أوجد احتلال قوات التحالف للعراق شعورا كبيرا بالارتياح لزوال الأساس الذى قامت عليه الجبهة الشرقية فى مواجهة إسرائيل. وقد أعطى هذا التغير لإسرائيل حرية فى المناورة السياسية مع جيرانها، مثل سوريا ولبنان، وسمح لها بالتحاور مع الدول العربية بشأن تسوية النزاع مع الفلسطينيين استنادا إلى المبادرة السعودية لسنة 2002، ومحاولة التوصل إلى اتفاق إقليمى. لكن بعد مرور ستة أعوام على غزو العراق، نجد أنفسنا أمام وضع جديد. فالولاياتالمتحدة تقوم بالانسحاب من العراق تاركة إياه يعانى عدم الاستقرار والانقسام، كما أن مكانة الولاياتالمتحدة ضعفت فى نظر دول المنطقة، واختفى الحاجز الذى كان يشكله العراق بين إيران وإسرائيل. واليوم ثمة إمكان لنشوء جبهة شرقية إسلامية بقيادة إيران التى تطور سلاحا ذريا، وذلك بالتعاون مع سوريا وحزب الله فى جنوب لبنان و«حماس» فى القطاع. من هنا، فإن المطلوب هو عرقلة قيام هذه الجبهة، وهذا لا يعنى بالضرورة توجيه ضربة إسرائيلية للمنشآت النووية الإيرانية. على إسرائيل أن تعترف بأن مهاجمة إيران من شأنها فى أفضل الأحوال تأجيل إنتاج السلاح النووى، لكنها لن تمنعه. كما أن مهاجمة إيران لن تؤدى إلى تقوية النظام الإيرانى فحسب، بل إن جزءا من الردع الإسرائيلى سيتضرر بعد الهجوم أيضا، لأن ميزة الردع تستند إلى تقدير القدرات، ولذا، فإنها ستتعرض للتآكل بعد درس نتائج العمليات. من هنا، علينا أن ندرك أن إيران ستحصل على السلاح النووى، لكن بين حصولها على هذا السلاح وبين استخدامها له هناك مسافة بعيدة. لذا يجب أن نقيم توازنا للرعب مع إيران التى تعرف قدراتنا، لكنها تستغل قوتها من أجل توطيد دعائم زعامتها على دول المنطقة. يستنتج من ذلك، أن علينا العمل ضمن إطار إقليمى، وأن نتعاون مع الدول التى تتخوف من سيطرة الإرهاب الأصولى على أراضيها بدعم من طهران، والتى تتخوف من عملية عسكرية إيرانية فى منطقة الخليج. ونستطيع بالتعاون مع هذه الدول، ومع الولاياتالمتحدة، العمل على منع سيطرة إيران على العراق، أو على الأقل على الحد منها. فالنفوذ الإيرانى فى العراق من شأنه أن يزيد فى التهديدات على دول المنطقة. إن الخطوات العملية والمهمة التى يمكن أن تساعد فى تحسين موقف إسرائيل بصورة كبيرة من الناحية العسكرية والاقتصادية والسياسية هى: التفاوض مع الفلسطينيين والاستعانة بوسيط دولى من أجل التوصل إلى اتفاق، إجراء مفاوضات سلام غير مباشرة مع سوريا من أجل تغيير توجهاتها وعرقلة انضمامها إلى الجبهة الشرقية، تبنى المبادرة العربية للسلام والتى يمكن أن تتحول إلى جزء من «الجدار الفاصل» مع إيران. إن تحديد المصالح المشتركة بين إسرائيل وأغلبية جيرانها مثل مصر، والسعودية، والأردن، ودول الخليج، فيما يتعلق بالخطر الإيرانى، سيشكل دافعا إلى التوصل إلى توافق سيساعدنا فى الحصول على تأييد المجتمع الدولى لعملياتنا وللاتفاقات الأخرى.