ودعت الحياة الثقافية الأمريكية أحد مبدعيها الكبار، وهو الفنان جيل سكوت هيرون، شاعر الثورة وصوت الثقافة السوداء، والابن البار لحي هارلم، فيما تتوالى الطروحات والآراء النقدية عن هيرون. فقد رحل هذا الشاعر وفنان موسيقى الراب أخيرا عن الحياة، في مايو الماضي، بعد أن قضى أغلب سنوات عمره ال62 في حي هارلم الشهير بنيويورك، وكان يوصف بأنه من أهم أصوات الثقافة السوداء في الولاياتالمتحدة بفضل إنجازاته، سواء على صعيد الشعر والفن، أو في مجال الإعلام والنضال السياسي، دفاعا عن حقوق الأمريكيين المنحدرين من أصول إفريقية. وتميز جيل سكوت هيرون بالرؤى النقدية اللاذعة في عالم السياسة ومحاربة العنصرية، واشتهر نصه الشعري: "الثورة لن تتلفز"، فيما يصفه الناقد بن سيزاريو بصحيفة "نيويورك تايمز" بأنه كان أحد أبرز أصوات الاحتجاج الثقافي في سنوات السبعينيات من القرن العشرين، وصاحب تأثير لا ينكر على المشهد الشعري للأمريكيين السود. ويطرح جيل سكوت هيرون رؤى طليعية في فن الراب، الذي يعد أحد الفروع الرئيسة لما يعرف في أمريكا بثقافة "الهيب هوب"، ثقافة الأمريكيين الأفارقة الموسيقية، المضادة للعنصرية والظلم والفقر والبطالة. سار جيل سكوت لاهيرون، على خطى ودرب الشاعر الكبير لانجستون هيوز، حيث التحق بجامعة لينكولن في بنسلفانيا، ليعود بعد استكمال دراسته لحيه الأثير هارلم، الذي خرج منه أيضا الموسيقي الشهير لوي أرمسترونج، الذي وصف بأنه "أعظم عازف ساكسفون في القرن العشرين"، وصور أحزان الزنوج في رائعته "أحزان الطرف الشرقي"، وأيضا في هارلم، تعلم مايكل جاكسون الغناء، ليتحول إلى أيقونة أمريكية. ويذكر أن كان جيل سكوت هيرون قد تعرض لوعكة صحية، بعد جولة أوروبية قام بها مؤخرا، ليدخل مستشفى بمنطقة مانهاتن، ويلفظ أنفاسه الأخيرة على مقربة من حي هارلم، الذي أنتج الجريمة والفقر، وعانى من البؤس بقدر ما وهب أمريكا كوكبة من المبدعين السود، وقدم أعظم عازفي موسيقى الجاز وراقصي "ديسكو الشوارع"، وفريق هارلم الفذ في كرة السلة. ومن الطريف أن جيل سكوت هيرون بدأ مسيرته الأدبية المبكرة بكتابة بعض القصص البوليسية، في سنوات المراهقة، قبل أن يدور في فلك الشعر للأبد، فوداعا لشاعر الثورة، وابن حي هارلم.