فى مقارنة بين المناخ السياسى فى تركيا قبل الإنتخابات التى فاز فيها حزب العدالة والتنمية مؤخراً وبين المناخ السياسى فى مصر قبل الإنتخابات البرلمانية فى شهر سبتمبر القادم يقول الاستاذ فهمى هويدى : العلمانية فى تركيا أقرب إلى الدين أو المقدس الذى لا يجوز التراجع عنه وهى فى مصر عنوان يتعلق به بعض المثقفين والسياسيين، فى حين أنه يعد مصطلحا سيئ السمعة بين العامة. فى تركيا الحركة الإسلامية ناضجة ومتطورة ولديها خبرة طويلة بالعمل الاجتماعى والسياسى. وهى فى مصر مربكة ومتعثرة ولاتزال تحبو خصوصا فى مدارج السياسة. وهو تفاوت ناشىء عن ثراء التجربة الديمقراطية فى تركيا. وضعفها الشديد فى مصر.(فهمى هويدى جريدة الشروق12/06/2011). هذا هو بالضبط ملخص ما يحدث فى مصر فيما يمكن تسميته بمرحلة ما قبل الديمقراطية ضعف شديد فى الخبرة السياسية وإستقطاب حاد بين التيارات تصل الى مرحلة الاقصاء السياسى للأخر. وهوما يتعارض مع المفهوم الليبرالى بل والديمقراطى أيضاً الذى يفترض أن هذه التيارات ستصبح فى القريب العاجل شركاء الحكم مهما كانت نسب الاغلبية أوالأقلية. فلن يمر قرار أو قانون فى مجلس الشعب الا إذا أقرته الأغلبية وعدلته الأقلية حتى يصل الى صيغة أو حل وسط يرضى الطرفين فهذه هى الديمقراطية لا يوجد بها حكم مطلق أو رأى مطلق فالمشاركة فى الحكم تماما كالمشاركة فى المعارضة لكل منهم دوره المحدد للمشهد السياسى. يتجلى ذلك الإستقطاب فى التصريحات التى تصدر من التيارات المختلفة فبالرغم من محاولة جماعة الإخوان المسلمين تجميل الصورة من خلال حزبهم الجديد ذى التوجهات الداعية للدولة المدنية ونائب الحزب القبطى والحديث عن حقوق للمرأة.. نجد تصريحات الإخوانى صبحى صالح التى تحث الإخوانى للزواج من إخوانية بدلا من أن يتزوج اى فتاة أخرى من الشارع . ثم كلمة جمعة الوقيعة التى أختارها الاخوان للتعبير عن كل من سوف يشارك فى جمعة 27 مايو الماضى هذا بالإضافة لوصف بعض المنشورات الإخوانية لليبراليين والعلمانيين بالكفر والإلحاد . وفى المقابل يكون الرد الليبرالى دائما مهاجماً متصيداً للأخطاء ومتعمداً إقصاء التيار الدينى برمته كأن ما يعبر عنه صبحى صالح او محمد حسين يعقوب هو ما يمثل التيار الدينى رغم إختلافاتهم الجذرية. وقد يتطور الرد ليصل لدرجة السب والاتهام بالتخلف والرجعية وذلك دون البحث عن أرضية مشتركة للحوار أوالوصول الى حلول وسط فى القضايا الخلافية تقتضيها الديمقراطية التى ننشدها جميعاً . نفس الشىء ينطبق على تصريحات صدرت من المستشار يحى الجمل وصفها البعض بالعيب فى الذات الإلهية رغم حسن نية الرجل ولكن المشكلة تكمن فى طريقة التعبير واحترام معتقدات الأخريين مهما إختلفنا معهم، وليس بعيداً عن ذلك الرسم الكاريكاتيرى لأحمد رجب ومصطفى حسين والذى كان فيه شىء من السخرية من النقاب واللحية وبعض الأشكال السلفية وهى بالطبع لا تليق إحتراماً لمعتقداتهم برغم الإختلاف . أما على الفيسبوك فالمواجهة بين الليبراليين والتيار الدينى تصل الى حد الشتائم والتكفير والإستقطاب الحاد والذى تجلى مثلاً فى قيام بعض الناشطيين الليبراليين بالرد على حملة المليون لحية قبل رمضان والتى أطلقها السلفيين بحملة مضادة بمليون مايوه بكينى مما يعطى إنطباعاً بشىء من السطحية عند الفريقين لا تتناسب إطلاقاً مع أمة تعاد صياغتها من جديد بعد سنوات من الضياع والتردى.. فعفواً لكلا الفريقين مصر تحتاج التفكير فيما هو أهم من اللحية والمايوه البكينى.. مصر تحتاج لحملة بمليون بحث علمى أو مليون إختراع أو مليون برنامج كمبيوتر. هذه هى لغة هذا العصر التى يجب أن يتوافق عليها الليبرالى والاخوانى ..اليسارى والسلفى رغم إختلافاتهم العقائدية او السياسية لابد من أرضية مشتركة تتثمل فى مشروع نهضوى يشارك فيه جميع التيارات حتى نصل الى حلول مشتركة لجميع المشاكل التى تواجهها مصر. لا نريد للمجلس القادم ان يناقش قضايا تتعلق بحذف مشهد ساخن فى فيلم او جملة مسيئة فى رواية.. نحن نريد مجلس شعب يراعى مصالح الشعب ويخطط لنهضة حديثة ومشروعات قومية تضع مصر فى المقدمة كما يجب أن تكون .