تفاصيل فعالية تركيب وعاء ضغط المفاعل للوحدة النووية الأولى بمحطة الضبعة بمشاركة السيسي وبوتين    التعليم العالي: اعتماد عقود 44 شركة ناشئة ضمن برنامج GEN Z    قفزة مفاجئة فى سعر الذهب اليوم وعيار 21 يستهدف 5500 جنيه    ضمن مشروع تطوير شامل، أنظمة إطفاء صديقة للبيئة في مطار القاهرة    وزير التموين: توافر السكر الحر بالمجمعات الاستهلاكية بسعر 28 جنيهًا للكيلو    إزالة تعديات وإسترداد أراضي أملاك دولة بمساحة 5 قيراط و12 سهما فى الأقصر    رئيس جهاز الثروة السمكية: صحة المصريين تبدأ من الطبيب البيطرى.. حارس الأمن الغذائي للبلاد    تطوير شامل لمنظومة الإطفاء بمطار القاهرة بالتعاون مع البيئة وسلطة الطيران    318 مليون شخص يواجهون مستويات كارثية، برنامج الأغذية يحذر من أزمة جوع عالمية    روسيا: أوكرانيا تستخدم صواريخ أتاكمز الأمريكية طويلة المدى مجددا    شقيق إبستين: كان لدى جيفري معلومات قذرة عن ترامب    "السيسي وبوتين".. صداقة متينة وتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين مصر وروسيا    أول رد فعل من مصطفى محمد على تصريحات حسام حسن    موعد مباراة المغرب والبرازيل في ربع نهائي كأس العالم للناشئين    الأهلي يحصل على موافقة أمنية لحضور 30 ألف مشجع في مواجهة شبيبة القبائل    حقيقة عودة كهربا إلى الأهلي في يناير    ضبط تشكيل عصابي لسرقة الدراجات النارية بكفر الشيخ عقب تداول فيديو    الأرصاد تكشف موعد ذروة ارتفاعات درجات الحرارة وتحذر القاهرة تتجاوز 30 درجة    محمد صبحي يغادر المستشفى بعد تماثله للشفاء    حسام حبيب لتامر حسني بعد أزمته الصحية: ربنا يطمن كل حبايبك عليك    هيئة الدواء: لدينا مخزون خام يكفي لإنتاج 400 ألف عبوة من الديجوكسين    وصفات طبيعية لعلاج آلام البطن للأطفال، حلول آمنة وفعّالة من البيت    ارتفاع عدد مصابي انقلاب سيارة ميكروباص فى قنا إلى 18 شخصا بينهم أطفال    أسطورة ليفربول يكشف مفاجأة عن عقد محمد صلاح مع الريدز    الإسماعيلي يكشف حقيقة طلبه فتح القيد الاستثنائي من فيفا    قصور ومكتبات الأقصر تحتفل بافتتاح المتحف المصرى الكبير.. صور    جامعة قناة السويس تحتفي بأبطالها المتوجين ببطولة كأس التميز للجمهورية    رئيس الأركان يعود إلى أرض الوطن عقب مشاركته بمعرض دبى الدولى للطيران 2025    بث مباشر.. بدء مراسم وضع هيكل الاحتواء لمفاعل الضبعة النووية    نورا ناجي عن تحويل روايتها بنات الباشا إلى فيلم: من أجمل أيام حياتي    المصرية للاتصالات تعلن اكتمال مشروع الكابل البحري 2Africa    وزير الري يلتقي عددا من المسؤولين الفرنسيين وممثلي الشركات على هامش مؤتمر "طموح إفريقيا"    ما هو فيروس ماربورج وكيف يمكن الوقاية منه؟    الزمالك يستقر على موعد سفر فريق الكرة لجنوب أفريقيا    هشام يكن: أطالب حسام حسن بضم عبد الله السعيد.. وغير مقتنع بمحمد هاني ظهير أيمن    مقتل 6 عناصر شديدى الخطورة وضبط مخدرات ب105 ملايين جنيه فى ضربة أمنية    نجاح كبير لمعرض رمسيس وذهب الفراعنة فى طوكيو وتزايد مطالب المد    كارثة طبيعية يُعيد اكتشاف كمال أبو رية بعد 40 عاما من مشواره الفني    تعرف على أهم أحكام الصلاة على الكرسي في المسجد    مصرع 3 شباب في تصادم مروع بالشرقية    الصحة تغلق 11 مركزًا غير مرخص لعلاج الإدمان بحدائق الأهرام    حزب الجبهة: متابعة الرئيس للانتخابات تعكس حرص الدولة على الشفافية    إقبال واسع على قافلة جامعة قنا الطبية بالوحدة الصحية بسفاجا    بريطانيا تطلق استراتيجية جديدة لصحة الرجال ومواجهة الانتحار والإدمان    حريق هائل يلتهم أكثر من 170 مبنى جنوب غرب اليابان وإجلاء 180 شخصا    صيانة عاجلة لقضبان السكة الحديد بشبرا الخيمة بعد تداول فيديوهات تُظهر تلفًا    إطلاق أول برنامج دولي معتمد لتأهيل مسؤولي التسويق العقاري في مصر    جيمس يشارك لأول مرة هذا الموسم ويقود ليكرز للفوز أمام جاز    ندوات تدريبية لتصحيح المفاهيم وحل المشكلات السلوكية للطلاب بمدارس سيناء    «اليعسوب» يعرض لأول مرة في الشرق الأوسط ضمن مهرجان القاهرة السينمائي.. اليوم    أبناء القبائل: دعم كامل لقواتنا المسلحة    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    شهر جمادي الثاني وسر تسميته بهذا الاسم.. تعرف عليه    دينا محمد صبري: كنت أريد لعب كرة القدم منذ صغري.. وكان حلم والدي أن أكون مهندسة    حبس المتهمين في واقعة إصابة طبيب بطلق ناري في قنا    آسر نجل الراحل محمد صبري: أعشق الزمالك.. وأتمنى أن أرى شقيقتي رولا أفضل مذيعة    داعية: حديث "اغتنم خمسًا قبل خمس" رسالة ربانية لإدارة العمر والوقت(فيديو)    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 18نوفمبر 2025 فى المنيا....اعرف صلاتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثورات العرب وسهم العدو الأخير
نشر في الشروق الجديد يوم 03 - 04 - 2011

بدأ رد أعداء الثورة العربية العامة عليها. لقد خسرت الولايات المتحدة مصر، وبخسرانها اكتمل الحصار المشرقى على إسرائيل، وهى تريد تعويض ذلك بإشعال فتنة طائفية بين العرب وإيران، كما تحب أن ترى حربا أهلية فى لبنان أو سوريا أو كليهما، وإن لم نتيقظ لهذا الخطر نكن كالأفغان الذين ما إن طردوا الاحتلال الروسى من بلادهم حتى انقلبوا يقتل بعضهم بعضا، ثم استبدلوا احتلالا باحتلال.
كنت كتبت قبل الثورة أن حلفا مضادا للولايات المتحدة وإسرائيل يتكون فى المشرق، فإيران وسوريا ولبنان فيه، والعراق مائل شرقا لا محالة لأسباب ديمغرافية وسياسية ولقلة حيلة الأمريكيين بعد ما جرى عليهم هناك، وفلسطين غلب المعسكر المقاوم فيها المعسكر المسالم، فظهر أن غزة تستطيع أن تحارب بدون رام الله لكن رام الله لا تستطيع أن تعقد اتفاقية سلام نهائية بدون غزة ولو عقدتها فلن تستطيع تنفيذها، وتركيا غير معادية لهذا الحلف لتشابك مصالحها مع كل من إيران وسوريا حيال المسألة الكردية ولطبيعة حكومتها الشعبية ولرغبتها فى توسيع نفوذها جنوبا بعد أن سدت أوروبا أبوابها أمامها. ولم يكن يساند الولايات المتحدة الأمريكية من دول المشرق الكبرى قبل الثورة إلا مصر والمملكة العربية السعودية، فحين سقط حسنى مبارك، بقيت السعودية وحدها خاسرة نفوذها فى العراق والشام، وغير آمنة على نفوذها فى اليمن، بل وداخل حدودها الشرقية، فأصبحت تبذل جهدها كله فى حماية نفسها وليس لها فضلة جهد لحماية مصالح الولايات المتحدة.
لهذا أصاب الولايات المتحدة الفزع من الثورة المصرية، ومما زاد من هذا الفزع انعدام قدرة الأمريكيين على منعها، وإدراكهم أنهم لو حاولوا ذلك لعجلوا بتشدد المصريين ضدهم. فاختاروا أن يقفوا موقفا محايدا، ثم أن يدعموا الجيش المصرى ظانين أن المعونة العسكرية والتسليح كافيان لضمان مصالحهم وتأثيرهم على حكام البلاد الجدد.
غير أن الأمريكيين يدركون كذلك أنهم وإن قدروا على حماية شيء من مصالحهم فى مصر فإنهم لن يقدروا على حماية إسرائيل. صحيح أن اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل تمنع الجيش المصرى من حشد قواته فى سيناء أو تسليحها تسليحا كاملا، وصحيح أن المعونة الأمريكية لمصر مشروطة ببقاء اتفاقية السلام مع إسرائيل، ولكن العقيدة القتالية للجيش المصرى ما تزال ترى فى إسرائيل العدو الأول والتهديد الرئيسى لمصر، وهذا طبيعى فإسرائيل دولة نووية على الحدود احتلت الأراضى المصرية مرتين وخاضت ضد مصر أربع حروب كبرى وحرب استنزاف، ولا يمكن أن يقنع أحد الجيش المصرى أن التهديد الحقيقى يأتى من قبرص أو ليبيا أو السودان مثلا. وإن كانت الاتفاقية تمنع تسليح سيناء فإنها لا تمنع تسليح غزة، بل إن غزة ستكون نقطة الردع والدفاع الأولى عن سيناء حيث أنها أكثف المدن فى المنطقة سكانا وتمردها ضد الجيش الإسرائيلى يستهلك الكثير من موارده العسكرية، وحتى إن فكرت القوات الإسرائيلية فى حال الحرب أن تتجاوز غزة فإن قربها من اللد والرملة وعسقلان وتل أبيب يضع ضغطا سياسيا على الجيش الإسرائيلى أن يرتد لحماية العمق فى حال تحسنت قدرات غزة الصاروخية لتصبح قريبة من القدرات الصاروخية لحزب الله اللبنانى مثلا. إسرائيل والولايات المتحدة تعرفان ذلك وتعرفان أنهما لا تقدران على منعه إلا بإرباك القاهرة وشق صفوف الثوار المصريين وتعزيز اختلافاتهم وإفزاع بعضهم من بعضهم الآخر.
والخطة الأخرى التى ترى فيها كل من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل حماية لمصالحهما فى المنطقة هى إشعال نيران الفتنة الطائفية بين المسلمين والمسيحيين أو بين المسلمين السنة والشيعة، أو بين العرب والإيرانيين. وهذه الفتن وإن تعددت منابعها فالمستهدف الأول منها بر الشام، ليلتهى فيه الكل بالكل ويقتل كل أخٍ أخاه وتسلم إسرائيل. والحكام العرب فى خوفهم الأعمى على عروشهم لا يتورعون عن تحويل أية ثورة ضدهم إلى حرب أهلية أو فتنة طائفية بغض النظر عما يعنيه ذلك من خراب لبلدانهم وللثورات العربية الأخرى.
وقد بدأ الشر من ليبيا والبحرين، أما ليبيا ففيها رجل من أغرب الناس منظرا ومخبرا، وإنك حين تولى رجلا فى السادسة والعشرين من عمره أمر شعب كامل ويبقى فى الحكم بعدها أربعين سنة فلا بد أن يجن وأن يظن نفسه فيلسوفا ومهندسا وطبيب نساء وداعية دينيا وثوريا اشتراكيا وملكا إفريقيا وخليفة فاطميا وأديبا روائيا مكرا مفرا مقبلا مدبرا معا.
لكن هذا الحاكم المغرى بالفكاهة السوداء أضر بنا جميعا حين استورد جيشا من المرتزقة يطلقون النار على الناس عامدا متعمدا تحويل الثورة الشعبية ضده إلى حرب أهلية. وفى البحرين أيضا استورد النظام الحاكم قوة لحمايته، وزاد فى الشر أنه حول الثورة إلى فتنة طائفية، مهددا مرة أخرى بإشعال العالم العربى كله وإشغاله بنزاع عقيم بين سنته وشيعته لا يمكن أن ينتصر فيه أحد. لقد تصرف كل من حكام ليبيا والبحرين بدافع من حماية الذات، ولكنهم فى اندفاعهم هددوا العالم العربى كله بسوابق الفتنة الطائفية والحرب الأهلية والتدخل الأجنبى. وهذه السوابق كلها كما قلت موجهة بعمد أو عن غير عمد لبر الشام، لأن بر الشام محيط بإسرائيل وهو واسطة العقد فى الحلف المقاوم. وواجب علينا جميعا فى سوريا ولبنان والأردن أن نحمى أنفسنا من فتنة بين فلسطينى وأردنى أو سنى وعلوى أو سنى وشيعى أو مسلم ومسيحى، وعلينا أن نعلم أن بعض الحكام سيدفعون شعوبهم دفعا إلى مصير ليبيا والبحرين لقصر نظرهم التاريخى والجغرافى، والمسؤولية واقعة علينا نحن أن نعصم أنفسنا من ذلك، وبدلا من أن نتلقى رسائل ليبيا والبحرين فلنتلق رسالة اليمن. والحقيقة أن الثورة اليمنية باهرة فى جمالها، ففى اليمن طوائف وقبائل وشمال وجنوب ودماء جرت بين الناس واليمنيون مسلحون جميعهم ورغم ذلك فشلت كل محاولات النظام والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية فى تحويل الثورة الشعبية إلى حرب أهلية أو فتنة طائفية تؤديان إلى التدخل الأجنبى، وأكاد أجزم أن اليوم الذى قتل فيه الرئيس اليمنى خمسين متظاهرا إنما أراد من ورائه تحويل الثورة إلى صراع عسكرى وأن يتحرك نصف الجيش ضده فيستورد جيشا سعوديا لحمايته ويعيد قصة البحرين وليبيا.
لقد بدأ رد أعداء الثورة عليها ولكن شعوبنا أهل لها فالثوار الليبيون لن يكونوا حلفاء للولايات المتحدة وإن ساعدتهم، والمتظاهرون فى الأردن لم يتفرقوا فلسطينيين وأردنيين رغم ما جرى عليهم، والمتظاهرون فى درعا واللاذقية يعرفون أن الطائفية والحرب الأهلية خيانة لدماء شهدائهم وأن كل صديق لإسرائيل والولايات المتحدة عدو لهم وإن أبدى لهم وجها بشوشا، وأن عدو إسرائيل العابس خير من صديقها البشوش وإن كانت البشاشة خيرا من العبوس، وليت الحكومات تدرك أن الشعب المقاوم جدير بالثقة والحرية وأنهم لا يمكن أن يقاوموا العدو إلا به، وأن كل ضابط يطلق النار على غير إسرائيل فى بر الشام يعرض كل ما أنجزته الثورات العربية للخطر، ويعوض أمريكا عن خسرانها لمصر، وأن الدماء تزيل العروش ولا تثبتها، وأن كل طلقة فى صدر متظاهر هى طلقة فى ظهر مقاوم.
هذا الزمان لنا ولن نسمح لأعدائنا أن يفرقوا بيننا مهما فعلوا، وليس فى جعبتهم إلا سهم تفريقنا فإن طاش سهمهم وهو طائش لا محالة، فسنغير العالم، وإن استحمق حكامنا فشعوبنا أعلى وأحكم، وسينظر العالم إلينا ليتعلم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.