عميد إعلام القاهرة توافق على صدور مجلة علمية متخصصة في قضايا المرأة    قبول دفعة جديدة من المجندين بالقوات المسلحة مرحلة أكتوبر 2025    "القاصد" يلتقي رئيس جامعة الريادة للعلوم والتكنولوجيا بالسادات لبحث آليات التعاون المشترك    مشروعات تعليمية جديدة في قويسنا ومنوف لدعم المنظومة التعليمية    مدبولي: تأمين سداد الديون حتى يوليو 2026 ونلجأ للترشيد في هذه الحالة    مدبولي: طول أمد النزاع الإسرائيلي الإيراني سيدفعنا لاتخاذ إجراءات معينة    بزعم زيادة تكلفة الانتاج..حكومة الانقلاب تحرم الغلابة من لقمة العيش برفع أسعار رغيف الخبز    الرئيس الإسرائيلي: ضرباتنا المستمرة هدفها وقف أنشطة إيران النووية    بعد الحديث عن إمدادات أسلحة صينية.. رصد طائرتين خلال مغادرتهما إيران    جيهان مديح: مصر ستظل دائمًا القادرة على جمع الصف العربي والإسلامي    إيران تمدد تعليق الرحلات الداخلية والدولية حتى فجر غد الخميس    استشهاد وإصابة 27 فلسطينيا بينهم طفل في قصف إسرائيلي بوسط غزة    مان سيتي ضد الوداد.. عمر مرموش يقود تشكيل السيتي في كأس العالم للأندية    3 أندية إيطالية وفريق تركي يتصارعون على ضم نجم النصر السعودي    بابا فاسيليو ل"أهل مصر": لم أتقدم بأي شكوى ضد غزل المحلة    عبد الواحد السيد يطلب الحصول على إبراء الذمة المالية من الزمالك    منتخب شباب اليد يفوز على السعودية ببطولة العالم    مدبولي: نحذر من أي محاولات لافتعال أزمات بشأن توفر السلع والأسعار    «ذبح ودفن في الرمال».. جنايات قنا تُحيل أوراق المتهم للمفتي    الجامعة الأمريكية تصدر النسخة العربية من كتاب "تاريخ التصميم الجرافيكي العربي"    «ما تراه، ليس كما يبدو».. دراما جديدة في 7 حكايات    ترامب: لن نسمح لإيران بالسلاح النووى وأعنى ذلك أكثر من أى وقت مضى    يسرا إعلامية مؤثرة وأم مكافحة فى السينما قريبا    لعلاج دهون الكبد- تناول هذه البذور يوميًا    مصطفى يونس يهاجم ريبيرو بسبب زيزو.. ماذا قال؟    سقوط ديلر مخدرات شبرا الخيمة في قبضة مباحث القليوبية    لتصوير السيدات داخل دورة المياه.. القبض على عامل بكافيه في الدقي    رصاص الاحتلال يخترق طوابير المساعدات الإنسانية في غزة    الغربية.. ضبط سيارة نقل محملة ب236 أسطوانة غاز منزلي مدعم قبل تهريبها    حصريا ولأول مرة.. قناة النيل للأخبار في هيئة الرقابة النووية المصرية    ملتقى القضايا المعاصرة بالجامع الأزهر: الأمة اليوم أحوج ما تكون إلى استعادة تماسكها وتوحيد كلمتها    تعرف علي ضوابط إصدار تراخيص إنشاء المواقع الإلكترونية    مدينة الدواء تطلق الموجة الثانية من برنامج Partners في الزقازيق    "تعليم دمياط" تضبط بوصلة التحويلات المدرسية إلكترونيًا لضمان الانضباط وتيسير الإجراءات    المخرجة سارة وفيق تكشف عن مشاريع درامية في مرحلة الفكرة مع تامر حسني    البورصة المصرية تربح 1.2 مليار جنيه في ختام تعاملات الأربعاء    تقديم خدمات طيبة علاجية مجانية ل 189 مريضا من الأولى بالرعاية بالشرقية    ضبط 79 مخالفة تموينية متنوعة خلال حملات مكثفة على الأسواق بالفيوم    خبيرة الطاقة: «الساعة الذهبية قبل مغرب الجمعة» طاقة روحانية سامية    فليك يجتمع مع شتيجن لحسم مصيره مع برشلونة    حكم ضمان ما تلف فى يد الوكيل من أمانة.. دار الإفتاء تجيب    تنسيق الثانوية العامة 2025.. تعرف على مؤشرات القبول    أمين الفتوى: الأمانات بين الناس لا تسقط بالوفاة ويجب أداؤها لأصحابها أو لورثتهم    جامعة القناة تطلق دورة لاستراتيجية والأمن القومي 19 يوليو المقبل    الأمم المتحدة تدين إطلاق النار على مدنيين يبحثون عن الطعام في غزة    السحر والسحالى    توقيع الكشف الطبي والعلاجي المجاني ل 1000 مواطن في قافلة طبية بأسوان    بعد الموافقة النهائية من «الإسكان».. تفاصيل عقود الإيجارات القديمة التي تطبق عليها التعديلات    2356 مشروعا تنمويا للأسر الأكثر احتياجا بسوهاج ضمن جهود التحالف الوطنى    الصحة: إصدار أكثر من 18 مليون قرار علاج على نفقة الدولة خلال 5 سنوات    الطقس اليوم.. مائل للحرارة نهارا وشبورة كثيفة صباحا والعظمى بالقاهرة 33    أسعار النفط تواصل الصعود مع تصاعد التوتر بين إيران وإسرائيل    وكيل لاعبين: الزمالك أهدر 300 مليون جنيه من صفقة انتقال "زيزو" ل نيوم السعودي    صحة إسرائيل: 94 مصابا وصلوا إلى المستشفيات الليلة الماضية    كاد يكلف صنداونز هدفا.. تطبيق قانون ال8 ثوان لأول مرة بكأس العالم للأندية (صورة)    ترامب يختتم اجتماعه بفريق الأمن القومي الأمريكي وسط تصاعد الصراع بين إسرائيل وإيران    أطفال الغربية تتوافد لقصر ثقافة الطفل بطنطا للمشاركة في الأنشطة الصيفية    الشيخ أحمد البهى يحذر من شر التريند: قسّم الناس بسبب حب الظهور (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فهمناهم ولم يفهمونا
نشر في الشروق الجديد يوم 03 - 04 - 2011

فهمناهم وحفظناهم لكنهم لا يريدون أن يفهمونا، إذ صار بوسع الواحد منا أن يتنبأ بكل الخطوات التى ستتخذها الأنظمة العربية لمواجهة تسونامى الغضب الذى يجتاح المنطقة من المحيط إلى الخليج، لكن سلاطين زماننا يصرون على ألا يستقبلوا رسائلنا، وإذا استقبلوها فإنهم يرفضون فضها وقراءة محتواها، والذين يقرأونها منهم إما أنهم لا يصدقون أعينهم أو أنهم يعجزون عن استيعاب مضمونها.
ما يلفت النظر، والمدهش حقا، أن ردود أفعالهم واحدة فى كل الأقطار. كأنهم يستلهمون قراءاتهم ومواقفهم من كتاب واحد وزع على الجميع، بحيث إن «السيناريو» الذى وقع فى تونس نجده قد تكرر فى مصر واليمن، وهو ذاته الذى تابعناه فى البحرين والأردن، وفى سوريا أخيرا. ولن أستغرب إذا وقعنا على المشاهد ذاتها حينما ينتفض أهل بقية الأقطار فى العالم العربى، الأمر الذى يعنى أنهم لا يكتفون بتجاهل رسائلنا فحسب، ولكنهم أيضا لا يتعلمون من خبرات بعضهم البعض، فيكررون نفس الأخطاء ولا يجددون فى استجاباتهم.
إذ ما من بلد علا فيه صوت الناس بالتعبير عن الاحتجاج والغضب إلا وسمعنا ثلاثة ادعاءات، أولها أن البلد مستهدف من القوى الشيطانية الخفية. ثانيها أن ثمة عناصر مندسة أصوليون بالدرجة الأولى تحاول تشويه طهارة المحتجين عبر إذكاء الفتنة وإشاعة التخريب فى البلاد. وثالثها أن فى الموضوع مؤامرة تحركها الأصابع الأجنبية. وبعد إطلاق تلك القنابل الدخانية، تخرج علينا التصريحات والأبواق الرسمية محذرة من الخروج على الشرعية (التى اصطنعها النظام وصممها بحيث تخدم أغراضه). وفى الوقت ذاته يدعى الجميع إلى وقف التظاهرات والانتقال من الشارع إلى ساحات الحوار، الذى تديره السلطة على أرضها وفى الساحة التى تحددها. ويتعزز ذلك الطلب بحجة الحيلولة دون تمكين «المندسين» من اختراق الصفوف وتهديد الاستقرار. بالتوازى مع ذلك تطلق السلطة إشارات أخرى تتحدث عن اعتزامها اتخاذ مجموعة من الخطوات باتجاه الإصلاح، واعدة بتحقيق الانفراج السياسى، الذى يشمل إجراء الانتخابات البرلمانية وإلغاء قوانين الطوارئ وإطلاق سراح المسجونين والمعتقلين السياسيين. وذلك جنبا إلى جنب مع التلويح بإمكانية تحسين الأحوال المعيشية وزيادة الرواتب فى مسعى غير مباشر لرشوة الناس وإغوائهم.
لأن الجماهير فقدت الثقة فى أنظمتها، وقد علمتها خبراتها أنها غير جادة فى الإصلاح، وأن ما تريده حقا هو الالتفاف على الإصلاح من ناحية، وكسب الوقت لإضعاف وجه الغضب من ناحية ثانية. فإنها لا ترى بديلا عن استمرار التظاهر وممارسة الضغط من خلال الكتل البشرية التى تخرج إلى الشوارع والميادين. وحينذاك يصبح الرد كالتالى: الخطوة الأولى تتمثل فى التعتيم على ما يجرى، من خلال منع الصحفيين من الوصول إلى أماكن التظاهر، وقطع الاتصالات الهاتفية وتعطيل شبكة الإنترنت فى البلد، مع التشويش على قناة الجزيرة فى الخطوة الثانية تلجأ السلطات إلى اعتقال قادة المظاهرات. وتأتى بعد ذلك الخطوة التى تعتبرها أجهزة إدارة الأزمة حاسمة للموقف، وتعتمد فى ذلك على تحرك ثلاث فئات هى: شرطة مكافحة الشغب والبلطجية (فى اليمن يسمونهم بلاطجة والكلمة تركية الأصل، حيث البلطجى وصف كان يطلق على حامل «البلطة» (القريبة من الفأس) وهو من كان يتقدم صفوف الجند لإزالة الأشجار التى تحول دون تقدمهم). أما الفئة الثالثة فهم القناصة الذين يعتلون البنايات لإطلاق النار على المتظاهرين.
إن شئت فقل إن الانتفاضات التى حدثت فى العالم العربى جميعها بدأت بغضب جماهيرى رافض لمهانة الظلم الاجتماعى والسياسى. وقد واجهته الأنظمة بنيران القناصة وأسلحة البلطجية وهراوات قوات مكافحة الشغب المكهربة. الناس أرادوا إصلاحا وكرامة والأنظمة ردت بقمعهم وسحقهم، الأمر الذى ترتب عليه إسالة دماء غزيرة وسقوط مئات الشهداء. وبتلك الدماء كتبت شهادة وفاة أنظمة عدة، بعضها سقط والبعض الآخر فى الطريق إلى ذلك.
إنهم لا يريدون أن يفهموا أن صبر الشعوب على المهانة له حدود، ولا يريدون أن يعترفوا بأن الناس يريدون أن يعيشوا كمواطنين لهم الحق فى الكرامة والكبرياء، فى حين يصرون على التعامل معهم بحسبانهم مجرد رعايا لا يمارسون سوى «واجب» الامتثال والخضوع. ليس ذلك فحسب ولكنهم لا يريدون أيضا أن يتعلموا مما يجرى حولهم، الأمر الذى يوقعهم فى أخطاء غيرهم. لذلك فليس بمقدورنا أن نعذرهم أو نتعاطف معهم، وعليهم أن يدفعوا ثمن اختيارهم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.