جميل أن يفتح وزير الثقافة الدكتور عماد أبوغازى تحقيقا فى فضيحة إزالة اسم الشهيد أحمد بسيونى الفنان التشكيلى من غلاف كتيب المعرض الخاص به فى بينالى فينيسيا. وأحمد بسيونى هو أحد شهداء ثورة 25 يناير، سقط برصاص القناصة وهو يوثق الجرائم ضد الثوار، تاركا خلفه اثنين من الأبناء وزوجة شابة و32 عاما من العمر أنجز خلالها رسالة الماجستير وعمل مدرسا مساعدا بقسم الرسم والتصوير فى كلية الفنون الجميلة، وكل ما بقى من هذا الفنان الجميل لأسرته «جاكيت» أحضره أحد المتظاهرين استدلت من خلاله على جثته. وباقى القصة كما يروى شباب ائتلاف الثقافة المستقلة أن زملاءه ومحبيه أخذوا على أنفسهم تكريمه فى بينالى فينيسيا الدولى، بوضع اسمه وصورته وملخص عن مسيرته الفنية فى كتالوج الأعمال المصرية المشاركة فى البينالى عبر قطاع الفنون التشكيلية، حيث شاركت مصر بمشروع «30 يوما من الجرى فى المكان» الذى أعده الشهيد أحمد بسيونى. غير أن رئيس قطاع الفنون التشكيلية وحسب «ائتلاف الثقافة المستقلة» أقدم على إزالة اسم الشهيد وإضافة اسمه هو وصورته الشخصية وكتابة مقال يحمل توقيعه باللغات العربية والإيطالية والإنجليزية إلى الكتالوج، الأمر الذى اضطر فريق العمل المصرى إلى طباعة ملصق باسم بسيونى وإضافته إلى الكتالوج. وقد دافع رئيس قطاع الفنون التشكيلية عن تصرفه عبر الفضائيات والبيانات والتصريحات زاعما أن التقاليد المتبعة فى البيناليات أن يحتوى غلاف المطبوعة المشاركة على اسم الدولة واسم البينالى واسم المشروع، ولم يقدم تفسيرا لإزالة اسم الشهيد صاحب المشروع، ولم يقل لنا مثلا هل طلبت الدولة المنظمة محو اسم الشهيد صاحب العمل أم أن المسألة كانت اجتهادا شخصيا منه، باعتباره الوصى على تقاليد البيناليات الدولية الرفيعة، حتى ولو اقتضى الأمر، قتل اسم الشهيد، بعد أن قتله القناصة فى ميدان التحرير يوم 29 يناير؟ وكل هذه الملابسات المخجلة دفعت «ائتلاف الثقافة المستقلة» لاتهام رئيس قطاع الفنون التشكيلية بالفساد الإدارى لقيامه بإضافة مقال باسمه وصورته الشخصية، على الكتالوج.. وهى مسألة مدهشة ومستفزة للغاية، إذ كيف تسمح التقاليد البينالية العريقة بهذا التصرف، ولا تسمح بوجود اسم صاحب المشروع الفنان الشهيد؟ نحن إذن أمام حالة «وفاء نادر» لروح شهيد فنان، مارسها رئيس قطاع الفنون التشكيلية، بمنتهى الفروسية والنبل، حين أزاح اسم بسيونى من فوق الغلاف، ووضع اسمه، احتراما للتقاليد! وأخشى أن أقول أن هذا صار تقليدا تمارسه الدولة مع شهداء الثورة المصرية، فنانين وغير فنانين، بدءا من بهدلة جثثهم فى المشرحة، مرورا بإهانة ذويهم فى الرحلة المضنية لإثبات أنهم شهداء، وليس انتهاء بالعتامة التى تخيم على المطالب الشعبية بإطلاق أسمائهم على الشوارع والمدارس. وقبل الشهيد أحمد بسيونى، كان الشهيد زياد بكير، الفنان التشكيلى أيضا الذى تعرضت جثته لأبشع أنواع «التقاليد» ولا يعلم أحد حتى هذه اللحظة من الذين قتلوه ولماذا وأين.. كل ما نعرفه أن أسرته تلقت اتصالا للتوجه إلى استلام جثته من المشرحة. مرة أخرى جميل أن يحقق وزير الثقافة، لكن الأجمل أن يتم إطلاق أسماء الشهداء من الفنانين على قاعات الفنون التشكيلية فى مصر، وهذا أقل ما يمكن فعله وفاء لأرواحهم.