يرى كثيرون أن أول مائة يوم للرئيس الأمريكى باراك أوباما مثيرة للإعجاب، ولكن هل يمكن مقارنة أوباما فى هذه الفترة بالرؤساء السابقين للولايات المتحدةالأمريكية منذ فرانكلين روزفلت حتى جورج بوش؟ ليونارد دويل الكاتب فى صحيفة ال«ديلى تليجراف» رصد أهم القرارات والأحداث التى وقعت خلال المائة يوم الأولى لبعض الرؤساء الأمريكيين. مشيرا إلى مدى التزام كل رئيس منهم بوعوده الانتخابية فى هذه الفترة كالتالى: *فرانكلين روزفلت 1933 الرئيس الثانى والثلاثون.. بعد ثمانية أيام من توليه منصب رئيس الولاياتالمتحدةالأمريكية - فى وقت كانت فيه الولاياتالمتحدةالأمريكية تعانى من أكبر أزمة مالية فى تاريخها - قدم روزفلت تشريعا طارئا استغرق 103 أيام لإصداره بهدف احتواء الأزمة الاقتصادية وتحقيق انفراجة كبيرة لأزمة البطالة وسد العجز فى الميزانية. وقام روزفلت بتخفيض الميزانية من خلال تقليل الرواتب الحكومية ومعاشات قدامى المحاربين بنسبة 15% لتوفير 500 مليون دولار فى السنة. وكان روزفلت صاحب أحد أشهر المقولات فى التاريخ الأمريكى، حيث قال: «الشىء الوحيد الذى يجب أن نخاف منه هو الخوف نفسه»، وقد قالها فرانكلين فى خطاب تنصيبه. أما عن زوجته السيدة الأولى إليانور روزفلت فكانت تعقد مؤتمرا صحفيا كل أسبوع وتكتب عمودا فى إحدى الصحف، على الرغم من أن الدستور الأمريكى لم يكن ينص على اضطلاع السيدة الأولى بأى دور معين، وقد اقتصر دور الكثيرات منهن على القيام بالرسميات حتى ذلك الحين. ولكن السيدة إليانور روزفلت فضلت أن تختار دربا مختلفا عن أسلافها، فسرعان ما رسمت لنفسها دورا رئاسيا يليق بها. فقد كانت إليانور من أشد المؤيدين لحقوق المرأة وحقوق الفقراء والأقليات. وأصبحت بمثابة العين التى يرى فرانكلين الأمور من خلالها والأذن التى يسمع بها، وجابت البلاد عرضا وطولا تتفقد أحوال الناس وترفع التقارير حول ما تتوصل إليه من نتائج، خاصة تلك المتعلقة بالتمييز العنصرى الذى كان قائما حينذاك فى الولايات الجنوبية. وكانت تضغط فى كثير من الأحيان على الرئيس بشدة ليغير سياساته. *جون كينيدى 1961 الرئيس الخامس والثلاثون.. شهدت المائة يوم الأولى للرئيس كينيدى بداية بطيئة لتنفيذ الأجندة التشريعية المتعلقة بالضرائب والحقوق المدنية والرعاية الطبية، حيث عرقل الكونجرس إقرارها. ولم يكن الكونجرس المشكلة الوحيدة التى واجهها كينيدى خلال أيامه الأولى، ففى اليوم الثامن والستين للرئيس الديمقراطى فى البيت الأبيض وتحديدا يوم 16 أبريل، توجهت وحدة عسكرية مدعومة من الولاياتالمتحدةالأمريكية إلى شاطئ خليج الخنازير فى كوبا فى محاولة غير ناجحة لقلب نظام فيدل كاسترو. وعلى أثرها حمل كينيدى وكالة المخابرات المركزية الأمريكية سى.أى.إيه مسئولية ذلك الفشل، وطبقا لنظرية المؤامرة، فإن هذا الاتهام قاد فى النهاية إلى اغتيال كينيدى. ومن أقواله التى لا تنساها ذاكرة التاريخ: «وهكذا يا أبناء وطنى الأمريكيين: لا تسألوا عما يمكن أن يفعله لكم بلدكم، بل اسألوا ماذا يمكنكم أن تفعلوا لبلدكم » وقد قال كينيدى هذه المقولة خلال خطاب تنصيبه فى شهر يناير 1961. ولم يقتصر حب المواطنين وهوسهم للرئيس كينيدى فحسب، بل امتد إلى كامل عائلته التى حازت إعجاب الجميع، فكانت زوجته الجميلة جاكلين كينيدى، وولداهما كارولين وجون محط الاهتمام والحب من كل الأمريكيين حتى إنهم تحولوا إلى ما يشبه نجوم هوليوود لشباب هذا الجيل. وقد دلت استطلاعات الرأى التى أجريت خلال هذه الفترة على مدى تأييد الأمريكيين لقرارات الرئيس كينيدى خلال المائة يوم الأولى ورضاهم عن سياساته، حيث حصل على تأييد 74% من الأمريكيين وهى أعلى نسبة تأييد حققها أى رئيس حتى الآن. *رونالد ريجان 1981 الرئيس الأربعون.. سعيا نحو تحفيز الاقتصاد، شهدت الولاياتالمتحدة تخفيضا للضرائب هو الأكبر من نوعه فى تاريخها، فقد قرر الرئيس ريجان خفض الضريبة على الدخل من 70% إلى 50%. وبعد مرور 96 يوما لريجان فى البيت الأبيض، أطلق جون هينكلى النار عليه أثناء خروجه من فندق «هيلتون»، وقد اخترقت إحدى الرصاصات صدر ريجان واستقرت فى الرئة قبل وصولها إلى القلب بمسافة بوصة واحدة. وكانت عبارة «حبيبتى، لقد نسيت أن أتفادى الضربة» هى أول تعليق قاله لزوجته فى المستشفى بعد الاغتيال. ورغم خطورة حالته الصحية فإن الرئيس دأب خلال بقائه فى المستشفى على مداعبة الممرضات والأطباء وكان يتمتع بمعنويات مرتفعة ولم يكن يشعر بأى قلق أو خوف. كما قرر ريجان العفو عن هينكلى عندما علم أنه مختل عقليا. وبينما دخلت إليانور روزفلت التاريخ بشخصيتها القيادية وكونها عين زوجها خلال حكمه، اختارت نانسى زوجة الرئيس ريجان التى كانت ممثلة مغمورة حين زواجها منه عام 1952 أن تدخل التاريخ من بوابة المنجمين، حيث اشتهرت بلجوئها إلى أحد المنجمين واستشارته دائما فى كل خطواتها، كما طالبته سرا بتخطيط برنامج زوجها الرئاسى. *بيل كلينتون 1993 الرئيس الثانى والأربعون.. على الرغم من أن الرئيس الأمريكى عادة ما يميل إلى أن يتبنى مجموعة من القرارات والقوانين خلال فترة المائة يوم الأولى من حكمه ليبرهن للناخبين على أنهم اختاروا الشخص المناسب للرئاسة فإن هذه الفترة الحيوية من حكم الرئيس الثانى والأربعين بيل كلينتون شهدت صدور قانون واحد فقط. وقد كان كلينتون يتفاخر بأنه صاحب أكثر مائة يوم منتجة فى التاريخ الحديث للولايات المتحدةالأمريكية، فعلى الرغم من تنازله عن مشروع القانون الخاص بالسماح لمثليى الجنس بالخدمة فى الجيش بعد نزاع مع قادة هيئة أركان الجيش فإنه فى الوقت نفسه تبنى مجموعة من الإجراءات ساهمت فى تحقيق انتعاش حقيقى للاقتصاد الأمريكى. ومن أقواله المشهورة: «إنه الاقتصاد.. يا غبى» والتى قالها خلال واحدة من المناظرات التى جرت بينه وبين منافسه الجمهورى حينها الرئيس السابق جورج بوش الأب. أما بالنسبة لزوجته هيلارى كلينتون التى بقيت فى البيت الأبيض لمدة ثمانى سنوات بعد أن نجح كلينتون فى الاحتفاظ بمنصبه لفترتين، فقد سعت هى الأخرى للوصول للرئاسة، حيث خاضت سباقا طويلا ومرهقا عام 2008 – 2009 مع الرئيس الأمريكى الحالى باراك أوباما. *جورج ووكر بوش 2001 الرئيس الثالث والأربعون.. أما بالنسبة للرئيس جورج بوش الابن، فقد شهدت فترة المائة يوم الأولى من حكمه مجموعة من القرارات يدفع الأمريكيون ثمنها حتى الآن، فقد قرر خفض الضرائب بإجمالى 1,6 تريليون دولار ورفض التوقيع على اتفاقية «كيوتو»، فخلال ال60 يوما فقط من تولّيه الرئاسة تراجع عن وعده بفرض قيود على محطات توليد الطاقة من أجل تخفيض نسب انبعاث ثانى أكسيد الكربون منها، حيث أرسل خطابا إلى أحد أعضاء مجلس الشيوخ يخبره فيه بأنه لن يفرض تلك القيود. فى الوقت نفسه، وافق على توجيه أول ضربات جوية إستراتيجية على بغداد منذ 1999. أما عن عائلة بوش، فقد كانت زوجته لورا محبوبة من الأمريكيين، إلا أن الفضيحة لاحقت عائلته عندما واجهت ابنته باربرا إحدى ابنتيه التوأم - لم يتجاوز عمرها حينها 21 عاما - تهما تتعلق بحيازتها الخمر.