أظهرت برقية دبلوماسية مسربة أن مصر ضغطت في العام الماضي من أجل تأجيل الاستفتاء على استقلال جنوب السودان ما بين أربع وست سنوات لأنها تخشى من أن الدولة الجديدة يمكن أن تفشل وأن التقسيم قد يضر بحصة مصر من مياه النيل. وأوضحت البرقية أن تحذيرات القاهرة من أن تصويت الجنوب لصالح الانفصال في عام 2011 يمكن أن تكون له عواقب خطيرة من بينها زعزعة استقرار القرن الأفريقي وتدفق المهاجرين على مصر والإضرار بإيرادات قناة السويس. ونقلت البرقية التي يرجع تاريخها إلى أكتوبر عام 2009 عن مسؤولين قولهم: "النتيجة ستكون إقامة دولة غير قابلة للبقاء يمكن أن تهدد موارد مصر من مياه النيل". ومن المقرر إجراء الاستفتاء في التاسع من يناير بموجب اتفاق سلام وقع في عام 2005، وأنهى حربا أهلية بين الشمال والجنوب. ولم يتسن على الفور الوصول إلى وزارة الخارجية المصرية للتعليق على البرقية التي وزعها موقع ويكيليكس على وسائل الإعلام. وتعطل الموقع الإلكتروني الخاص بويكيليكس عدة ساعات بعد أن سحبت شركة كانت توجه البيانات خدماتها في ساعة متأخرة أمس الخميس، لكن بعض البرقيات نشرت على الموقع الإلكتروني لصحيفة الأخبار اللبنانية. وقالت مصر في نوفمبر إنها لن تعترض على تأجيل الاستفتاء لعدة أشهر. وقالت البرقية -المسربة- الصادرة عن السفارة الأمريكية في القاهرة إن المسؤولين طلبوا من الحكومة الأمريكية أن "تعلم" زعماء جنوب السودان بمخاطر الانفصال، وتشجيعهم على الدفاع عن الوحدة. وأضافت البرقية أن مصر اقترحت تعديل اتفاقية السلام لمنح جنوب السودان حكما ذاتيا لمدة عشر سنوات قبل الاختيار بين الفيدرالية أو الاستقلال أو تأجيل الاستفتاء ما بين أربع وست سنوات لتطوير "قدرة جنوب السودان على إقامة دولة". وقالت البرقية إن القاهرة أيدت موقف الخرطوم بأنه ينبغي الحصول على أغلبية الثلثين لتقسيم السودان وبضرورة أن يسمح لجميع الجنوبيين بمن فيهم من يقيمون في الخرطوم وفي الخارج بالتصويت. ونقلت برقية منفصلة يعود تاريخها إلى أبريل عام 2009 عن مدير المخابرات المصرية عمر سليمان قوله للأميرال مايك مولن، رئيس هيئة الأركان المشتركة في الجيش الأمريكي، إن مصر "لا تريد انقسام السودان". وتخوض مصر -التي تعتمد بشكل شبه كامل على نهر النيل لتدبير مواردها المائية- نزاعا مع دول المنبع بشأن اتفاقية ترجع إلى الحقبة الاستعمارية تعطي مصر معظم الإيرادات السنوية من مياه النهر. ووقعت إثيوبيا وأوغندا وتنزانيا ورواندا وكينيا اتفاقية جديدة في مايو أيار الماضي تعطي دول حوض النيل الأخرى مهلة عاما كي تنضم للاتفاقية قبل سريانها. وتؤيد السودان الموقف المصري. ووصفت البرقية المسربة التي يرجع تاريخها إلى أكتوبر 2009 المحادثات بشأن اقتسام مياه النيل بأنها "متوترة". وقال رئيس وزراء إثيوبيا لرويترز، الشهر الماضي، إن مصر لا تستطيع كسب حرب ضد بلاده، واتهم القاهرة بدعم جماعات متمردة في إثيوبيا.