يسخر كتاب (مذكرت عربجي) الذي نشر قبل أكثر من 90 عاما من انتهازيي الثورات الشعبية وفي مقدمتهم "الشخصيات الجوفاء" على مسرح السياسة كما ينتقد بقسوة نماذج بشرية يود أن ينزل على وجوهها بالسوط. والفصول التي نشرت مسلسلة في مجلة (الكشكول) بعد الثورة الشعبية في مصر عام 1919 صدرت في كتاب عام 1922 وتستعرض المجتمع بعد ثورة 1919 برصد مفارقات تثير استياء المؤلف الذي اتخذ شخصية حوذي يقول "لو أتيح لي أن أستعمل بدلا من القلم كرباجي (السوط) إذا لقدر الله لوجوه كثيرة أن ينزل عليها مفرقعا في الهواء تاركا أثرا أسود على خدود ليس للدم فيها أثر". ومن أمثلة الانتهازيين السياسيين الذي يتناولهم الكتاب مسؤول دخل عالم السياسة مع المنادين باستقلال مصر عن الاحتلال البريطاني وبدأ حياته رافعا شعار "لا رئيس إلا سعد" إشارة إلى الزعيم سعد زغلول وتحول إلى شعار "عدلي فوق الجميع" يعني عدلي يكن رئيس وزراء مصر الأسبق ثم انتقل إلى مرحلة ثالثة شعارها "لا حياة إلا لثروت" في إشارة إلى عبد الخالق ثروت رئيس وزراء مصر الأسبق. ويرجح أن نهاية هذا المسؤول ستكون بشعار "لا رئيس إلا ما تقتضيه الأحوال". ويسجل المؤلف الذي تقمص دور الحوذي أن عربته الخشبية كم حملت وسط الصياح أحد المنادين "بالاستقلال التام" إلى موعد بينه وبين "وليفة وطنية" ويأمرانه بالسير بعيدا عن زحام القاهرة "ليتشاكيا الغرام والنواح والألم على حساب القضية". ويشبه انتهازيي السياسة والثورات بالذين "يتشعبطون في الترام" ويتشدقون بشعارات منها "تحيا الحرية.. يحيا الاستقلال التام" وهي شخصيات "تستحق الموت الزؤام" لأن لهم أغراضا أخرى لا علاقة لها بالقضية الوطنية. وأعادت سلسلة (ذاكرة الوطن) التي تصدرها الهيئة العامة لقصور الثقافة بمصر نشر الكتاب الذي يقع في 81 صفحة متوسطة القطع. وقال مدير تحرير السلسلة الشاعر طارق هاشم إن الكتاب يسجل صفحة من التاريخ الاجتماعي والسياسي واعتبره جزءا من الذاكرة الشعبية المصرية. وقال رئيس تحرير السلسلة الشاعر أسامة عفيفي إن مؤلف الكتاب هو الممثل سليمان نجيب (1892-1953) مستشهدا على ذلك بما سمعه من الكاتب المصري الراحل محمود السعدني والمؤرخ الفني الراحل كمال النجمي. وأضاف أن الشاعر الراحل صالح جودت خصص في كتابه (ملوك وصعاليك) فصلا عنوانه (الجنتلمان الذي كتب مذكرات عربجي.. سليمان نجيب).