سيطرت كلمات العزاء المستترة والصريحة التى يحدوها الأمل فى تجاوز محنة ضحايا الإسكندرية، على الحفل الذى أقيم أمس الأول لتوزيع جوائز ساويرس الثقافية لعام 2010 بالمسرحى الصغير والمكشوف بدار الأوبرا المصرية فى ترسيخ أقدام الجائزة التى بلغت عامها السادس، والتى تطلقها مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية. لكن ذلك لم يمنع الفرحة الواجبة بالجوائز التى تمنح فى الرواية والقصة القصيرة والسيناريو والنص المسرحى معبرة بوضوح عن إيمان المؤسسة بدور الثقافة كأحد فروع التنمية المجتمعية الأساسية. وباتت الجوائز مشهودا لها فى الأوساط الثقافية بالاستقلال الذى تتمتع به لجان التحكيم كل عام والتى يشكلها مجلس أمناء رفيع المستوى يضم سلامة أحمد سلامة ومحمد أبوالغار وجابر عصفور وهدى الصدة وعصام المغربى وشمس الأتربى، وانضم إليهم هذا العام السيد زاهى حواس رئيس المجلس الأعلى للآثار. فبدت جوائز دورة 2010 كما لو كانت تعيد التكريس الأدبى لمستحقيه بحصول الكاتب محمود الوردانى على جائزة القصة القصيرة فرع كبار الكتاب عن مجموعة الحفل الصباحى وهو الذى نسيته جوائز الدولة التشجيعية والتفوق لسنوات طويلة ولم يحصل عليها إلى الآن، وبفوز أحمد صبرى أبوالفتوح بجائزة أفضل عمل روائى فئة كبار الكتاب عن «الخروج»، الجزء الأول لرواية «السراسوة» والتى رغم إشادة النقاد بها إلا أنه لم يتم الالتفات إلى منجزه الأدبى المتميز وهو الذى يعمل بالمحاماة ويتم تصنيفه قوميا ناصريا. يفسر أبوالفتوح «الدفوع» قائلا: «فى إطار الشللية التى تسيطر على النقاد، لا يهتم أحد بدراسة وتحليل أعمال كاتب صاحب توجه قومى». شهد الحفل لقاءات دافئة بين نجوم الفن والمجتمع وإعلامييه فى حفل الاستقبال، هنا يجلس الفنان العالمى عمر الشريف مع مجموعة من الأصدقاء يتصدرهم زاهى حواس. هنا تظهر مادلين طبر أكثر شبابا وحيوية، والكاتب ابراهيم أصلان والمخرج سمير سيف والناقد على أبوشادى. هناك المفكر السيد ياسين وأستاذ القانون حسام عيسى والمخرج مجدى أحمد على. يحتفى الحضور بداود عبدالسيد القليل الظهور، وفى الطرقات يتلقى نجيب ساويرس كلمات الثناء والإطراء على حديثه الشجاع فى برنامج العاشرة مساء حول التمييز الذى يلقاه الأقباط عند بناء الكنائس بالمقارنة ببناء المساجد، ومطالبته بأولوية بناء المدارس والمستشفيات عن الكنائس والجوامع. عبر هذا كله تأكدت حقيقة أن المجتمعات المتقدمة هى التى تعتمد على المجتمع المدنى ولا تعلق آمالها على استجابة الحكومات، كما قال محمد سلماوى رئيس اتحاد الكتاب فى كلمته كرئيس لجنة تحكيم جائزة أفضل نص مسرحى. الدورات السابقة لجوائز ساويرس شهدت استجابة من جانب المؤسسة لمطالب المحكمين باستحداث جائزة أفضل سيناريو سينمائى مكتوب ولم ينتج بعد، عام 2007 فى فرعى كبار الكتاب والكتاب الشباب وتحولت بعضها إلى أفلام ناجحة مثل واحد صفر وغيره. كما استحدثت جائزة واحدة فى 2009 لأفضل نص مسرحى وذهبت هذا العام مناصفة لنص نبوءة طيبة لكاتبها أسامة نورالدين، ونص ملهاة الحجاج للسيد مرسى، مما دعا محمد سلماوى لعرض بعض المطالب للمؤسسة حيث علق مازحا «طالما أن هؤلاء يستجيبون» مشيرا ضمنيا إلى صمت الدولة عن العديد من المطالب، حيث اقترح «قانونا موحدا» للجوائز أى تخصيص جائزة أفضل نص مسرحى لفئتى الكبار والشباب أسوة بجوائز الرواية والقصة وعدم الاكتفاء بجائزة الأفضل فقط، وطالب أيضا بتخصيص جائزة للشعر، كما ضم صوته لكل من سمير سيف والفنان أحمد حلمى اللذين لفتا إلى أهمية إنتاج أعمال السيناريو الفائزة ولو بتخصيص جزء من الجائزة لإنتاج العمل الفنى. واستجاب سميح ساويرس كعادته فى نهاية الحفل لمطلب «القانون الموحد» فى الجوائز، بينما فضل تأجيل جائزة للشعر لإتاحة الفرصة لمؤسسات نظيرة فى المجتمع المدنى بإصدار هذه الجائزة وعدم الاستئثار بكل المجالات على حد قوله. فريق العمل المنظم للحفل مجموعة شباب من مؤسسة ساويرس، مينا نبيل وريم الشربينى وعلياء إبراهيم بقيادة السيد عصام المغربى عضو لجنة الأمناء، اختاروا عرض الفيلم القصير «الفلاح الفصيح» لشادى عبدالسلام، فهو يمثل أول النصوص الأدبية على الإطلاق التى كتبها الفلاح بأسلوب أدبى بليغ يشكو فيها ظلم الحاكم فبهت الفرعون. وظلت كلمات الممثل أحمد مرعى أو الفلاح المظلوم ترن فى الآذان بعد نهاية الحفل. أقم العدل لأنه عظيم وكبير يعيش طويلا قل الحق وافعل الحق لأنه عظيم وسوف ينالك الثواب.