ترامب يعلن عن اجتماع أمريكي روسي قبل انتهاء مهلة وقف الحرب في أوكرانيا    استشهاد فلسطينياً 20 أثناء محاولة الحصول على غذاء في دير البلح    30 دقيقة تأخرًا في حركة قطارات «القاهرة - الإسكندرية»    أسعار الأسماك والخضروات والدواجن اليوم 6 أغسطس    نتائج انتخابات «الشيوخ» بالإسماعيلية: أكثر من 160 ألف صوت صحيح.. و5 مرشحين في المقدمة    انتخابات الشيوخ 2025 | اللجنة العامة بأسيوط تواصل فرز الأصوات    تقرير تونسي: الزمالك يتمم اتفاقه بإعارة الجفالي إلى أبها السعودي    القنوات الناقلة لمباراة أستون فيلا وروما الودية التحضيرية للموسم الجديد    موعد مباراة برشلونة وكومو في كأس خوان غامبر 2025.. والقنوات الناقلة    مصدر أمني ينفي ادعاءات الإخوان بوجود صور إباحية لضابطي شرطة    لهذا السبب... محمد صبحي يتصدر تريند جوجل    توم هولاند يشعل العالم من قلب جلاسكو.. تصوير SPIDER-MAN: BRAND NEW DAY يكشف ملامح مرحلة مارفل الجديدة    عيار 21 بالمصنعية.. سعر الذهب اليوم الأربعاء 6-8-2025 يقفز لأعلى مستوياته في أسبوعين    موعد مباراة الزمالك وسيراميكا كليوباترا في الدوري المصري 2025-2026 والقنوات الناقلة مباشر    بالألوان.. تطبيق «Lastquake» يتيح رصد الزلازل حول العالم    ما هي أعلى شهادة في بنك مصر الآن؟    رابط مفعل الاَن.. تنسيق المرحلة الثانية 2025 وقائمة الكليات المتاحة علمي وأدبي    محمد صلاح ينشر صورة لحذائه.. ما التفاصيل؟    والد محمد السيد: أنا لست وكيل أبني والزمالك طالبه بالتجديد والرحيل بعد كأس العالم    فضله على ابنه، ترامب يختار خليفته لترشيح الجمهوريين في انتخابات الرئاسة 2028    نواب أمريكيون ديمقراطيون: العقوبات ضد روسيا تراخت تحت إدارة ترامب    مندوب فلسطين بمجلس الأمن: إسرائيل ترد على دعوات العالم للسلام باحتلال غزة وتجويع شعبنا    تكريم مصمم الديكور سمير زيدان في ختام ندوات الدورة ال18 للمهرجان القومي للمسرح    دعاء الفجر | اللهم اجعل لنا من كل هم فرجًا ومن كل ضيق مخرجًا    بعد اتفاق رسمي يضمن الحقوق الأدبية والمادية.. الزمالك ينهي تعاقده مع تيدي أوكو    التصريح بدفن طفلين لقى مصرعهما غرقًا في مياه عزبة مشتهر بالقليوبية    «حسابات غير صحيحة».. علاء مبارك يعلق على عملية 7 أكتوبر    حالات يجيز فيها القانون حل الجمعيات الأهلية.. تفاصيل    شاب يقتل آخر طعنا بسلاح أبيض في قرية بأطفيح    الداخلية: لا علاقة لضباطنا بالفيديو المفبرك.. والإخوان يواصلون حملات الأكاذيب    كانوا رايحين الشغل.. إصابة 10 عمال في حادث انقلاب أتوبيس على طريق السخنة- صور    تعرف علي حالة الطقس المتوقعة اليوم الأربعاء 6 أغسطس 2025    تعرّف على خطوات طلب اللجوء للأجانب.. وفقًا للقانون    من جنسيات مختلفة.. مصرع 4 أشخاص إثر تحطم طائرة في الجزائر    حازم فتوح: نيوم السعودي طلب ضم زيزو من الأهلى بعرض رسمي    الأمم المتحدة تحذر من تداعيات "كارثية" لتوسيع العمليات الإسرائيلية في غزة    "المنبر الثابت".. 60 ندوة علمية بأوقاف سوهاج حول "عناية الإسلام بالمرأة"    شملت مدير مكتبه، كريم بدوي يصدر حركة تنقلات وتكليفات جديدة لقيادات قطاع البترول    طريقة عمل البسبوسة، أحلى وأوفر من الجاهزة    السجن المؤبد وغرامات بالملايين.. عقوبات صارمة لحماية صحة المواطن    رسالة 4 من د. البلتاجي لرئيس مصلحة السجون: استقيلوا من المنصب .. فلا يصح وهو منزوع الصلاحيات    لا تخش التجربة وتقبل طبيعتك المغامرة.. حظ برج القوس اليوم 6 أغسطس    الممثل التركي إلهان شان يثير الجدل بتصريحاته عن أم خالد وأسماء جلال (فيديو)    عمرو سلامة يدافع عن التيك توكر محمد عبدالعاطي: «فرحة الناس بحبسه خسيسة»    3 طرق لحفظ ملفاتك قبل موعد توقف الميزة.. «تروكولر» يحذف تسجيل المكالمات من «آيفون»    الحكومة الأمريكية تقترح تخفيف بعض القيود على المسيرات التي تحلق لمسافات طويلة    أخلاق الروبوتات.. وضمير الذكاء الاصطناعي    هتقعد معاكي سنة من غير عفن.. خطوات تخزين ورق العنب    لأطول مدة وبكامل قيمتها الغذائية.. خطوات تخزين البامية في الفريزر    «الموز الأخضر والعدس».. أطعمة تقلل خطر هذا النوع من السرطان بنسبة 60%    أمين الفتوى: زكاة الوديعة واجبة.. ويجوز صرفها لحفيدة المطلقة إذا كانت مستحقة    فيلا للمدرس ومليون جنيه مصاريف.. شريف عامر يناقش أزمة القبول في المدارس الخاصة    داليا البحيري بالشورت ونادين الراسي جريئة.. لقطات نجوم الفن خلال 24 ساعة    نشرة التوك شو| إقبال كبير على انتخابات "الشيوخ".. و"الصحة" تنفي فرض رسوم جديدة على أدوية التأمين الص    هل يجوز قصر الصلاة لمن يسافر للمصيف؟.. أمين الفتوي يجيب    وكيل صحة الفيوم يتفقد مستشفى إبشواي ويوجه بسرعة حل شكاوى المرضى وتحسين خدمات العظام    سعر طن الحديد والأسمنت في سوق مواد البناء اليوم الأربعاء 6 أغسطس 2025    عصام شيحة: كثافة التصويت بانتخابات مجلس الشيوخ دليلا على وعي الشعب المصري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثورة وأخلاقيات مكافحة الفساد
نشر في الشروق الجديد يوم 08 - 03 - 2011

طبيعى أن تنشغل الثورة فى مراحلها الأولى بتحقيق الأهداف السياسية، التى قامت من أجلها والتى دفعت الجماهير للالتفاف حولها. ولكن على المدى الأطول فإن ما يجعل ثورة بالفعل جديرة بهذا الوصف هو ما تحققه من تغيير حقيقى وعميق فى المجتمع لا يقتصر على المكاسب السياسية المباشرة، وإنما يمتد إلى القيم والمبادئ التى تسود المجتمع وعلاقات الناس فيه واحترامهم لحقوق بعضهم البعض. والأمثلة كثيرة فى العالم على الثورات التى صارت نقطة تحول فى قيم المجتمع وأخلاقياته كما حدث مثلا فى جنوب أفريقيا، حيث فرضت الثورة فكر المصالحة على مجتمع كان تواقا للانتقام والعنف فحققت بذلك نقلة حضارية وإنسانية تجاوزت ما حققته من مكاسب سياسية. سبب هذه المقدمة هو اعتقادى أن ثورة يناير، وقد حققت جانبا كبيرا من أهدافها السياسية، قد حان الوقت لكى تستخدم شعبيتها وحضورها الجماهيرى وتضع ثقلها المعنوى وراء الدفاع عن قيمة العدالة والقانون فى هذه الأوقات المضطربة.
أقول هذا بالنظر إلى ما يشغل الناس بشأن موضوع الفساد وكيفية التعامل معه، ورغبة المجتمع فى ملاحقة الفاسدين فى مختلف المجالات. فلا خلاف على أن قضية الفساد تحتل أولوية كبيرة لدى الجماهير التى ساندت ثورة يناير، بل لعلها القضية الأهم بعد ما تم حسمه من مطالب سياسية. والفساد هو بالتأكيد المرض الأكثر فتكا بالمجتمع، لا يقل فى ذلك عن الاستبداد. ولا شك أيضا فى أهمية استثمار حالة التعبئة الجماهيرية، التى أفرزتها الثورة من أجل تحقيق اختراق حقيقى فى موضوع مكافحة الفساد. ولكن هنا يأتى دور الثورة التى تقود الجماهير وتضع ثقلها المعنوى نحو توجيهها لما يحقق المصلحة العامة والتقدم الأخلاقى للمجتمع. فملاحقة الفساد يجب ألا تقتصر على ملاحقة بعض ملفات الفساد واعتبارها نهاية المطاف.
فهذا موضوع تقوم به الجهات الرقابية والقضائية، وهى بذلك تتعامل مع ما وقع من فساد بالفعل. والتحقيقات التى تجريها النيابة العامة أو التى تحيلها إلى المحاكم سوف تأخذ مجراها الطبيعى الذى نظمه القانون. ولكن ما لا يقل أهمية هو أن يتزامن ذلك مع وضع برنامج قومى للوقاية من الفساد فى المستقبل، وأن يكون هناك فهم لطبيعة الفساد وآلياته وما يسمح له بأن يستشرى، وبأن يصبح واقعا مقننا له آليات رسمية تحميه وتنظمه بعيدا عن طائلة القانون. والأهم من ذلك يلزم إدراك أن مقاومة الفساد تأتى أولا عن طريق وضع القواعد والنظم والضوابط، التى تحدد الصواب والخطأ، وتضع الخطوط الحمراء التى لا يجوز تجاوزها، وتسمح بالسلطة التقديرية مادامت فى إطار قانونى واضح المعالم. الغموض هو حليف الفساد، وغياب القواعد والنظم حجته. وأخيرا فإن الثورة والقائمين عليها يمكنهم أيضا أن يحدثوا نقلة حضارية ليس بحرصهم على ملاحقة الفساد فقط، وإنما أيضا بإصرارهم على أن يكون ذلك وفقا لمبادئ العدالة، بكل ما يعنيه ذلك من احترام لحيدة واستقلال جهات التحقيق والقضاء، والحرص على أن يكون المتهم بريئا إلى أن تثبت إدانته، والعمل على حماية المتهمين من التعريض والشائعات والمحاكم الإعلامية، والإصرار على سلوك منهج عادل حتى مع من كانوا يتجاهلون حقوق الإنسان ومبادئ العدالة فى تعاملهم مع خصومهم.
فهذا هو ما تحققه الثورات الناجحة من تقدم فى الطبيعة البشرية حينما لا تعامل خصومها بمثل ما كانوا يعاملونها. هل من المبالغة أن نتوقع من الثورة أن تنشغل بهذا الترف فى وقت لا يزال الصراع فيه محتدما على المطالب السياسية والأمنية والاقتصادية الأكثر إلحاحا؟ هل تملك الثورة والقائمون عليها الانشغال بالعدالة بينما الجماهير تطالب بالقصاص السريع من الفاسدين؟ الوقت ليس مبكرا لكى تأخذ الثورة موقفا مبدئيا وعمليا من هذا الموضوع لأن التمسك بهذه المبادئ ليس له توقيت محدد. وهذه الثورة، التى قامت لتغيير مصر عليها واجب أن تقدم لجماهيرها نموذجا مختلفا فى العمل السياسى، وأن تجعل كل مواطن يشعر بأن ما أتت به هو تغيير جذرى فى القيم الحضارية، وأن ما سوف يكتبه التاريخ عن الثورة هو ما تحققه من تغيير فى الناس قبل نجاحها فى تحقيق مطالبهم السياسية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.