بالطبع إنى أدين هذا الحادث المشين الذى تزامن مع ربيع مشاعر الوحدة الوطنية التى أشعلتها ثورة 25 يناير، تلك المشاعر الصادقة النابعة من قلب المصريين، بل أستنكر هذا الجبروت الذى هدم وحرق بل طرد مصريين مسيحيين من بيوتهم. ولكن، فى الواقع، حمل هذا الحدث فى رأيى بوادر الأمل طارحا آفاقا جديدة إزاء التآلف الوطنى والمشاركة الفعالة للأقباط. أشار الكثير من الكتاب إلى تاريخ الأقباط الذى اتسم بالسلبية إزاء أحداث عنف أو تمييز تجاههم خلال العقود السابقة، فأحداث الطائفية ليست جديدة على مصر بل فى الواقع متكررة فى صعيدها، ولكن التحرك السريع المختلف خليفة أحداث كنسية أطفيح (سواء اختلفت أو اتفقت مع توقيته) فتح عهدا جديدا لتاريخ الأقباط. جاء رد الفعل عفويا يستمد نبضه من «تحرير» مصر، تحرير نسبة إلى ميدان التحرير الذى علم المصريين أن خروجهم للشارع يمثل قوة ويصنع تغييرا، بل تحرير بمعنى الكلمة اللفظى، كناية عن التحرر من نظام فاسد قبع المصريين جميعا، فشعور الإنسان بالحرية يعطيه الحافز للدفاع عن حقوقه والوقوف أمام الظلم. تزامنت أحداث كنيسة أطفيح مع سفر البابا شنودة فى رحلة علاجية بالولايات المتحدةالأمريكية، ولم ينتظر الأقباط هذه المرة كلمة البابا إزاء هذه الأحداث، بل هرعوا إلى الشارع حاشدين بعضهم البعض عبر الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعى، مدفوعين ليس فقط بالشعور بالظلم بل بالشعور ب«مصريتهم» فهم جزء من هذا الوطن، الشعور الذى قامت بتأجيجه الثورة لدى المسيحيين. فبينما تظاهر المسيحيون من قبل على خلفية أحداث الفتنة بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية (أو أمامها)، اختار الأقباط هذه المرة مبنى ماسبيرو للتظاهر أمامه مرددين: «الثورة قامت هلال وصليب»، «مصر لكل المصريين». تحدث العديد عن الأفراد الذين وراء هذا العبث، وأشاروا إلى أذناب النظام البائد الذين يعبثون بوحدة مصر، وأشار البعض إلى فلول جهاز أمن الدولة، وهذا سيناريو أميل لتصديقه. فنحن جميعا نعلم أسلوب النظام السابق فى إلهاء المصريين بالمشاكل التى من ضمنها الفتنة والتعصب. ولكنى أيضا لا أريد حصر الحدث فى هذا التكهن، والسؤال هنا، هل التخلص من هؤلاء العابثين سيردع شخصا مسلما متعصب من عدم تعيين مسيحى فى شركته أو شخصا مسيحيا متعصبا من عدم شراء منتجات من محل صاحبة مسلم؟ فيجب علينا أن نواحه مشاكلنا، ونقر أن أرض مصر زرع ونبت بها التعصب، وعلى المصريين الشرفاء العمل معا على اقتلاع هذه البذور بكل قوة خاصة فى نجوع وأرياف مصر حينما تستقر الأوضاع. وفى النهاية، لكى ما نعبر من البوادر إلى الأمل، أقترح على المصريين المسلمين المتسامحين أن يبذلوا قصارى جهدهم فى ردع التعصب خلال الفترة القادمة، فلا يمكن لمسيحى أن يقنع مسلما متعصبا أنه إنسان طيب وأنه مصرى مثله، ولكن أنتم تقدرون، أرجو أن تختاروا العمل (وليس فقط الإدانة) والتصدى لكل مظاهر التعصب. وأقول للمصريين المسيحيين، سوف تتغير الأنظمة والأزمنة ولكن يحب أن تختاروا دائما الاحتماء فى أخواتكم المسلمين، اعرفوا إنهم قادرون على حمايتكم أكثر من أى جهة أخرى، بالعامية، «هما ظهركم» ولتنفتحوا وتذبوا فى المجتمع لكى ما يحدث هذا. أحلم، والحلم جميل ومشروع، أن يقود المسلمون هذه النوعية من التظاهرات إذا ما حدث هذا، لقدر الله، فى المستقبل.