لم تكن مجموعة من الاوراق والكرتون والأصماغ وورشة ورأس مال محدود كافية لأن تقوم الشركة، كان الأمر يتطلب قدرا من المخاطرة والمغامرة من شابين لم يسبق لهما العمل من قبل فى صناعة ينظر لها إلى اليوم على أنها كمالية وموسمية وغير رائجة. «الأجندات والنتائج وهدايا العام الجديد ليست كماليات»، يقولها سمير درويش أحد شريكين فى إحدى شركات التسويق والتجارة، مضيفا: «الدعاية تدخل فى كل شىء ولا غنى عنها لا فى التجارة ولا فى الحياة العامة، باختصار نحن نقوم بدور لا غنى عنه وهو تنشيط السوق المصرية». فى عام 1975 التقى سمير خريج الكلية الحربية بمراد ثابت الشاب المحب للتمثيل والفن وخريج كلية الآداب وأسسا معا شركة لاستيراد وتسويق الأجندات والنتائج داخل السوق المصرية، ومنذ عام 1990 عزف الشريكان عن الاستيراد بعد أن زادت الأسعار بشكل مبالغ فيه، وتعقدت قوانين الاستيراد. يوضح مراد ثابت: «هنا كان علينا أن نخوض مغامرة جديدة: التصنيع». أخذا الشريكان أولا ورشة فى شبرا ثم أخرى فى مدينة نصر لانتاج وتصنيع مواد الدعاية من (الأجندات النتائج المصنوعات الجلدية) كوسيلة دعائية للشركات والمؤسسات. وفى 1993 أحدث دخول الكمبيوتر طفرة تكنولوجية فى الشركة، فبدلا من الاعتماد التقليدى على الخطاط اليدوى، أصبح الاعتماد على برامج فصل الألوان والطباعة المتطورة، «وفر لنا هذا قدرا كبيرا من الدقة والسرعة» كما يؤكد سمير. لا تروق كليشيهات قتل دخول الكمبيوتر للروح الفنية للمنتجات لأى منهما، وهو ما يعبر عنه رفيقه: «لا أرى فى دخول الكمبيوتر تغييرا جذريا فى فن صناعة الأجندة، ذلك أن الابتكار فى الشكل والمضمون كان ولا يزال روح الصناعة، كما أن الكمبيوتر لم يحرم الأوراق العمل اليدوى فلا تزال الكثير من الشعارات تحتاج إلى خطاط قبل أن نقوم بطباعتها». وبالمثل فإن أيا منهم لا يخشى تدهور الصناعة الورقية للأجندة، رغم ظهور بدائل إلكترونية كثيرة منها الموبايل. يؤكد مراد ثابت: «الأجندة لها وضع خاص جدا، بخلاف البيزنس والدعاية التى لا غنى عنها لأى شركة، فإن هدايا العام الجديد أصبحت بمثابة عادة اجتماعية تقوى العلاقات بين الجيران والأقارب. الأجندات والنتائج طوال عمرها مثل الياميش وكحك العيد وحلاوة المولد، فالأمر يصبح نوعا من الدعاية الشعبية والاجتماعية الظريفة التى لا يمكن أن تنتهى». مع الاقتراب من نهاية العام، تقبل بعض العائلات والأفراد على شركات الدعاية والمطابع من أجل طباعة اسم العائلة أو شعار مبتكر على بعض الأدوات المكتبية ونتائج العام الجديد «يكون الأمر بمثابة اعلان للنوايا الحسنة من قبل هؤلاء الأفراد، سواء كانت هناك مصالح خلف ذلك أو مجرد دعوة للسلام» كما يضيف مراد. تدخل الأوراق والكرتون والأقلام والأجهزة فى ورشة درويش ومراد لتخرج فى هيئة منتجات وهدايا محفور عليها أسماء شركات وأفراد آخرين، أما اسم الشركة المصنعة فيبقى مغمورا لا يعرفه إلا الوكلاء. «طبيعة عملنا مثل أعمال أخرى كثيرة، رغم أن مجالنا الرئيسى هو الدعاية إلا أننا لا نقوم بالدعاية لأنفسنا مثل أعمال أخرى كثيرة، نكتفى بالتصنيع». رغم شعبية الأجندة بين مختلف الأوساط، ففى الآونة الأخيرة ظهرت بعض الأصوات المطالبة بوقف التعامل مع هدايا العام الجديد باعتبارها نوعا من الرشوة المقنعة. «كلام فارغ! هى وسيلة مشروعة جدا ومعروفة منذ الأزل للدعاية للمنتج، بدليل أنه بوسع من يحصل على هذه الأجندات أو النتائج أن يتعاقد على منتجات هذه الشركة أو أن يمتنع عن ذلك». ثم يؤكد سمير أيضا مدافعا عن مشروعية الأجندة: «هى مجرد أداة لتذكرة العميل بمنتجك»! يعتقد البعض أن شركات تصنيع النتائج والأجندات وهدايا العام الجديد تعمل فقط خلال موسم نهاية العام، لكن الأمر بحسب أصحاب الشركة: «مثل أى صناعة لدينا موسم ترتفع فيه المبيعات، نبدأ التجهيز لهذا الموسم من شهر أغسطس، والتعاقدات فى شهر أكتوبر، وأخيرا التسليم فى نوفمبر وديسمبر». يواصل مراد: «طوال العام هناك طلبيات من مختلف الهيئات والشركات مثل تحضير حقائب مؤتمرات علمية ووزارية وغيرها». وباختلاف الشركات وتوجهاتها أو اتجاهات العملاء يختلف شكل وأسعار الأجندات: «أحيانا تتفق معنا كنيسة أو مؤسسة دينية على طباعة أجندات عليها شعارات دينية أو وعظ، وتكون فى الغالب رخيصة الثمن، كما تقوم أحيانا بعض الجهات غير الربحية بطباعة رسالتها على هدايا رأس السنة، فيكون الأمر بمثابة نشر للدعوة». ومثل جميع الصناعات تتأثر الشركة بالتقلبات والأحداث السياسية التى قد تأتى أحيانا بما تشتهيه السفن: «خلال فترة الانتخابات البرلمانية كان هناك إقبال غير عادى على الأجندات من قبل المرشحين، كنوع من الدعاية التى يمكن أن تندرج تحت بند المجاملات». ومع ارتفاع أسعار الورق محليا خلال الموسم الحالى، تأثرت بعض شركات الدعاية ورفعت الأسعار، أما سمير ومراد فكان لهما طريقة للخروج من هذا الحصار. «كل شركة تحدد حصص مختلفة للعملاء العاديين والمتوسطين والمميزين، وتتفاوت تباعا الأسعار من 10جنيهات وحتى 370 فى الأجندات المصنوعة من الجلد الطبيعى والموجهة إلى العملاء الكبار والشخصيات المهمة»، ومع تنوع الشرائح التى تتعامل معها الشركة أصبح يمكن لطلبية أن تمول طلبية أخرى، خصوصا مع التفاوت الكبير فى أسعار الأجندات. يعلق سمير درويش: «هناك دائما من يريد أن يدفع أكثر وهناك من فى حاجة لأن يدفع أقل».