بدأ حياته ضابطا بالجيش السودانى، وانتهى متمردا عليه، ليضع اللبنات الاولى لدولة حلم بها فى غابات الجنوب وهو يقاتل الشماليين، فولدت هذه الدولة بعد رحيله بستة أعوام. وُلِد جونَ قرنق عام 1945 فى وانجلى لأسرة ميسورة من قبيلة الدينكا، انتقلت لتعيش فى تنزانيا، حيث أنهى دراسته الثانوية، ومن هناك إلى الولاياتالمتحدة، حيث نال إجازة فى العلوم عام 1971، ثم عاد إليها بعد ثلاثة أعوام فى دورة عسكرية دامت عامين، ثم انخرط فى الأكاديمية العسكرية بالخرطوم، وانضم إلى الجيش برتبة نقيب. وبعدها أوفد مجددا الولاياتالمتحدة عام 1977، لكن هذه المرة ليعد اطروحة دكتوراه فى الاقتصاد بجامعة أيوا. وفى عام 1981 عاد إلى الخرطوم، حيث شغل عدة مناصب، بينها نائب مدير مركز أبحاث الجيش واستاذ الاقتصاد الزراعى بجامعة الخرطوم. لكن حياته انقلبت عام 1983، فبصفته عقيدا فى الجيش النظامى ارسل قرنق لاحتواء تمرد لقوات الجنوب بالمنطقة التى ولد فيها، فلم يعد من هناك، وتبنى قضية الجنوب وأنشأ الجيش الشعبى لتحرير السودان. وقرنق هو أحد أكثر الشخصيات المتمردة تعقيدا فى قارة مليئة بجميع أنواع التمرد والثورة، وقد قضى بداية حياته المتمردة فى غابات الجنوب، وخلال ثلاثة اعوام جمع عشرة آلاف مقاتل فى حركة منظمة ومجهزة بشكل جيد. ومع بداية تسعينيات القرن الماضى، أصبح عدد حركة التمرد نحو خمسين ألف رجل. وخلال سنوات القتال، بدل قرنق تحالفاته عدة مرات، فقد وقف فى صف السوفييت خلال الحرب الباردة، بينما كانت الخرطوموالولاياتالمتحدة تقيمان علاقات وثيقة، ثم حصل على مباركة الامريكيين فى التسعينيات. وفى التاسع من يوليو 2005، بعد أشهر من توقيع اتفاق سلام «نيفاشا» بين الشمال والجنوب، تولى قرنق منصب نائب أول للرئيس السودانى عمر البشير، لكن لم ينته الشهر نفسه إلا وكان قرنق قد لقى مصرعه فى حادث تحطم مروحية، ليصبح أيقونة لنضال الجنوبيين من أجل استقلالهم عن الوطن الأم.