عقب توليه رئاسة المسرح القومى، يعيش الفنان توفيق عبدالحميد حالة من القلق والتوتر لشعوره بضخامة المسئولية التى ألقيت على عاتقه، لاسيما فى ظل فقدان المسرح لنسبة كبيرة من جمهوره. وفى هذا الحوار يكشف توفيق كيف وجد نفسه مطالبا باستعادة الجمهور مرة ثانية قبل الاحتفال بمرور 75 عاما على تأسيس المسرح القومى، وما يزيد من صعوبة المهمة ضعف الامكانات المتاحة، فضلا عن إحجام كبار النجوم عن تقديم أعمالهم على مسارح الدولة مفضلين القطاع الخاص. الشروق: ما أول قرار اتخذته بعد توليك رئاسة المسرح القومى؟ توفيق: أصدرت قرارا كنت أحلم بتنفيذه من سنين وهو انشاء فرقة «شبيبة المسرح القومى» لتضم كل الهواة وأنصاف المحترفين وكل الموهوبين من محبى المسرح الذين لم يجدوا الفرصه لاظهار مواهبهم من طلبة جامعات وخريجين وموظفين، وسوف يتم تصعيد الموهوبين بحق ليأخذوا حقهم فى النجومية وأعتقد أن معظم نجوم الجيل القادم سيكونون من هذه الفرقة. الشروق: ما أبرز سلبيات النظام السابق التى تسعى إلى تغييرها؟ توفيق: سؤالك ماكر، واسمح لى أن أرد عليه بنفس المكر.. أنا لن أقيم أحدا أبدا على الملأ لأنهم جميعا أصدقائى لكن بالتاكيد هناك سلبيات سأسعى إلى تغييرها وايجابيات سأحاول الإبقاء عليها فنحن عبارة عن حلقات فى سلسلة عمرها 75 عاما هى عمر المسرح القومى العريق. الشروق: فى اعتقادك ما أهم المشكلات التى ستواجهك كرئيس للمسرح القومى؟ توفيق: أهم مشكلة واجهتنى بالفعل أننى لا امتلك المكان الذى عينت رئيسا له فهو كما يعرف الجميع مازال قيد التطوير والإصلاح، وأهم من ذلك مشكلة إعطاء الضوء الأخضر لبعض العروض التى بدأت بالفعل فى إجراء البروفات المبدئية لتكون جاهزة خلال الأيام المقبلة. الشروق: وما تلك العروض؟ توفيق: عرض «وطن الجنون» على مسرح عصام إمام تأليف نبيل خلف وإخراج ناصر عبدالمنعم وبطولة على الحجار وأحمد راتب وسوسن بدر وعرض «يا احنا يا همه» على مسرح الإسكندرية تأليف مصطفى سعد وإخراج محسن حلمى وبطولة سميحه أيوب وعبدالرحمن أبوزهرة، وعرض «حكايات الحلوجى والطرشجى» . وسيعرض فى أحد بيوت القاهرة الفاطمية القديمة وهو تأليف خيرى شلبى واخراج سمير العصفورى، وأيضا عرض «ثورة الزنج» تأليف عادل هاشم وإخراج معين بسيسو ومرشحه للبطولة الفنانة لطيفة.. وآخر العروض «المتنبى يبحث عن وظيفة» تأليف عبدالسميع عبدالله وإخراج فهمى الخولى ومرشح لبطولته الفنان السورى دريد لحام. الشروق: وكيف ستتعامل مع ضعف الميزانية فضلا عن الروتين الحكومى؟ توفيق: قد يكون ذلك صحيحا فى الماضى.. أما الآن فانا أجد الضوء الاخضر لتنفيذ كل أفكارى، لان الدكتور أشرف زكى يتميز بالمرونة فى تطبيق القرارات فى ظل الحفاظ على القانون، أما النواحى الإنتاجية فقد بدأت بالفعل فى التغلب عليها بمخاطبة رجال أعمال محبين للمسرح.. وفوجئت بترحيبهم بدعم المسرح القومى ماديا، حيث أكدوا لى أن هناك الكثير من رجال الاعمال الذين يتمنون ذلك، سيرا على نهج طلعت حرب رجل الأعمال الذى أنشأ المسرح القومى ودعم عروضه ماديا حتى لاقت نجاحات منقطعة النظير. الشروق: ومتى ينتهى تجديد المسرح القومى؟.. وماذا عن حفل الافتتاح؟ توفيق: سيتم الافتتاح بداية العام القادم وقد تحدثت مع كبار النجوم فى مصر لحضور حفل الافتتاح وقوبل ذلك العرض بالترحاب الشديد من النجوم عادل إمام وصلاح السعدنى وأحمد السقا ومحمد هنيدى وجار الاتفاق مع النجم العالمى عمر الشريف.. والجميل فى الأمر أننى عرضت على الفنان أحمد السقا أن يقدم عرضا على خشبة المسرح القومى فوجدته متحمسا جدا للفكرة ووعدنى أن عرضه القادم سيكون على خشبته. الشروق: فقد مسرح الدولة نسبة كبيرة من جمهوره.. فكيف يتم إعادتهم؟ توفيق: لا يمكن لشخص واحد أن يفعل ذلك سواء كان مديرا أو وزيرا ولكنها منظومة متكاملة يشارك فيها الجميع.. أما ما أسعى لتنفيذه فى هذا الشأن فهو الاستعانة بكبار النجوم وجيل الوسط وجيل الشباب أصحاب الأسماء اللامعة لتقديم عروض على خشبة المسرح القومى لأن اسم النجم له عامل كبير فى جذب الجماهير، وفى الوقت نفسه لابد أن يتم اختيار النصوص التى تحقق المتعة والمرح إلى جانب تحقيق الاهداف الثقافية التى يصبو دائما اليها المسرح القومى من خلال عروضه. الشروق: من الآراء التى عرفت عنك «عزل الهواة عن المحترفين».. فهل تتمسك بهذا المبدأ؟ توفيق: قلت ذلك بالفعل، لكن البعض فسر تلك المقولة بصورة خاطئة، فقد كانت وجهة نظرى أنه من الظلم أن يتساوى الهواة والمحترفون فى الامكانات التى تتاح لهم والجوائز التى يحصلون عليها لأن خبراتهم متفاوتة وكل منهم له خصوصيته وليس من العدل أن نساوى بينهم. الشروق: إذن لماذا يتجاهل المسرح القومى دائما أعمال الكتاب الشباب؟ توفيق: طبيعة المسرح القومى على مر السنين تقتضى تقديم أعمال لكبار الكتاب المصريين أو العالميين ولكننى أفتح الباب الآن للشباب من خلال فرقة «شبيبة المسرح القومى».. وأعلن الآن من خلال جريدة «الشروق» فتح أبواب المسرح القومى لكل الموهوبين فى الكتابة أو الاخراج أو التمثيل. الشروق: هل تعتقد أن ذلك سينهى أزمة النص المسرحى؟ توفيق: الأزمة ليست فى المسرح فقط بل يعانى منها أيضا التليفزيون والسينما ولكن معاناة المسرح تزداد لأن الجمهور أصبح الآن يفضل السينما أو الجلوس فى بيته ليشاهد الشاشة الصغيرة فى ظل انتشار الفضائيات.. لذلك فإن المسئولية تزداد صعوبة على رجال المسرح. الشروق: وأين دور القائمين على مسارح الدولة؟ توفيق: الأشخاص بمفردهم لا يمكنهم صنع أى شىء كما قلت لك مسبقا ولكن دور الدولة هو الاهم فيتعين عليها دعم المسرح كما تدعم رغيف العيش تماما، وأنا ضد مقولة «اعرض ولو لمتفرج واحد» لأنى أعتبر ذلك اهدارا للمال العام فلابد أن يجذب العرض مجموعة كبيرة من المشاهدين حتى يكون المسرح مشروعا ناجحا يدر ربحا. الشروق: استشعرت فى حديثك نبرة يأس أمام حالة الجمود التى يعانى منها المسرح؟ توفيق: يبتسم ويقول: لا.. لا يمكن أن نيأس من التطوير لانه قادم لا محالة واتمنى ان يتم الاستعداد لذلك بعودة المسرح المدرسى حتى نزرع فى الطفل حب المسرح وهو ما سيدفع أسرته لمصاحبته لمشاهدة كل ما ينمى ثقافته وبذلك يبدأ الاقبال الجماهيرى على المسرح. الشروق:كثير من الفنانين يرفضون تولى أى منصب إدارى.. ألا تخشى أن يكونوا على حق؟ توفيق: أشاركك الرأى أن المنصب الإدارى يسرق العمر الفنى لأى فنان خلف القرارات واللوائح الإدارية وغير ذلك.. ولكنى سأتحدث عن نفسى لأنى لا اعرف الظروف التى جعلت اى فنان يوافق أو يرفض على أى منصب ادارى.. فأنا عاشق للمسرح واشعر أنه بيتى وبيت عائلتى، لذلك رحبت فورا بهذا القرار لأننى أثق أن حبى للمسرح سيساعدنى على أن أقدم لهذا المكان العريق ما كنت أحلم به. الشروق: أخيرا ماذا تطلب من وزير الثقافة فاروق حسنى؟ توفيق: لا أستطيع تحديد مطالب الآن.. لكن الفنان فاروق حسنى مهتم جدا بنهوض المسرح وكان قرار إقامة المهرجان التجريبى الاول يهدف إلى بث الروح فى المسرح وفى تصورى أن أول طلباتى منه أن نقوم باستقطاب فرق عالمية لتقدم عروضا على مسارح الدولة مما يعطى رواجا للمسرح ويجذب الجماهير إليه مرة أخرى.