أكد جمال فهمي، الصحفي والإعلامي أن "غباء الأنظمة السياسية بالتاريخ، هم ومن على شاكلتهم من متحولي الإعلام بعد الثورة، أنساهم أن الكلمة باقية إلى الأبد، وأن الكلمة التي قالوها في يوم من الأيام، لن تضيع بمرور الزمن"، وذلك من خلال الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة، والذي أقيم في ندوة بساقية الصاوي، أدارها المهندس محمد عبد المنعم الصاوي، وحضرها "ياسر عبد العزيز" الكاتب والخبير الإعلامي ومستشار هيئة "بي بي سي" في الشرق الأوسط، أمس الثلاثاء، بقاعة النهر. وقال فهمي: إن "الاحتفال بتلك المناسبة له طعم مختلف هذا العام، فبحكم منصبي ومسؤوليتي عن ملف الشؤون العربية والعلاقات الخارجية بنقابة الصحفيين، كنت دوما أطّلع على التقرير الذي يعلن من القاهرة منذ 6 أعوام، والذي تصدره المنظمات الدولية الصحفية، والخاص بانتهاكات حرية الصحفيين، وأن مصر تحتل مكانا متميزا من قائمة منتهكي الحرية، بل قد تتصدرها أحيانا، ولكن المفاجأة أن هذا العام هو العام الوحيد الذي يشهد خلو القائمة من مصر، ولم يعلن التقرير أي تسجيل لانتهاكات الحرية الصحفية هذا العام"، مؤكدا "أننا كنا في حرية مقموعة صورية، قد حصلنا عليها بكثير من النضال، فقد كنا في غابة هائلة من التشريعات تكاد تحرم الفرد من حق التنفس". وأضاف أنه: "بعد الغزو الأميركي للعراق، أصبحت مصر من أكثر المناطق التي يحدث لها قتل للصحفيين"، مضيفا أن الصحافة قد ساهمت في قافلة الشهداء خلال ثورة يناير، والذي فرش شهداؤها الطريق لمستقبل أكثر إشراقا". مضيفا، أن "البعض قد يرى هذا على أساس أن الأمور لم تستقر بعد، ولكنني أفسرها على أن الوضع كان يشبه مريضا، وقد تم شفاؤه ما ابتلاه به الله من المرض". وأشار إلى بعض أساليب القمع للصحفيين خلال الفترة السابقة والتي تنوعت بين تهديد الناشر، وتهديد صاحب دار النشر، إلى تلفيق القضايا والتزوير وإطلاق الشائعات، إلى عدم الرد و"تكبير الدماغ، وقد جاء هذا على نافوخهم" على حد تعبيره. وقال: إن "وجود الحرية لدى الشعب يخلق ما يسمى بالاتجاهات المتنوعة، والتي تعبر عن الرأي العام، وقد تصور النظام أن حرية الكلام عندما لا يقابلها أية ردة فعل قد تصيب المتحدث بالإحباط، وهو ما قد يحدث أحيانا". وأكد أن "المطالبة والاعتصامات التي تطالب بحرية الصحافة ليست مطالب فئوية، لأنها ليست تعبيرا عن حرية الصحفيين فحسب، وإنما هي تعبير وحق للشعب بأن يتمتع بمنابر حرة تقول وتنشر ما يدور في خاطره". لا يوجد رابط بين الحرية ومستوى الكفاءة الإعلامية وقال ياسر عبد العزيز: إن "وجود الحرية في أية فاعلية إنسانية، هي الدافع إلى الأمام، ولكنها في الإعلام تختلف، فهي أحد الشروط فقط للحصول على مؤسسة إعلامية قوية، والدليل أن أقوى المنظومات الإعلامية المعروفة في العالم، كصحف (النيويورك تايمز)، و(واشنطن بوست)، و(التليجراف)، و(الجارديان)، و(لوفيجارو) إنما هي مؤسسات إعلامية في دول كالولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا إنما تقع في دول تقل فيها مستويات الحرية عن الدول الأكثر شفافية وحرية، فنحن لا نعرف أسماء صحف فنلندا ولا اليابان ولا الدانمارك ولا سويسرا ولا غيرها، فالمنظومة الإعلامية لا تحتاج فقط الحرية، وإنما الحرية شرط لإنجاح هذه المنظومة". كيفية بناء منظومة إعلامية قوية وأشار عبد العزيز إلى أن الشروط التي يجب توافرها لإنجاح المنظومة الإعلامية عدة أشياء، أهمها: حرية التعبير، والتنظيم الذاتي، فهي كيان مستقل يعرف سياسته التحريرية الواضحة، والرقابة والمتابعة الذاتية النابعة من داخل الكيان الصحفي والأخلاقي لمهنة الصحافة"، وأشار إلى اعتذار صحيفة قوية عن نشرها لتخمينات لمبلغ ثروات مبارك في بنوك دولتها، قائلا: "حتى وإن كنا نعرف الحقيقة، ومتأكدين منها يجب أن ندعم الخبر بمصادر ووثائق". وأكد كل من جمال فهمي وياسر عبد العزيز ومحمد الصاوي، أن "حالتنا تشبه حالة من استأصل ورما خبيثا، يجب عليه في فترة النقاهة أن يتحمل الألم، وفي هذه المرحلة الانتقالية –فترة النقاهة- لا يقاس كل شيء فيها لأنها حالة خاصة، ولكننا نستطيع أن نجزم أن سقف الحرية الصحفية في مصر قد ارتفع، متمنين أن يدوم الارتفاع وأن يعلو أكثر وأكثر. وفي نهاية الحوار، أكد جمال فهمي أن "الجيش المصري من أفضل خيارات النظام السابق، بالرغم ما يقال عنه، وما قد يأخذه البعض عليه تباطؤا في الإجراءات، مؤكدا أنه يحتوي على مخزون عال من القيمة الوطنية والعقائدية أفضل من كل المؤسسات الأخرى في عهد النظام السابق، وليس المطلوب منا محاكمته، بل الضغط عليه بأسلوب راق ومحترم ومهذب للاستجابة السريعة لتحقيق مطالب الثورة".