لايتم الأعتراف بأنتصار الجيوش إلا بوجود قواتها البرية على الأرض فهى وحدها من له القدرة على رفع وتثبيت رايات النصر على الأرض مهما كانت القوة التدميرية و الهجومية للصواريخ والطائرات ، أقول هذا لأننى أرى أنه هناك أصرار غريب من البعض على وصف ثورة الخامس والعشرين من يناير بانها ثورة الفيس بوك أو ثورة بطعم الفيس بوك أو على الأصح ثورة بنكهة أمريكية ! . فالشعب المصرى بجميع فئاته وأعماره سواء منهم من لايجيد القراءة والكتابة أو يحمل بداخل حقيبته جهاز الآى باد هو تلك القوات البرية وكان فى المقدمة منهم شباب من أجمل وأنبل ما أنجبت مصر فهم أول من عبر جسر الخوف وأكثر من دفع الثمن بشهدائهم الأبرار . تقابلت إرادة الشباب مع إرادة كل الشعب الذى عانى على مدار سنوات طويلة من الفقر والمرض وسلبت ثرواته امام عينه ، شعب عانى الظلم والفساد وأمتهنت كرامته بأحط السبل والوسائل ، شعب أنتحر بعضا من زهرة شبابه ياسا وقهرا أو عبورا فوق ظهر ألواح خشبية متهالكة مغامرا بحياته من أجل أمل غير مضمون على الجانب الآخر من الشاطئ ، شعب أراد أستنشاق عبير الحرية وأستعادة مكانته ومكانة بلاده التى تم وأدها فى سبيل توريثها لمن لا يملكها . تقابلت الإرادات فتحول الخامس والعشرين من يناير من مجرد وقفة أوأحتجاج أو مظاهرة كما حدث فى السابق إلى ثورة لايستطيع أحد أن يدعى أنه كان مخطط لها من قبل ، فمهما كانت قوة التواصل عبر الأنترنت من خلال الفيس بوك أو تويتر فأنهما لايستطيعا معا أن يصنعا ثورة بدون وجود قوات الشعب بكل طوائفها على الأرض .لاننسى هنا أنه هناك أجيال أخرى من الشباب قد حاولت من قبل أستعادة حريتها المسلوبة فى ظل ظروف أكثر قسوة وقمعا وبدون وجود شبكات تواصل أجتماعى يسمع العالم عنهم من خلالها إذا ما تعرضوا للتعذيب أو للقتل أو للحبس سنوات بدون محاكمة وليس أثنى عشرة يوم ؟ فمهدوا بنضالهم ودمائهم وحياتهم مانراه اليوم والذى بدأت ثماره تأتى مع ظهور حركة كفاية وغيرها من حركات المجتمع المدنى التى ظهرت معها فى نفس التوقيت تقريبا، ومن إنشاء للمجلس القومى لحقوق الأنسان والذى مثل خطوة للأمام أجبرت عليها الدولة مهما كانت الأقاويل وهى صحيحة عن عدم فاعليته . تواصل تفاعل المجتمع المدنى وأزدادت قوته وزادت الأعتصامات والإضرابات بشكل يومى تقريبا فى كافة أنحاء مصر بصورة لم تحدث من قبل إلى وصلت إلى أقصى قوتها فى الخامس والعشرين من يناير وبدأت ملامح الثورة تتشكل فى الثامن والعشرين منه . تذكرنا لتاريخ النضال الطويل والذى بدأ مبكرا ووصل بنا لما حدث فى يناير 2011 هو حفظا لحق كل من ضحى سواء أستشهد أو أصيب أو سجن وحفاظا وإنعاشا لذاكرة الأمة فلم تكن مصر أبدا أمة من الموات. أتمنى من السيد وزير المالية هنا وهو بصدد صرف معاش أستثنائى لأسر الشباب الذى أستشهد فى ثورة 25 يناير أن يتذكر أسر الشهداء الذين أستشهدوا من قبل أو أسر من أصيبوا بأصابات تعجزهم عن العمل فى وقفات أحتجاجية سابقة كما حدث فى أضراب 6 أبريل بالمحلة الكبرى على سبيل المثال وغيرهم الكثير ، فهولاء بأرواحهم وتضحياتهم هم من فتح طريق التغيير والنصر . ماحدث فى الخامس والعشرين من يناير هو ثورة سالت فيها دماء النبلاء من ابناء مصر فطبعت على الثورة إنسانيتها وأكسبتها شعبيتها ، وجرت فيها أيضا أنهار من الدموع أصدقها هو مالم نراه على شاشات التليفزيون وأخرى جرت بكثرة حاولت أن أتعاطف معها ولم أقدر خصوصا أنه قد سلطت عليها الكاميرات والأضواء بكثافة ملفتة للنظر بحيث لاتعطيك أى فرصة لتتوقف وتسأل وتعرف ماهذا الذى يحدث أمامك بالضبط . قد ينسى البعض ماكتب عن ثورة يوليو 52 فى سبعينات القرن الماضى ووصفها بأنها صنيعة امريكية و هناك من يؤمن بذلك ويصدق وهو حر فى رأيه ، لنتخيل الأن ماذا سيقال على ثورة 25 يناير بعد عامان من الأن وليس بعد عشرون عام إذا أصر البعض على تسميتها بثورة الفيس بوك أو ثورة بطعم الفيس بوك .