ألقت قوات الأمن السودانية القبض على الزعيم المعارض حسن الترابي و8 آخرين من المسؤولين في حزبه المؤتمر الشعبي، بعد أن دعوا إلى "ثورة شعبية" إذا لم تتراجع الخرطوم عن زيادات في الأسعار. ويأتي اعتقال الترابي في وقت حساس سياسيا لحكومة الرئيس عمر حسن البشير، الذي يوشك أن يفقد السيطرة على جنوب البلاد المنتج للنفط الذي اقترع في الأسبوع الماضي في استفتاء على الانفصال عن الشمال. كما يجيء مع تبعات الإطاحة بالرئيس التونسي، زين العابدين بن علي، الذي فر من بلاده يوم الجمعة، بعد ثلاثة أسابيع من احتجاجات عنيفة نتيجة مظالم اجتماعية. وهددت المعارضة السودانية، يوم الأحد، بالخروج إلى الشوارع إذا لم تعزل الحكومة وزير المالية وتحل البرلمان، بسبب قرار رفع أسعار عدد كبير من السلع الغذائية. وقالت وصال المهدي، زوجة الترابي، وهي تبكي ل"رويترز": "إنه عمل إجرامي.. كيف تعتقل رجلا في الثامنة والسبعين من عمره وتزج به في السجن.. نخاف عليه." وترددت أصداء الإطاحة ببن علي في العالم العربي، وأثارت مخاوف بشأن استقرار دول أخرى في المنطقة تعاني من نفس المزيج من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. وأدى رفع الأسعار في السودان لاحتجاجات طلابية في الخرطوم والمنطقة الشمالية الزراعية. ويعاني السودان من عجز في ميزان المعاملات الجارية وانخفاض قيمة العملة، مما يؤدي إلى زيادة التضخم. وخفضت الخرطوم هذا الشهر الدعم للمنتجات البترولية والسكر، مما أثار احتجاجات على مدى الأسبوع المنصرم، أخمدتها الشرطة باستخدام الهراوات والغاز المسيل للدموع. وأودع الترابي السجن عدة مرات منذ قطيعته مع الحزب الحاكم بزعامة البشير في 1999-2000 . وقال شاهدان: إن قوات الأمن أغلقت الطريق المؤدي إلى منزل الترابي، وإن 5 سيارات للشرطة مملوءة بجنود مدججين بالسلاح اقتادوه من منزله، بينما كان أفراد أسرته يبكون ويرددون "الله أكبر". وقال مسؤولان بحزب المؤتمر الشعبي المعارض ل"رويترز": إن 9 مسؤولين في الحزب سواء من الزعماء أو الأقل مكانة اعتقلوا من منازلهم في حملات في ساعة مبكرة من الصباح. وتخشى الخرطوم منذ وقت طويل نفوذ الترابي، مع اعتقادها بأن كثيرين من أنصاره ما زالوا باقين في مناصب رئيسية بالجيش وقوات الأمن. وكان قد أطلق سراح الترابي بعد توقيع اتفاق السلام بين الشمال والجنوب عام 2005 والذي نص على إطلاق سراح جميع السجناء السياسيين. لكنه يعتقل منذ ذلك الحين أثناء الأوقات الصعبة التي تمر بها الحكومة، وكان أبرزها بعد أن شن متمردون من دارفور هجوما لم يسبق له مثيل على العاصمة السودانية في 2008 . ولم توجه إليه اتهامات. وأغلقت صحيفة حزبه العام الماضي، وحكم على 3 من العاملين بها بالسجن في محاكمة أدانتها جماعات حقوقية، ووصفتها بأنها غير عادلة.