تأتي مناقشة مجلس الأمن، يوم الثلاثاء المقبل (26 يوليو الحالي)، حول إمكانية انضمام فلسطين إلى الأممالمتحدة لتصبح عضوا بالمنظمة الدولية، مع استمرار الحراك الدبلوماسي العربي الفلسطيني على مختلف السبل الدولية، وتجنيد الدعم الدولي للحق الفلسطيني، باعتباره خطوة مهمة في حياة الشعب الفلسطيني وتحولا نوعيا في موقف العديد من الدول، والتي تعترف بدولة فلسطينية على حدود 67. وفي حالة استخدام الولاياتالمتحدةالأمريكية حق النقض (فيتو) في مجلس الأمن تستطيع فلسطين في رأي المحللين التحرك الجاد والتوجه إلى الأممالمتحدة، لنيل مكانة دولة مراقبة في الأممالمتحدة، بل ومواصلة التفاعل مع الدول التي أبدت استعدادها للاعتراف بالدولة الفلسطينية، ومن بينها أعضاء دائمون في مجلس الأمن، بالإضافة إلى إحياء الجبهات السياسية والدبلوماسية التي أهملت في السنوات السابقة، وخاصة القرار الاستشاري لمحكمة لاهاي بشأن الجدار العنصري الإسرائيلي، والنشاط باتجاه الهيئات والمؤسسات القانونية والحقوقية الدولية، من أجل محاكمة إسرائيل على جرائمها ضد الشعب الفلسطيني. وتأتي أهمية العضوية المراقبة لفلسطين كدولة في الأممالمتحدة لإنهاء المزاعم الإسرائيلية بأن الأرض الفلسطينية هي أرض متنازع عليها، وتأكيد جديد لكل قرارات الأممالمتحدة السابقة على أنها أرض فلسطينية محتلة منذ عام 67 بما فيها القدس، وهي الآن أرض الدولة الفلسطينية الواقعة تحت الاحتلال الإسرائيلي والواجب تحريرها، وتمكين شعبها من حقه في تقرير مصيره. كما تأتي أهمية العضوية المراقبة لفلسطين كدولة في الأممالمتحدة لإسقاط الفكرة التي أوجدتها إسرائيل في فلسطين على أساس نظرية إسرائيل بديل لفلسطين، واليهود بديل للشعب الفلسطيني، وإسقاط هذه الفكرة يتأتي في رأي المحللين بتأكيد وتجسيد دولة فلسطين عن طريق اعتراف دول العالم بها وبحدودها أولا، وتعامل المجتمع الدولي معها كشخص من أشخاص القانون الدولي ثانيا. وينبه المحللون على ضرورة الأخذ في الاعتبار بأخطار الأساليب الملتوية وإفشالها، كإضاعة الوقت عن طريق التعديلات وتعديلات على التعديلات على مشروع القرار قيد البحث، حتى نفاد الوقت المحدد، أو تقديم اقتراح بتأجيل البحث في هذه المسألة إلى الدورة القادمة. وتتمثل متطلبات التقدم لطلب العضوية لفلسطين إلى الأممالمتحدة استكمال العناصر الأساسية لتكوين الدولة بتشكيل حكومة الدولة، وهنا يجب الإشارة إلى دولة فلسطين هي التي أعلنها المجلس الوطني الفلسطيني عام 1988، ومرجعيتها الواردة بحيثيات وثيقة الاستقلال، وهي نفس الدولة التي أوصت بها الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها رقم 181 لعام 1947. ويأمل المراقبون في التغيير المطلوب في العلاقات الدولية، بما يسمح للدولة أن تأخذ مكانها الطبيعي كعضو كامل العضوية في المنظمة الدولية، وفي حالة استخدام أمريكا حق النقض (فيتو) فهذا يتطلب في رأي المحللين أن يكون الجانب الفلسطيني متسلحا من حيث ضمان ثلثي أعضاء الجمعية العامة للتصويت إلى جانب القرار الفلسطيني في الوقت المناسب. فهناك توصية الجمعية العامة رقم 377 بتاريخ 3 نوفمبر 1950 تمكن الجمعية العامة أن تقوم مقام مجلس الأمن إذا أخفق الأخير في القيام بمسئولياته الأساسية الخاصة بحفظ السلم والأمن الدوليين بفعل استعمال حق النقض (الفيتو)، فلا يمكن أن يتعرض الطلب للفيتو طبقا للمادة 27 فقره 2 من ميثاق الأممالمتحدة التي تقول: "تصدر قرارات مجلس الأمن في المسائل الإجرائية بموافقة 9 من أعضائه هنا إذا لا يلعب حق الفيتو أي شيء، وهذا ينطبق على القضية الفلسطينية من خلال الاستحقاق في سبتمبر القادم، انطلاقا مما جاء به مضمون توصية كاتب الدولة الأمريكية آنذاك". فالتحليلات القانونية الأمريكية هي التي سمحت للجمعية العامة باتخاذ توصيات هي مبدئيا من اختصاص مجلس الأمن مثل الأزمة الأفغانية، حيث تعذر الأمر على مجلس الأمن في اتخاذ قرار، نظرا لاستعمال حق الفيتو السوفيتي، فطلب من خلال توصية رقم 462 بتاريخ 9 يناير 1980 تدخل في إطار قراراته المتعلقة بالمسائل الإجرائية طبقا للمادة 27 فقرة 2 من الميثاق، وتشير هذه التوصية بطلب اجتماع استثنائي مستعجل للجمعية العامة، إذن استخدام نفس الطريقة الدبلوماسية التي استخدمها خبراء القانون الدولى الأمريكيون يمكن للفلسطينيين الاستعانة بمثل هؤلاء الخبراء في القانون الدولي لتجاوز مشكلة حق الفيتو، كما تجاوزته أمريكا ضد الفيتو السوفيتي في القضية الأفغانية عام 1980، ويستطيع الفلسطينيون بهذا التفوق على الفيتو الأمريكي إذا ما تحركت الدبلوماسية الفلسطينية دوليا في اكتساب دعم وتأييد الدول الأعضاء في الأممالمتحدة. وتفتح العضوية بصفة مراقب للدولة الفلسطينية في الأممالمتحدة أبواب انضمام الدولة إلى جميع الاتفاقيات والعهود الدولية والوكالات المتخصصة، ما يعزز من كيانها السياسي والقانوني والدبلوماسي على الصعيد الدولي. كما أن اعتراف أكبر عدد ممكن من دول العالم على المستوى الثنائي بالدولة الفلسطينية من شأنه تعزيز القناعة لدى المجتمع الدولي بأن دولة فلسطين تملك عنصرا مهما من عناصر تكوينها الإضافية، وهو ما يتصل بالقدرة على التعامل مع دول العالم الأخرى، لتأكيد وجود الدولة الفعلي. يشار إلى أن العضوية الكاملة في الأممالمتحدة تمنح للدولة عددا من الحقوق، مثل المشاركة في التصويت على مشاريع القرارات، ولكن عدم عضوية الدولة في الأممالمتحدة لا يلغي وجود الدولة كدولة، ولا ينقص من شأنها كدولة، مثل جمهورية الصين الشعبية قبل تمتعها بالعضوية في الأممالمتحدة عام 1971 كانت دولة كبرى. وستواصل مصر بعد ثورة "25 يناير" الماضي جهودها خلال المرحلة المقبلة لدعم الموقف الفلسطيني، خاصة بعد أن باءت مساعي اللجنة الرباعية للسلام بالفشل، وأصبح التوجه إلى الأممالمتحدة من المنظور المصري بديلا عن المسار التفاوضي لتعديل الخلل الذي كان قائما على مدى فترة طويلة بين ما يمثله المفاوض الإسرائيلي وما يمثله المفاوض الفلسطيني. وفي إطار تفعيل مبدأ حق الفلسطينين في إقامة دولتهم الحرة والمستقلة، وقع وزير الخارجية المصري محمد العرابي على رسائل مكتوبة موجهة إلى أكثر من 70 دولة لم تعترف بعد بدولة فلسطين، كي تقوم بذلك قبل بدء أعمال الدورة المقبلة للأمم المتحدة، بالإضافة إلى رسائل أخرى للدول التي تعترف بدولة فلسطين، من أجل تثبيت موقفها والحصول على تفهمها. ولكن إعادة إحياء عملية السلام في الشرق الأوسط تبدو بعيدة المنال، في ضوء إصرار إسرائيل واستمرارها في بناء المزيد من العمليات الاستيطانية، ورفض المرجعيات المحددة لعملية السلام، فهي بذلك كما قال كبير المفاوضين الفلسطينيين، صائب عريقات، تسعى لتدمير عملية السلام وخيار الدولتين.