قبل أن يلتقى أصدقاءه فى الجمعية الوطنية للتغيير، يغلق صدقى هاتفه المحمول ثم يخرج شريحة الهاتف، «لو التليفون لسة فى الشريحة، يبقى ممكن تتبع مكانه». إضافة لاحتياطاته حول الهاتف المحمول، فإن صدقى يستخدم برنامج كمبيوتر خاص يقوم من خلاله بتشفير جميع رسائل البريد الإلكترونى، ولا يستطيع المستقبل قراءتها إلا باستخدام برنامج مماثل. البعض قد يتهم صدقى بالبارانويا، والمبالغة الشديدة. إلا أن آلاف الناشطين السياسيين حول العالم سيؤكدون أن هذه الإجراءات هى أقل ما يمكن عمله لمواجهة التطور المذهل فى تقنيات الحكومة لمراقبة أعدائها. عالم ما بعد 11 سبتمبر هو عالم «الأخ الكبير» الذى تنبأ به كتاب الخيال العلمى، فكل حركة ممكن رصدها وتتبعها واستخدامها كدليل إدانة. فى عام 2005 ألقت الحكومة الصينية القبض على صحفى مناهض للحزب الشيوعى الحاكم بعد أن ساعدتها شركة ياهو فى التجسس عليه ومعرفة تحركاته من خلال بريده الإلكترونى. وعام 2006، اكتشف الأمريكان أن إحدى كبرى شركات الاتصالات، آى تى أند تى، قد أعدت غرفة سرية للتجسس وتسجيل مكالمات الهواتف العادية والمحمولة ورسائل البريد الإلكترونى ورسائل المحمول القصيرة. أما فى مصر، فقد ظهر التعاون الواضح بين أجهزة الأمن وشركات المحمول فى فرض رقابة على رسائل المحمول لعدد كبير من المستخدمين ومنع كلمات بعينها من الإرسال. ففى وقت الانتخابات، لم يكن من المسموح إرسال أى رسالة قصيرة لعدد ضخم من الناس إن كانت تحمل كلمات «الداخلية»، «الرئيس»، أو «الانتخابات». وتظهر بين الحين والآخر أخبارا متناثرة حول استخدام الشرطة لشركات المحمول فى تتبع أماكن المجرمين، مثلما حدث فى قضية قاتل «هبة ونادين»، ولكن دون الخوض فى تفاصيل العلاقة بين أجهزة الأمن وشركات المحمول، والشروط القانونية للقيام بهذا التتبع. بعض كافيهات الإنترنت كانت تطلب من روادها تسجيل الاسم والرقم القومى فى سجل خاص قبل استخدام الكمبيوتر، وكان التفسير الواضح «إن ناس من أمن الدولة طلبت منا كده». وتشكك النشطاء من القرار المفاجئ لشركات الاتصالات فى طلبها لمعلومات شخصية وأرقام هواتف مستخدمى الإنترنت اللاسلكى فى الكافيهات، بعد أن كانت الخدمة مفتوحة للجميع فى بدايتها دون الحاجة لأى بيانات. وانتبه المصريون للمرة الأولى لأهمية كاميرات المراقبة فى تتبع الجريمة أثناء متابعتهم لقضية سوزان تميم، وشرائط الفيديو التى طلبتها المحكمة من دبى والتى أثبتت تورط السكرى فى اغتيالها. لم تلعب كاميرات المراقبة المصرية بعد دور البطولة فى أى جريمة أو قضية كبرى، لكن القاهرة قد شهدت انتشارا غير مسبوق لكاميرات المراقبة فى المحال والفنادق، ثم فى قلب القاهرة لمراقبة حركة المرور، ولكن وجودها يتيح لمن وراء العدسة استخدامها فى أى غرض كان.