لعبة القط والفأر بين المتظاهرين والحكومات فى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لم تعد فقط مقتصرة على الشوارع، فبعض الأنظمة بما فيها النظام المصرى قلصت خدمات الإنترنت والهواتف الخلوية لإدراكها أن صوت المتظاهرين يتواصل عبر المواقع الاجتماعية والشبكة العنكبوتية. ثورات الشباب الرقمية تسخر المواقع الاجتماعية للمشاركة والتعبير عن طموحاتهم والتى أصبحت تسمى ب«التحرير التكنولوجى»، ومع ارتفاع نسبة العاطلين عن العمل فى المنطقة والتغير الديموجرافى الهائل فإن حجم أغلبية السكان أصبح تحت سن الخامسة والثلاثين عاما، كما ذكر تقرير لموقع سى إن إن العربى أمس. وبعد التطورات فى مصر وتونس ومشاهدة مصير كل من الرئيسين المصرى، حسنى مبارك، والتونسى المخلوع، زين العابدين بن على، فإن بعض القادة فى المنطقة فى السابق ممن كانوا يعارضون الإصلاحات، يقايضون الآن ما هو مسلم به وكأنه «بازار عربى». وسارع بعض القادة إلى إجراء تغييرات وتعديلات لتلبى مطالب الشعب كما حدث فى الأردن عندما أقال العاهل الأردنى عبدالله الثانى الحكومة فى أعقاب مظاهرات عارمة طالبت بإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية. وفى سوريا قال الرئيس بشار الأسد لصحيفة «ستريت جورنال» بأنه يجب على القادة رؤية حاجة الإصلاح قبل قيام تظاهرات مشابهة لما جرى فى مصر وتونس وبعدها يصبح الإصلاح متأخرا وغير مجدٍ. التظاهرات امتدت أيضا الى الجزائر واليمن والسودان، وبالتالى أصبحت قدرة الشعوب العربية لإحداث هذا النوع من التغيير هو من خلال شعار جديد بإمكاننا أن نفعل كما أن مستوى التضامن العربى أذهل الكثيرين. ويبقى الاقتصاد والإحباط الاجتماعى التهديد المشترك، فلكل دولة تركيبة سكانية مختلفة وتحديات مغايرة، ورغم الهزات الارتدادية لما يحدث فى مصر على المنطقة، إلا أن الخبراء حذروا من ما يسمى ب«نظرية الدومينو» حيث تواصل الأنظمة العربية التهاوى. ويرى الخبراء أن ما حدث من ثورات ومظاهرات فى بعض الأنظمة الجمهورية كما فى تونس ومصر واليمن حيث استعد قادة بعض تلك الدول مبكرا لتوريث أبنائهم يختلف عنها فى الأنظمة الملكية كما هو الحال فى الأردن والمملكة العربية السعودية والمغرب، حيث تتمتع تلك الأنظمة بعلاقات قوية مع القبائل ويجعلها تحتفظ بدرجة من الشرعية تجعل حدوث ثورات مستقبلية ضدها محدودا بالمقارنة بالأنظمة الجمهورية.