مع ظهور أنباء غير مؤكدة بقنوات الجزيرة والعربية حول إعلان الرئيس تنحيه فى خطاب أمس الأول، توافدت الآلاف المنتظرة إلى ميدان التحرير، رغبة فى الاستماع إلى القرار الحاسم فى المكان الذى أعاد رسم تاريخ مصر. فور أن بدأ الخطاب قرب الحادية عشرة مساء، التفت كل مجموعة حول هاتف محمول، فالجميع قد لجأ إلى الاتصال بأقاربهم وأصدقائهم الجالسين فى البيوت، طالبين منهم وضع سماعات الهواتف جانب التليفزيون حتى يتسنى لهم سماع الخطاب. يحاول الجميع السكون والاقتراب من سماعات الهواتف، لعلهم يسمعون الكلمة المنتظرة «أننى عازم كل العزم على الوفاء بما تعهدت به.. بكل الجدية والصدق». تفتر حماسة الموجودين بالعبارات الموحية ببقاء الرئيس حتى نهاية فترته الرئاسية. بعد أكثر من 10 دقائق من الحديث، لم يقدم الرئيس جديدا، فهو لم يأمر بإلغاء قانون الطوارئ أو يحل مجلسى الشعب والشورى. يلعب خطاب الرئيس على الوتر العاطفى وهو يتمنى أن يعود الشارع المصرى لحياته اليومية الطبيعية. «لقد كنت شابا مثل شباب مثل مصر الآن، عندما تعلمت شرف العسكرية المصرية...»، وقبل أن تكتمل جملة الرئيس، انتهى الصمت الذى غلف ميدان التحرير، ليبدأ الهتاف بصوت واحد «ارحل.. ارحل». تنطلق مظاهرة من بضع مئات مسرعة إلى ميدان طلعت حرب، تحاول أن توقظ حماس الناس وتؤكد ثباتهم فى الميدان حتى الاستجابة لجميع مطالبهم وعلى رأسها خلع مبارك من منصبه. تنطلق مظاهرة أكبر إلى ماسبيرو وتقرر الاعتصام أمامه، «والسماح للموظفين بالخروج من المبنى، وعدم السماح لأى أحد بدخوله»، كما أكدت إحدى الإذاعات الداخلية التى تنقل الأخبار بالميكرفون للمعتصمين داخل الميدان. دموع الصدمة والحزن تنهمر من آلاف المحبطين داخل ميدان التحرير، «حرام عليه. هو عايز البلد تولع علشان يمشى؟»، تصرخ فتاة وهى تسير بغير هدى داخل الميدان، «بكرة لازم نوريه. ثورة فى كل ميادين مصر، مش التحرير بس». تندلع هتافات عشوائية فى أنحاء الميدان «واحد اتنين، الجيش المصرى فين...»، ويرد شاب غاضب «ما حدش يستنجد بالجيش. إحنا اللى عملنا الثورة، وإحنا اللى حنحميها». ينظر رجل إلى اللوحة الضخمة التى تضم مطالب الثورة السبع: إسقاط الرئيس. حل مجلسى الشعب والشورى. إنهاء حالة الطوارئ فورا. تشكيل حكومة وحدة وطنية انتقالية. برلمان منتخب يقوم بعمل التعديلات الدستورية. محاكمات فورية للمسئولين عن قتل شهداء الثورة. محاكمات عاجلة للفاسدين وسارقى ثروات الوطن، والمسئولين عن قتل شهداء الثورة. يقول بإحباط، «ولا حاجة منهم اتحققت لحد النهارده». قلة قليلة كانت مازالت مهتمة بسماع باقى الخطاب، الذى أعلن فيه الرئيس التنازل عن سلطاته لنائبه عمر سليمان. فور انتهاء الخطاب، يتردد الشعار الجديد للثورة فى أنحاء الميدان «يوم الجمعة العصر، هنهد عليه القصر».