خلافات.. شائعات.. مظاهرات.. هذا هو الحال فى مبنى التليفزيون خلال الأسابيع الأخيرة، حيث انتهت فترة الهدوء النسبى التى تلت رحيل د.سامى الشريف رئيس الاتحاد السابق عن المنصب، وتعيين أسامة هيكل وزيرا للإعلام بمهمة أساسية هى إعادة هيكلة قطاعات ماسبيرو، ولكن كشف تجدد المظاهرات صباح الأربعاء الماضى عن حرب باردة تدار فى الخفاء بين جبهات مختلفة فى ماسبيرو، تسعى كل منها إلى احتلال صدارة المشهد، والتأكيد على أنها من يدير الأمور، وفى الوقت الذى يسعى فيه وزير الإعلام الجديد لتسلم مقاليد الأمور فى ماسبيرو، باتخاذ خطوات نحو استعادة التليفزيون المصرى لبعض من تأثيره المفقود فى الشارع المصرى، من خلال لغة صحفية تميل إلى المحايدة قدر الإمكان، وفتح المجال أمام نقل أحداث الميدان من وجهات نظر مختلفة، فضلا عن إتاحة نقل جلسات محاكمة رموز النظام السابق على الهواء مباشرة، تعمل جهات أخرى على تقليص هذه الصلاحيات، بإثارة الجدل حول أمور بعيدة عن الدور الأساسى لمؤسسة الإعلام الرسمية. وتؤكد مصادر داخل مبنى التليفزيون أن هناك محاولات لإبعاده الوزير عن الصورة، وتقديم اللواء طارق المهدى عضو مجلس الأمناء بدلا منه، خاصة فى الأمور المتعلقة بالحوار مع العاملين فى قطاعات اتحاد الإذاعة والتليفزيون. وقالت المصادر إنه فى المقابل اتخذ هيكل قرارا بتفعيل دور الإدارات الخاصة بالاتصال والصحافة فى الوزارة، واستدعاء بعض العناصر التى كانت فاعلة بهذا المجال فى عهد الوزير السابق أنس الفقى، من الذين شاركوا فى إخراج الوزارة من أزمات عصيبة مثل تظاهرة ماسبيرو الأولى فى مارس 2009، والتى كانت أول خروج للعاملين فى مبنى التليفزيون إلى الشارع. وفى أول ظهور للوزير فى ماسبيرو عبر دوائر الفيديو المغلقة حاول امتصاص حالة الغضب العامة بين العاملين، وتخفيف ضغوط على وزارة الإعلام عن طريق الإعلان عن لائحة جديدة، والتأكيد على أنه جاء للوزارة بمهمة أساسية تتعلق بإصلاح الهياكل الإدارية لقطاعات ماسبيرو، وهى المرحلة التى تتطلب وجود وزير للإعلام لتلك المرحلة. ولكن فوجئ العاملون فى التليفزيون بعد 24 ساعة بالمهدى يعلن عن تصورات للائحة مالية دون الإشارة للوزير الجديد من قريب أو بعيد، ولم ينس المهدى أن يلمح إلى أنه ظل يعمل على تلك اللائحة منذ أكثر من شهر، وأن كان لم يذكر أى شىء عن كيفية توفير الميزانيات، التى يمكن من خلالها صرف المقررات التى ذكرتها اللائحة. وفسره أبناء ماسبيرو هذه الظهور للمهدى بأنه جزء من تلك الحرب الباردة تشهدها أروقة ماسبيرو، والتى يدخل فيها عناصر كانت تلعب أدوارا مشابهة فى عهد الوزير الأسبق صفوت الشريف. وهو ما دفع البعض إلى الاعتقاد بأن شائعة إيقاف تنفيذ اللائحة المالية، والتى أشعلت أجواء ماسبيرو صباح الأربعاء الماضى، كان وراءها بعض الفلول الذين يريدون إيجاد أدوار جديدة لأنفسهم بإطلاق معارك أو إعطاء انطباعات بوجود خلافات بين قيادات ماسبيرو. وفى نفس الوقت تظهر قوى أخرى تحاول أن تبسط نفوذها لتوجيه القرارات الإدارية فى مسارات تراها المصلحة العامة من وجهة نظرها، وتحاول تلك القوى أن تفرض وجودها على المشهد، وهى المتمثلة فى الائتلافات المختلفة التى تشكلت منذ انطلاق الثورة، ومنها ائتلاف ثوار ماسبيرو، الذى هاجم الجميع، ورفض عودة وزارة الإعلام مجددا باعتبار أن تبعية مؤسسة الإعلام للحكومة بمثابة انتكاسة لحرية الرأى والتعبير، وشدد الائتلاف فى بيان له على أن عودة وزارة الإعلام هو قرار ضد إرادة الثورة، بينما أكد بعض عناصر منه على رفض الوضع الحالى والمتمثل فى وجود اللواء طارق المهدى بلا صفة رسمية، مما دفع المسئولين إلى إصدار قرار تسير أعمال للدكتور ثروت مكى رئيس قطاع الأمانة العامة، وذلك باعتباره أقدم رئيس قطاع فى اتحاد الإذاعة والتليفزيون. وحدد الائتلاف مطالبه فى نقاط محددة وهى تعيين شخصية إعلامية مستنيرة فى موقع رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون، وإعلان الاتحاد كمؤسسة إعلامية مستقلة غير تابعة للحكومة، وإعلان خطط التطوير وإعادة الهيكلة بشفافية أمام الشعب المصرى باعتباره المالك الحقيقى للمؤسسة الإعلامية المصرية.