«الضعف والخوف» هو ما تعكسه كلمة مخبأ، وهو دائما ما يكون مكانا لاختباء الطغاة عندما تحين نهايتهم، فالديكتاتور عندما تحين نهايته فى الحكم لا يطمئن على نفسه إلا فى مخبأ آمن تحت الأرض للفرار من الجماهير الغاضبة. فرغم أن العقيد الليبى معمر القذافى أقام لنفسه أرقى مجمع سكنى فى باب العزيزية، وأنشأ فيه قصرا فخما لا يقل عن قصور الأباطرة، إلا أنه لم ينس المخبأ اللازم للفرار وقت اللزوم، وفقا لصحيفة جارديان البريطانية أمس. الصحيفة وصفت مجمع باب العزيزية، الذى اقتحمه الثوار قبل أيام، بإحدى قلاع العصور الوسطى، وكان يعتبر رمزا لصمود القذافى فى وجه الولاياتالمتحدة طيلة 25 عاما، فقد وجد الثوار مدافع رشاشة منصوبة كل 50 مترا، وحوائط خرسانية مبطنة بالرخام منقوشا عليها بماء الذهب، وغرف جاكوزى، فضلا عن أبواب فلاذية. وعندما يفكر أى ديكتاتور فى بناء مثل هذا النوع من المخابئ فإن هذا يعنى أنه فقد اتصاله بالواقع، وبات يفكر فى شخصه فقط، رغم أن العيش فى مثل هذه الأماكن قد يدفع إلى الجنون، فهو «مكان يحفره الديكتاتور لنفسه فى الأرض حتى تبتلعه». جارديان عددت بعض المخابئ فى العالم، معتبرة أن أسوأهما هو مخبأ الرئيس العراقى الراحل صدام حسين، الذى عثرت عليه القوات الامريكية فى حفرة تحت الأرض وحيدا ممسكا بالأموال. أما أشهر مخبأ فهو الذى كان يقيم فيه الزعيم الألمانى النازى أدولف هتلر خلال الحرب العالمية الثانية (1939 : 1945)، وكان تحت مبنى مستشاريه الرايخ فى برلين، إضافة إلى مخابئ أخرى فى أماكن نائية بروسيا الشرقية وأوكرانيا، وهى مخابئ تشبه كهوف الإنسان البدائى، وأن معظمها على عمق بنحو 40 قدما. ولا تقتصر المخابئ على الطغاة، خلال القتال بين ألمانيا وبريطانيا كان رئيس الوزراء البريطانى آنذاك وينستون تشرشل يختبئ فى مخبأ، تحت إسطبل خيول، توجد فيه غرفة طعام وغرفة نوم له ولزوجته. على الجانب الآخر من الأطلسى، يوجد نحو 40 مخبأ حفرت فى الجبال على بعد 100 ميل من العاصمة واشنطن كى يستخدمها أعضاء الحكومة والجيش، ويتردد أن بعض هذه المخابئ مخصصة للطائرات العسكرية فى فرجينيا وبنسلفانيا. وفى عام 1994 جعلت كندا أكبر مخبأ، أنشأته فى خمسينيات القرن الماضى للصمود تحت صواريخ السوفييت العابرة للقارات، مزارا للسياح، وقد احتمى فى هذا المخبأ أعضاء الحكومة وقيادات عسكرية ومدنية حينها، كما وضع فيه احتياطى الذهب الكندى. ورغم أن المخبأ مفتوح للسياح إلا أنه جاهز للاستخدام فى أى وقت.