شارك آلاف من المصريين، اليوم الجمعة، في مظاهرات في القاهرة ومدن أخرى رفضا لتعديلات دستورية أقرها المجلس الأعلى للقوات المسلحة وتؤيدها جماعة الإخوان المسلمين، كبرى الجماعات السياسية المعارضة، والحزب الوطني الديمقراطي الذي كان يحكم البلاد إلى ما قبل تنحي الرئيس حسني مبارك في الحادي عشر من فبراير الماضي. ويطالب مصريون كثيرون بدستور جديد، قائلين: إن مواد باقية من الدستور الحالي الذي صدر عام 1971 تحافظ لرئيس الدولة الذي سينتخب مستقبلا على سلطات مطلقة. لكن التعديلات تلزم الأعضاء المنتخبين لمجلسي الشعب والشورى المقبلين باختيار أعضاء جمعية تأسيسية خلال 60 يومًا من انتخابهم لوضع دستور جديد. ويقول المعارضون للتعديلات: إن الإسراع بإجراء انتخابات تشريعية إذا أقرت التعديلات سيكون من شأنه فوز مرشحي الإخوان المسلمين وأعضاء في الحزب الوطني بأغلبية المقاعد. ويقولون: إن الثورة التي أسقطت مبارك طالبت بدستور جديد يضمن أن تكون مصر دولة مدنية. وتجمع نحو ثلاثة آلاف ناشط في ميدان التحرير، أكبر ميادين القاهرة، والذي كان رمزًا للاحتجاجات التي دفعت مبارك للتنحي، مرددين هتافات تقول: "لا ترقيع للدستور.. خلي بلدنا تشوف النور"، و"الشعب يريد دستورًا جديدًا". كما رفعوا لافتات كتبت عليها عبارات تقول: "تعديل دستور مبارك الفاسد استمرار لنظامه الفاسد". ويقول مؤيدو التعديل: إن الانتظار إلى حين وضع دستور جديد من شأنه العمل على استمرار عدم الاستقرار الذي نشأ عن انفلات أمني بعد أيام من الاحتجاج على سياسات مبارك ومطالب فئوية تفجرت بعد الثورة. وخاطب الناشط البارز جورج إسحق المتظاهرين في ميدان التحرير قائلا: "الإخوان والحزب الوطني والمجلس العسكري عاقدون تحالفًا من أجل تمرير التعديلات الدستورية حتي يستمر الفساد ولخدمة أجندات أمريكية وإسرائيلية." وقال أبو العز الحريري، الناشط اليساري وعضو مجلس الشعب السابق: "الثورة جاءت، ولكن نتائجها لم تتحقق". ويقول المجلس الأعلى للقوات المسلحة إنه يريد أن يسلم السلطة لمدنيين في وقت مبكر. وفي مدينة السويس التي شهدت بعضا من أشد الاحتجاجات على مبارك وقتل المئات وأصيب آلاف آخرون في هجمات الشرطة على المحتجين، شارك مئات النشطاء في مظاهرة رددوا خلالها هتافات، من بينها: "دم الشهدا علينا أمانة والترقيع عار وخيانة." وفي مدينة الإسكندرية الساحلية انقسم آلاف المصلين في مسجد القائد إبراهيم الذي انطلقت منه الاحتجاجات على مبارك في المدينة بين مؤيد ومعارض. وخلال خطبة الجمعة عارض مصلون خطيب الجمعة الشيخ أحمد المحلاوي حين طالب بالاقتراع بنعم على الدستور غدًا السبت. كما بدا الانقسام شديدا في مدينة المنصورة التي ظهرت فيها ألوف اللافتات المؤيدة للتعديلات وألوف اللافتات الرافضة لها. وفي مدينة المنيا، عاصمة محافظة المنيا، يقوم نشطاء بتوزيع بيانات على السكان تطالبهم برفض التعديلات، بينما يطوف نشطاء من الإخوان على البيوت طلبا للموافقة على التعديلات. وللمرة الأولى منذ أكثر من نصف قرن سيدلي المصريون بأصواتهم في استفتاء لا تعرف نتائجه قبل إجرائه؛ إذ يقول مراقبون إن الاستفتاءات السابقة بما فيها التي جاءت بمبارك لفترات رئاسة جديدة زورت. ويعارض التعديلات سياسيون بارزون، منهم عمرو موسى، الأمين العام لجامعة الدول العربية، ومحمد البرادعي، المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، وكل منهما قال إنه سيرشح نفسه لمنصب رئيس الدولة. ويحق لنحو 40 مليون مصري الإدلاء بأصواتهم في الاستفتاء. وصاغت لجنة مغلقة التعديلات في عشرة أيام، وطرحت المواد المعدلة على الجماهير لمناقشتها لثلاثة أسابيع.