عندما أصبح سيرجيو ماركيونى الرئيس التنفيذى لشركة فيات عام 2004، لم يكن هناك أى شىء مشترك بين سيارتى الشركة متوسطتى الحجم: فيات ستيلو وألفا روميو 147. وفى غضون عشر سنوات، تهدف الشركة الإيطالية إلى امتلاك ثلاث وحدات صناعية، تبنى منها معظم موديلاتها، عن طريق حليفتها كرايسلر. بينما تهدف شركة فولكس فاجن المنافسة، مع نظامها لتصميم الموديلات، إلى تخفيض تكلفة إنتاج سياراتها بنسبة 20 فى المائة، والساعات التى يستغرقها تجميع كل مركبة بنسبة 30 فى المائة. وتقول فولكس فاجن إن جميع وحداتها الصناعية ستكون قادرة على إنتاج السيارات التى تشترك فى الموديلات، حتى لو تراوحت فى الحجم من سيارات بولو صغيرة الحجم حتى السيارات الرياضية مثل تيجوان. ويقول أولريش هاكنبرج عضو مجلس إدارة فولكس فاجن والمشرف على جهود التطوير «من الناحية النظرية، نستطيع تجميع جميع السيارات فى جميع المصانع، وهو ما يجعل الأمر بالغ المرونة.. فى أوقات سابقة كان لدينا مصنع واحد لكل طراز». وفى شركة فورد موتور، حيث يبدأ بيع السيارة «فوكاس» الجديدة فى أوروبا وأمريكا الشمالية العام المقبل، ثم آسيا بداية من عام 2012، سوف يكون 80 فى المائة من إجمالى عدد أجزاء السيارة مشتركا، سواء تم تجميعها فى ميتشجان أو سان بطرسبرج أو تشونجكينج. وسوف تقوم فورد بإجراء تبديل وتغييرات فى السيارة حتى تلائم الأذواق فى الأسواق المختلفة. وسيكون خيار السيارة التى تعمل بالديزل متاحا أمام المشترين من أوروبا. وسيختار الأمريكيون ناقل الحركة الأوتوماتيكى، والإطارات المناسبة لجميع حالات الطقس. كما تختلف متطلبات الحماية من التحطم فى جميع أنحاء العالم، لذلك سوف تختلف بعض العناصر. غير أن فورد، التى يسعى رئيسها التنفيذى آلان مولالى إلى جعل جميع عمليات الشركة فى أنحاء العالم تعمل معا، تصف السيارة «فوكاس» بأنها «سيارة عالمية». وهى تخطط لتصنيع نحو عشرة موديلات، من بينها سيارة فوكاس كهربائية، والسيارة الهجين التى تستخدم محركا كهربائيا إلى جانب محرك احتراق داخلى، والسيارة التالية لسيارتها كوجا الصغيرة ذات الدفع الرباعى، وجميعها تأتى فى صدارة نفس بنية الحجم المتوسط. نظام جديد من قلب الأزمة وها هى وحدات تجميع السيارات العملاقة أوضح دلالة حتى الآن على سباق الحجم الذى يبشر بالتغيير فى واحدة من أضخم الصناعات فى العالم. فبعد أزمة هزت صناعة السيارات من أساسها، بدأت تظهر ملامح نظام جديد لن يشجع سوى المنتجين القادرين على صناعة سيارات لا حدود لتنوعها، ولكن مع عدد من العناصر داخلية مشتركة أكثر من قبل. ويمثل ما يطلق عليه صناع السيارات «المشاركة فى المنصة» ممارسة راسخة منذ زمن بعيد فى صناعة حادة التنافس. وحتى وقت قريب، كانت المشاركة فى المنصة تعنى استخدام نفس الشاسيه الصلب لتجميع سيارات متشابهة للغاية، مع اختلافات تجميلية، أو سيارات متطابقة مع لوحات تسمية مختلفة وهى عملية تعرف باسم «هندسة البادج». حيث يجب أن يكون للمنتجات نفس حجم قاعدة العجلات، ونظام التعليق فى السيارة. أما الآن يمكن سد العجز فى طرازات مختلفة، وتجميع سيارات بأشكال وأحجام مختلفة للغاية فى نفس المصنع. وفى الوقت نفسه، أدى الركود الاقتصادى الذى عجل باندفاع صناع السيارات إلى الأسواق الناشئة سريعة النمو، وإلى التقنيات منخفضة الانبعاثات إلى تكثيف طلب صناع السيارات على التصنيع واسع النطاق فى محاولة لخفض التكاليف. وبينما تسمح التطورات فى تكنولوجيا التصنيع بمرونة غير مسبوقة فى خطوط الإنتاج، تصبح هناك ميزة جديدة تضاف إلى أكبر المنتجين. ويقول أنتونى برات، رئيس قسم السيارات فى شركة بى دبليو سى للاستشارات: «يشبه انتهاج شركات صناعة السيارات لاستراتيجية المنصة العالمية قدرة شركة وول مارت على تخفيض التكلفة عبر اقتصادات كبيرة الحجم». ويضيف: «بينما لا يمثل هذا توجها جديدا، فهى المرة الأولى تقريبا التى تتبنى فيها جميع شركات السيارات هذا التوجه بصورة جماعية». وتتوقع شركة فورد أن منصتها «سى» بمجرد أن تعمل بطاقتها الكلية، سوف تنتج أكثر من مليونى سيارة سنويا وهو ما يساوى تقريبا مبيعات شركة فيات إجمالا. ويتوقع المحللون أن زيادة وحدات الإنتاج ضخمة الحجم، سوف يؤدى إلى صراع على البقاء بين الشركات الموردة، حيث تسعى للحصول على نفس التعاقدات العالمية، وهى معركة لن يفوز فيها سوى الأكبر والأصلح. كما أن قدرة الشركات الراسخة على تطوير وإنتاج عائلات كبيرة من السيارات سوف تمثل أيضا بالنسبة لشركات الناشئة فى صناعة السيارات مثل شركات الصين، حاجزا مانعا لدخول نادى الصفوة. كما أدى الاندفاع من أجل تكوين كتلة حرجة فى مجال التطوير والتصنيع إلى قيام شراكات بين منتجين متنافسين، ويوضح ذلك اتفاق شركة ديملر هذا العام مع رينو ونيسان، على التعاون فى مجال إنتاج سيارات صغيرة، وشاحنات ومحركات. وكما يوضح إنجلبرت فيمر من شركة بى إيه للاستشارات فى مجال صناعة السيارات: «الآن، إما أن تكون كبيرا فعلا، أو تموت». فولكس تستثمر 52 مليار يورو وربما تكون شركة فولكس فاجن الشركة الجديرة بالاهتمام، مع التحرك نحو حجم الإنتاج الكبير، والتحول إلى مرونة التصنيع. حيث تعيد الشركة الألمانية العملاقة فى صناعة السيارات تجهيز عملياتها فى أنحاء العالم من أجل كسب ما تقول إنه سيكون اقتصادات الحجم الكبير فى إطار نهج قائم على الوحدات فى صناعة السيارات. وفى الشهر الفائت، قالت فولكس فاجن إنها سوف تستثمر نحو 52 مليار يورو (67 ملبار دولار) فى عمليات صناعة السيارات، الكثير منها سوف يهدف إلى إعادة تجهيز مصانعها. وبحلول 2018، تهدف فولكس فاجن إلى صناعة عشرة ملايين سيارة سنويا تشترك فى نفس التصميمات الأساسية. ويعتبر هذا التحرك جزءا أساسيا من استراتيجية مارتن وينتركورن المهندس المخضرم الذى حول السيارة أودى إلى ماكينة للربح، وهو الآن الرئيس التنفيذى لشركة فولكس فاجن التى تهدف للإطاحة بشركة تويوتا كأكبر منتج للسيارات فى العالم، بحلول ذلك العام. وتتشكك فولكس فاجن أكثر من فورد فى أن مشترى السيارات حول العالم سوف يريدون سيارات متشابهة على نطاق واسع. وفى حين أن طرازى جولف وبولو متماثلان بالأساس فى كل مكان، تقوم المجموعة بإنتاج مجموعة من المنتجات تلائم احتياجات الأسواق المحلية، بما فى ذلك السيارة لافيدا الصغيرة الصغيرة التى تقوم بتصنيعها فى الصين، أو السيارة جول منخفضة التكلفة التى تصنعها فى البرازيل. غير أن الشركة تقوم بتصنيع أجزاء متشابهة للغاية بين الماركات المستقرة للمجموعة، التى تتراوح بين سكودا وسيات، وصولا إلى أودى وبنتلى. وقد ظلت فولكس فاجن فترة طويلة من رواد الصناعة فى تقاسم أكثر ما يمكن من الأجزاء بين السيارات المتماثلة فى الحجم، ثم تعديل ملامحها الخارجية والداخلية، وديناميكيات القيادة تمشيا مع ما هو متوقع من كل ماركة. واستطاعت السيارة أودى تنشيط مبيعات السيارة أودى إيه 1 أصغر سياراتها حتى الآن وهى تمثل تحديا للسيارة مينى بى ام دبليو فيما يرجع على نحو كبير إلى بنية السيارة التى تتشابه مع السيارة بولو من فولكس فاجن، والسيارة سيات من إبيزا. وتقول فولكس فاجن إنها تعتزم فى غضون عشر سنوات مواصلة إنشاء وحدات السيارات المشتركة، بحجم ضخم لم تشهده الصناعة من قبل. وهى تخطط لتوحيد الجزء الأكبر من المركبات التى تصنعها من السيارات الصغيرة إلى السيارات ذات الدفع الرباعى حول تصميمين أساسيين، أحدهما بالمحرك الذى يعمل طوليا، والثانى عرضيا. كما تعتزم أيضا إنتاج مجموعة ثالثة من «عائلة صغيرة جديدة» من السيارات القائمة على التعاون مع شريكتها اليابانية، سوزوكى، بغرض استهداف الأسواق الناشئة و«المدن الكبرى». وتتوقع شركة فولكس فاجن مع الوفورات الكبيرة فى التكاليف أن تحقق مثل شركة فورد، المزيد من الأرباح من المزايا التى توفرها ضد المنافسين، مثل أنظمة المواد الترفيهية، أو تسريع معدل تجديد أو تبديل الموديلات. ويمكن لشركة فولكس فاجن ونظيراتها الكبريات تجنب الرسوم على الواردات، عبر إضفاء الطابع المحلى على إنتاج الموديلات الجديدة. وتستخدم شركة نيسان نهجا مماثلا لتجميع وحدات السيارات الصغيرة، وهى الأصعب فى تحقيق الأرباح بالنسبة لأى صانع سيارات. وتقوم الشركة فى منصتها الجديدة «V» بتجميع السيارة «ميكرا» التى تصنع فى مصانعها فى الصين، وتايلاند، والهند والمكسيك، ويرمز الحرف «V» إلى التنوع، وستقوم الشركة اليابانية أيضا بصناعة نوعين أيضا من جسم السيارة الخارجى فى نفس الأماكن ربما سيارة صالون وحافلة لنقل الركاب. وتتيح تكنولوجيا الوحدات لشركة نيسان إضافة محرك مختلف، أو ناقل للحركة أو مقدمة أو مؤخرة، على نحو تبدو فيه سيارة مدير كبير مشابهة للعبة أطفال مشهورة. ويقول آندى بالمر، رئيس قسم تخطيط الإنتاج فى شركة نيسان: «لقد استثمرنا فى صندوق كبير للعبة ليجو» ويضيف: «الحقيقة أنك تستطيع أن تضع تباديل مختلفة معا لتعطيك درجة عالية من المرونة». وتتوقع نيسان أن تنتج المنصة أكثر من مليون سيارة سنويا. تقليل التكاليف ينطوى على مخاطر تعتبر ذريعة التكلفة مقنعة، وهى تغطى أكثر من مجرد التساؤل عن كيف وأين يتم تصنيع السيارات. ويأتى على رأس ما توفره فورد من المشتريات، أنها تقتصد فى الهندسة والتصميم عبر إنتاج السيارة فوكاس القادمة فى مكان واحد مركزها العالمى للسيارات الصغيرة بالقرب من كولونيا. وسوف توفر فورد أيضا من تكاليف التسويق من خلال إنتاج سياسة عالمية مماثلة، حيث تقلل من عدد الرسائل التى تحتاج إلى استخدامها فى ترويج الموديل. ولكن، هناك بعض المخاطر التى تواجه صانعى السيارات عند إنشاء صندوق ليجو، عالم وول مارت للمنتجات المتشابهة. حيث إن حذف الشركة الموردة لنفس الجزء أو الوحدة فى العديد من الموديلات يمكن أن يتسبب فى استدعاءات بالملايين للسيارات المعيبة، كما حدث مع تويوتا، التى استدعت أكثر من 12 مليون سيارة خلال العام الماضى. ويقول ولفجانج بيرنهارت، وهو مستشار لدى مؤسسة رولاند بيرجر ستراتيجى كونسالتانتس: «عليك أن تفعل الصواب. إذا كان لديك مشكلة فى وحدة ما واستخدمتها فى جميع سياراتك، فسوف تواجه نفس المشكلة فى كل مكان». وهناك خطر آخر يواجه صناعة تعتمد على الحفاظ على صلتها بعملائها، وهى أن شركات صناعة السيارات سوف تنتج منتجات غير دقيقة ومتجانسة يرفضها العملاء. فقد تعرضت جنرال موتور لاستهجان شديد فى الثمانينيات، بسبب هندسة علامات بطريقة أسفرت عن سيارات ذات ماركات مختلفة، تشابه إلى حد كبير بعضها البعض من ناحية المظهر. وتظهر بعض العلامات المبكرة على التماثل فى إنتاج فولكس فاجن خلال سباقها على صدارة الصناعة. حيث تقوم سكودا، العلامة التشيكية القيمة التابعة لفولكس فاجن بإضافة المزيد من المزايا الراقية إلى سياراتها، فى تحرك يحذر بعض المحللين من أنه يمكن أن يضعف من مكانتها فى سوق السيارات الشبابية منخفضة السعر، ويؤثر على مبيعات العلامة التجارية الأصلية. وبينما لقيت السيارة أودى إيه1 تشجيعا كبيرا فى الصحافة، يصف بعض النقاد سعر السيارة يتراوح بين 16 ألف يورو و25 ألف يورو، طبقا للمميزات التى يختارها العملاء بأنه يناسب سيارة تشترك فى ملامحها الأساسية مع السيارة بولو الأرخص سعرا. وتقول فيات إنها تلتزم الحذر بينما تطبق دمجها الطموح للوحدات الصناعية بالتعاون مع كرايزلر. حيث ترغب شركة السيارات الإيطالية فى زيادة الأجزاء المشتركة فى سياراتها إلى 75 فى المائة بحلول 2014، من 55 65 فى المائة حاليا، وكما يدل على ذلك عدم وجود قاسم مشترك بين ستيلو وألفا 147 قبل ما لا يقل عن عشر سنوات. وسوف تمثل السيارات الثلاث نحو 70 فى المائة من الستة ملايين سيارة التى تأمل الشركتين بتصنيعها بحلول 2014. وبالنسبة لمجموعة تصنع كل شىء بداية من السيارة أونو وصولا إلى سيارات فيرارى الرياضية، تقول فيات إنها على أهبة الاستعداد للحفاظ على تميز سياراتها. ويتساءل هارالد ويستر كبير مهندسى فيات «هل يعنى هذا أن نفس نوع الصابون يجب أن يصلح للجميع؟» ثم يجيب بالنفى الحاسم. ويقول، فى تحذير سوف يلفت انتباه آخرين يعملون فى الصناعة: «إن ضغط مجتمع الشركة الصناعى من أجل التوحيد، ينبغى أن يعادله الأفراد المسئولون عن العلامة التجارية، المنتجون الذين يجب أن يكونوا مراقبين حريصين وحراسا على تماسك وسلامة المنتجات».