مشاركة عائلات مسلمة وأصحاب محال.. حوار أمنى مع المتظاهرين ميدانيا وبعيدا عن الغرفات المغلقة.. محجبات يرفعن صلبانا ومسيحيات يحملن المصاحف.. التجاوب العفوى السريع من المواطنين مع مطالب المظاهرة. تلك بعض من الظواهر الجديدة التى اجتمعت أمس الأول فى مسيرة شعبية بدأت سلمية وانتهت باشتباكات عنيفة بين المتظاهرين وأجهزة الأمن، بعد أن شارك فيها أكثر من 5000 مسيحى ومسلم، قدرها مراقبون بأنها الأكبر فى القاهرة منذ وقت طويل، واستمرت من السابعة مساء حتى الساعات الأولى من فجر الثلاثاء، احتجاجا على حادث تفجير كنيسة القديسين بالإسكندرية. بدأت المظاهرة بوقفة احتجاجية أمام كنيسة العذراء بمسرة لم يزد عدد المشاركين فيها على 200 شخص، محاطة بآلاف من جنود الأمن المركزى والعربات المصفحة، لكن الأمن لم يكن فى حسبانه أن تندلع على مقربة من تلك المظاهرة المحدودة شرارة غضب لم تنطفئ إلا مع ساعات فجر اليوم التالى. المسيرة الأكبر من نوعها والتى جابت شارعى شبرا والترعة، وسط «رعاية أمنية» وصبر لم يدم طويلا، لم تشهدها شوارع القاهرة منذ أواخر عام 2004 حين رفعت حركة كفاية وقتها شعارات تندد بالتمديد والتوريث، ولم يقمعها الأمن أيضا «لضغوط أمريكية من إدارة الرئيس الأمريكى جورج بوش»، بحسب تقديرات مراقبين. «عذراء مسرة لم تظهر لكن المصريين توحدوا من جديد فى شوارع شبرا» وتكررت نفس الأجواء التى سادت شبرا العام الماضى عندما ترددت أنباء ظهور العذراء فى مسرة، حينما تجمع آلاف المصريين مسلمين ومسيحيين فى شوارع شبرا، توحدهم الرغبة فى الحصول على دعم السماء، وظلوا ساهرين فيها حتى ساعات متأخرة من الليل، تكررت لأجواء ذاتها عندما تجمع المسلمون والمسيحيون فى شبرا من جديد متوحدين حول هدف واحد، لكنه هذه المرة هدف سياسى وليس دينيا. وانضم للمسيرة التى خرجت بشكل عفوى وبدون تنظيم من شارع القومية الجديد بشبرا الخيمة فى محاولة باءت بالفشل للوصول إلى شارع رمسيس، عدد من المحجبات اللاتى تقدمن الصفوف، رافعات أعلاما عليها صلبانا، وأياديهم متشابكة مع مسيحيات يرفعن المصاحف الشريفة، وجميعهن يرددن «عاش الهلال مع الصليب» وخلفهن أكثر من 5000 شخص، إلى جانب هتافات تندد بالتقصير الأمنى وبينها «كنتم فين وقت التفجير أمن الدولة علينا كبير» مرورا بترديد «اسمى مينا وأخويا حسين شعب واحد مش شعبين».. و«يحيا الهلال مع الصليب»، دون أن يرفع آخرون دعوات بسرعة إصدار قانون موحد للعبادة. كما كان لبعض الهتافات دلالات لم تخطئها عين على ما يجمع المسلمين والمسيحيين من مشاكل بالبلاد، منها «لو اللى مات كان ابن وزير كانت فيها رقاب هتطير». لكن لم تدم المسيرة السلمية طويلا بعد أن حدثت اشتباكات عنيفة بين الأمن والمتظاهرين عقب رشق الأخير بالحجارة وزجاجات المياه الأمن فى مشهد مأساوى أسفر عن وقوع عدد من الإصابات فى صفوف الجانبين أغلبها كان من نصيب الأمن. وبدا لافتا معارضة كاهن الكنيسة للمظاهرة، وهو ما يبرره من الخوف من اتلاف مبان الكنيسة لكنه يتقاطع كثيرا مع مطالب الأقباط الغاضبة من جهة أخرى. «حرااام عليكم، بتعملوا ليه كده، مصر للمصريين، فى أى كتاب سماوى أنكم تضربوا مصريين بيقولوا يارب»، صرخة أطلقتها الشابة القبطية منال فى وجه عدد من ضباط وقيادات أمنية عقب السيطرة الأمنية النسبية على المظاهرة. صرخات منال وغيرها وجدت آذانا صاغية عند القيادات الأمنية، التى فتح عدد منها حوارا مباشرا ومفتوحا مع عدة مجموعات من الشباب القبطى الغاضب، بعيدا عن غرف الأمن المغلقة، وكان القاسم المشترك فى أحاديث الأمن الجانبية هو تهدئة خواطر المتظاهرين وحثهم على ترشيد غضبهم، وزادت رتبة كبيرة فى موقع الحادث «أهدوا من فضلكم وسيبونا نشتغل عشان تعرفوا تعيدوا»، وهو ما واجهه الشباب بإلقاء اللوم على الأمن وعبارات من قبل، «لولا تقصيره ما وقع الحادث»، « واحنا مضطهدين فى بلدنا»، و«كل عيد بنموت فى بلدنا». لكن مع اقتراب أذان الفجر، ختم المتظاهرون غضبهم بالصلاة «أرحمنا يا الله» وعتاب وهم يهمون بالعودة لبيوتهم فى حوار هامس «مكنش لازم نضربهم بالطوب».