البضائع على كتفه ويعبر بها خط الحدود مقابل 150 جنيها، يحصل عليها بعد تسليم البضاعة للجانب الإسرائيلى، وهو يعى تماما خطورة هذا العمل الذى قد تكون نهايته الاعتقال فى السجون الإسرائيلية أو الرجوع إلى قريته جثة هامدة برصاص القناصة الإسرائيليين المنتشرين على خط الحدود.
الأطرش يؤكد أن أبناء سيناء شعروا عقب حرب أكتوبر 1973 وطيلة عهد نظام مبارك بأن عودة سيناء إلى مصر الوطن الأم كان لهم بمثابة العودة إلى زوجة الأب التى مارست ضدهم كل سبل التعنت والتهميش، رغم أنهم خط الدفاع الأول عنها، لتكون سياسات الحكومة على حد تعبيره سياسات حماية للكيان الصهيونى. مضيفا «قد لا تعلم الحكومة أن أراضينا جزء من نطاق عملها.. فتناست أن تصل خدماتها إلى هنا.. فانقطعت الكهرباء والمياه».
فى مسافات متباعدة تتجمع مياه الأمطار سنويا فى «هرابات» صنعها الأهالى من الأسمنت لتجميع مياه الأمطار لتكون مصدر الحياة للشرب والزراعة طوال العام، يقول عيسى سويلم، أحد سكان القرية، «لا أحد يعتنى بجودة المياه أو نقائها.. المهم أنها متوافرة ولو بكميات صغيرة».
سويلم يؤكد تواطؤ أجهزة شركات المياه التى لا تصل خدماتها للقرية، قائلا إن تقديم طلب للحصول على عربة مياه يظل قيد الانتظار لأكثر من 15 يوما إلا إذا كان الطلب «مستعجل» وبرسوم أعلى تصل إلى 150 جنيها للسيارة حتى تأتى وتفرغ محتواها فى «الهرابة» خزان المياه ليكفى أهل القرية نحو 10 أيام.
مشهد شجر الزيتون الجاف والميت هو أبرز ما يميز القرية، ليرسم صورة حزينة بين الأراضى الصفراء التى تختفى فيها المنازل بمعناها المتعارف عليه لتتركز فى «عشة» من الخوص تعيش على نار الفحم ومياه الأمطار.
وفى عشة صغيرة على مساحة 20 مترا، أمام إحدى «هرابات» المياه، يعيش الحاج سليم حسن من قبيلة الترابين، مع أسرة مكونة من 6 أفراد.
«الحياة عندنا تعبانة شوية» بلهجة هادئة وابتسامة تحاول أن ترتسم على وجهه المتجعد يتحدث الحاج عيد عن متاعب الحياة على بعد 3 كم من الحدود مع الأرض المحتلة، وعلى بعد أميال من مقر الحكومة المصرية التى لا تعرف وجود الحاج عيد على أرض مصرية من عدمه.
يقول الحاج حسن «بنعيش على العتمة هنا.. حريمنا بيطبخ على الحطب وبنسقى الغنم من مياه المطر»، يشكى عيد من تعقيد الإجراءات الحكومية للحصول على ترخيص حفر بير للشرب والزراعة قد تصل رسومه إلى 60 ألف جنيه، متسائلا من أين يحصل أى مواطن من سكان القرى الحدودية على هذا المبلغ فى ظل عدم وجود مهنة أو صنعة.
تحصل أسرة الحاج عيد على 10 كيلو «طحين» دقيق شهريا من مديرية التضامن الاجتماعى وهو إجمالى ما يحصل عليه من خدمات حكومية، يعيش عليها فقط بعد خبزها بمياه الأمطار، فضلا عن كميات قليلة من الشعير الذى يزرعه أوقات المطر ويخزنه طوال العام.
تحذير دائم من الحاج حسن إلى أبنائه الخمسة بعدم الاقتراب من الحدود، حتى لا ينضموا لطابور الأسرى أو ضحايا الحدود، قائلا» راضيين بالحياة على القليل ويكفينا مشاكلنا مع قوات الأمن المصرية ولسنا بحاجة للاشتباك مع إسرائيل».
«وادى العمر» مثلث الرعب
بمجرد الخروج من قرية البرث إلى وادى العمر.. تكون قد أنهيت رحلة فى مثلث الرعب الذى روجت له حكومة النظام السابق، بأنه البقعة الأخطر فى سيناء ومقر تجارة المخدرات والسلاح والجماعات الدينية المتطرفة.
على طريق وادى الأزارق الذى يمتد من قرية «البرث» إلى داخل إسرائيل، تقع قرية «وادى العمر» القرية الحدودية الأخطر فى رأى أمن الدولة والتى شهدت مداهمات أمنية ضد البدو فرض خلالها حظر التجوال ودهم العديد من المنازل.
الوضع الإنسانى لا يختلف كثيرا عن باقى القرى الحدودية التى تعيش على مرمى الرصاص الإسرائيلى، ومطرقة الحكومة المصرية التى فرضت المئات من الأحكام الغيابية على سكان القرية.
الأحكام الغيابية هى المشكلة الأكثر حدة بين أهالى وادى العمر.. فما بين 10 و25 عاما تأتى أحكام القضاء المصرى بحق شباب لم يفعلوا شيئا لم يتجاوز معظمهم ال19 عاما.
يقول أحد المحكوم عليهم غيابا الذى رفض ذكر اسمه أن هذه الأحكام كانت بمثابة انتقام من ضباط أمن الدولة ضدنا دون أى وجهة حق، قائلا: «أتحدى أى ضابط أن يثبت عليا تهمة تكون سبب فى الحكم عليا ب15 سنة سجن».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.