بكثير من السعادة والشغف تنتظر الفنانة ليلى علوى تكريمها مساء غد فى حفل افتتاح الدورة ال34 لمهرجان القاهرة السينمائى الدولى تتويجا لمشوارها السينمائى الذى وصل إلى 79 فيلما. ورغم تلك السعادة الا أن ليلى تشعر أن التكريم جاء مفاجأة بالنسبة لها خاصة أنه جاء مبكرا كونها مازالت فى منتصف مشوارها الفنى، وتفتح النار على ظاهرة هروب الأفلام المصرية من المشاركة فى المهرجان، قبل أن تتهم الفنانين المصريين الغائبين عنه بلا عذر بالتقصير فى حق بلدهم. ليلى علوى تتحدث ل«الشروق» عن استقبالها لخبر تكريمها فى مهرجان القاهرة، ومدى اختلافه عن التكريمات السابقة فى الحوار التالى. تقول ليلى علوى: رغم أنه سبق تكريمى فى أهم المهرجانات العربية بتونس والمغرب واليمن ولبنان وكذلك فى مهرجان الإسكندرية، إلا أن تكريم مهرجان القاهرة يظل له مذاقه الخاص، وسعادتى بتكريمى فيه لا توصف، لما يتمتع به هذا المهرجان من مكانه لدى النجوم المصريين والعالميين، كما أن مكانته تستمد قوة أيضا لأنه وسط زملائى وأهلى وجمهورى. واعتبر مهرجان القاهرة هو «الأم لمهرجانات مصر والوطن العربى لأنه الأقدم والأعرق، ولا أحد يستطيع إنكار أنه يقوم بدور كبير فى تشجيع السينما الجيدة فى مصر والعالم على مدار السنين، كما أنه أحد أفضل 11 مهرجانا على مستوى العالم. وكيف ترين توقيت تكريمك بعد التكريم بالمهرجانات الأخرى؟ ينتابنى شعور غريب عندما يتم تكريمى بأن هذا التكريم جاء مبكرا، وهذا حدث عندما كرمت فى المغرب وبيروت، ونفس الحال عندما علمت بتكريمى فى مهرجان القاهرة، فأبدا لم أشعر أن التكريم تأخر، بالعكس أشعر أنه جاء قبل موعده، لأننى مازلت فى منتصف الطريق.. لكنى أعلم أن التكريمات فى مهرجان القاهرة عبارة عن دفعات أجيال، وهذا العام جاء موعد تكريم دفعتى. إلى أى مدى تهتمين بالتكريم؟ التكريم هو تتويج لمشوار الفنان، وأحب شغلى جدا، وفى بعض الأحيان كنت أعتقد أننى لم أقدم شيئا لأكرم عليه، ولكن عندما أعود إلى أرشيفى وأراجع ما قدمته للسينما، أعرف أننى قدمت أعمالا مهمة خلال مشوارى.. وبمناسبة الأرشيف أريد ذكر موقف للمرة الأولى وهو أننى فقدت أرشيفى بالكامل عندما تعرض بيتى لحادث حريق فى ديسمبر 2005، واكتشفت أن ال79 فيلما التى قدمتها، وكل ما كتب عنى فى الصحف التهمته النيران، وشعرت بحجم هذه المأساة عندما أبلغت بتكريمى فى مهرجان القاهرة، لأنى بدأت أبحث عن أرشيفى، وساعدنى فى تجميعه كثير من المنتجين والموزعين والنقاد، إلا أننى لم أستطع تجميعه بالكامل ولايزال هناك كثير من أفلامى لم أحصل عليها. وأتعجب أنه لا يوجد مكان يعود إليه الفنان إذا ما تعرض لحادث فقد فيه أرشيفه كما حدث معى، ورغم أننى مقتنعة أن الفنان يجب أن يجمع أرشيفه بنفسه لأنه أحرص إنسان فى الدنيا على ذلك، ولكن ماذا يفعل إذا تعرض مثلى لحادث أفقده كل أرشيفه..أعتقد أن الطبيعى أن يكون هناك أرشيف نعود إليه ونستغله فى استكمال أرشيفنا مقابل قيمة مالية. الكثير يرون أن مهرجان القاهرة فى تراجع مستمر خاصة بعد ظهور المهرجانات الإقليمية الأكثر ثراء؟ أعتقد أننا يجب أن نتصالح مع أنفسنا ونؤمن بأن «الفلوس» ليست كل شىء، حتى نحقق المعادلة.. ويجب أن نبذل مجهودا وطاقة أكبر من أجل المهرجان، لأننا نحبه من أجل قيمته وأمانة ومجهود القائمين عليه، رغم عدم توافر المادة.. وليس أمرا خفيا أن ميزانية مهرجان القاهرة ضعيفة، ولا يوجد لديه إمكانات ضخمة لأنه فى النهاية يعتمد على الميزانية التى تخصصها له الدولة وهى ضعيفة، حتى الرعاة من رجال الأعمال تأثروا بالأزمة الاقتصادية وخفضوا دعمهم للمهرجان، وهذا ليس مع مهرجان القاهرة فقط وإنما على مستوى العالم. وما هو الحل للخروج من الأزمة من وجهة نظرك؟ أرى أن الحل بسيط وهو أن يعرف الجميع أن لهم دورا تجاه المهرجان، وإذا وصلنا لهذه المرحلة مؤكد أننا سنشعر بحالة كبيرة من الرضا تجاه أنفسنا قبل أى شىء. فالمهرجان يحتاج مساندة جماعية من الجميع ليس من النجوم فقط، ولكن المنظمين والعمال، والصحفيين والنقاد.. فنجاح المهرجان سيستمد من احترامنا وحبنا له، وجودة التنظيم واحترامنا للأفلام والضيوف الأجانب..وأتمنى ألا نتصيد الأخطاء للمهرجان، وفى الوقت نفسه لا نغمض أعيننا عن السلبيات. لكن تبقى المشكلة الأكبر بغياب النجوم المصريين عن حفلى الافتتاح والختام؟ كل فنان له طريقته فى التفكير من الممكن أن تنفعه ويمكن أن تضره، وأنا على قناعة كاملة بأن النجم الذى لا يحضر مهرجان القاهرة دون أن يكون لديه عذر اضطرارى فهو مقصر ليس فقط فى حق المهرجان والسينما وإنما فى حق البلد ككل. أقول ذلك لأنى أعلم أن هناك من يغيب لظرف عائلة أو ظرف قهرى فى التصوير، فهذه الفئة لا يجب أن نظلمها ونحكم عليها بأنها لا تحب المهرجان أو لا تحترمه. وإن كنت أعلم الدور الكبير للنجوم لأنهم من يمنحون المهرجان بريقه، ليس فقط فى القاهرة فالنجوم المصريون هم من يمنحون البريق لكل المهرجانات العربية، لأن البريق لا يتحقق إلا بوجود النجوم المصريين أو الأمريكيين. وأنا ضد المقصرين فى حضور مهرجان القاهرة وأدعوهم أن يعتبروه يوم عمل، ويحضروا هذا العرس السينمائى. وماذا عن هروب الأفلام المصرية إلى مهرجانات أخرى؟ أضع علامة تعجب غريبة على هذا الموقف، لأننى لا أعرف سببا لذلك أو مبررا.. وان كان البعض يفضل مهرجانات أخرى لأن قيمة جوائزها المالية كبيرة، ولا ننكر أن هناك من يبحث عن المادة، وفى رأيى الفنان ينقسم إلى نوعين الأول يبحث عن القيمة والثانى يفضل المادة، وكل إنسان حر فى طريقة تفكيره. لماذا اخترت أن تبتعدى عن السينما الفترة الأخيرة؟ لم أقصد أن أبعد عن السينما، ولى مقولة شهيرة تؤكد ذلك «أنا ابنة الإذاعة والتليفزيون وعاشقة للسينما» فالسينما بالنسبة لى حياة، وكل ما حدث أننى ارتبطت العامين الماضيين بمسلسل «حكايات وبنعيشها»، ولأنى لا أستطيع تقديم أكثر من عمل فى العام الواحد لم أشارك فى أعمال سينمائية..لكنى سأعوض ذلك إن شاء الله بتحضيرى هذه الأيام لفيلم سينمائى أعود به إلى الساحة إلى جانب المسلسل الرمضانى. كيف تحكمين على نفسك فى هذه المرحلة؟ الحمد لله وصلت لمرحلة جيدة جعلت الجمهور والنقاد لديهم ثقة كبيرة فى شخصى وما أقدم من أعمال، لذلك أرى أن المهمة أصبحت أكبر، لأننى مطالبة بالحفاظ على استمرار هذه الثقة.. وبشكل عام لدى أمل كبير فى أن صناعة السينما ستعود الفترة القادمة وتقف على قدميها من جديد، رغم حالة الركود الشديدة التى أصابتها الفترة الأخيرة وأثرت عليها سلبا.. وأرى أننا قادرون على إيجاد حلول كثيرة، ولا أريد أن أستبق الأحداث، إلا أننى أثق أننا فى بداية نهضة سينمائية قريبا. كيف يحدث ذلك والمنتجون اتجهوا مؤخرا إلى الأفلام قليلة التكلفة والديجيتال؟ هذا اتجاه عالمى وليس فقط فى السينما المصرية، وبالتحديد فى أوروبا التى تقترب منا كثيرا فى مشاكلنا، الجميع اتجه للأفلام المستقلة، مع الفرق أن لديهم ميزانية أكبر، والتى تتوفر من اتحادهم كدول مع بعضهم، وهو ما لا نستطيع تحقيقه على المستوى العربى.. وأعتقد أن الحل فى البحث عن آفاق جديدة للتسويق فى العالم العربى وأوروبا، لأن من حق الفيلم المصرى أن يشاهد فى كل العالم، وأن يترجم ويدبلج ومن المؤكد أنه سيجد جمهورا، مثلما استقبلنا هنا فى مصر الأعمال التركية والإيرانية المدبلجة. فهذا تقصير من صناع السينما فى مصر ويجب أن نتحدث فيه مع الموزعين والمسئولين، لنحرك المياه الراكدة فى السوق السينمائية، الذى لا يمكن أن نعتمد فيها على التوزيع الداخلى فقط وان كان هو الأساس. ويجب ألا نغفل أن فى البلاد الأوروبية جاليات عربية بأعداد كبيرة مشتاقين لسماع اللغة العربية..بشكل عام أدعو الجميع ألا يتوقف تفكيرنا عند كيف نصنع فيلما، قد أعجبنى كثيرا أن هناك شبابا تصنع أفلاما مستقلة بميزانيات ضعيفة، يعبرون بها عما يريدونه. لكن هذه النوعية من الأفلام ليس لها صدى لدى الجمهور؟ هناك أكثر من تجربة مستقلة الفترة الأخيرة حققت جوائز كبيرة فى المهرجانات العربية مثل «حاوى»،و«ميكروفون»، ولايجب ألا نحجر على حجم صداها عند الجمهور قبل عرضها جماهيريا. وحتى إذا لم تحقق هذه الأفلام المكاسب المادية المرجوة على المستوى القريب، فالصناعة ككل تحتاج أن يكون بها هذا التنوع فى الأفلام، لأن صناعة السينما فى مصر تحولت فى بعض الفترات إلى إنتاج نوعية واحدة متشابهة. وفيما يخص الجانب التجارى، يجب أن تبحث كل الأفلام بأنواعها المختلفة عن الربح، لأن السينما فى النهاية فن وتجارة وصناعة. كما أن صناع هذه الأفلام يقدمونها ليشاهدها الجمهور، وأى مخرج كبير مهما بلغت عبقريته يحزن إذا لم تحقق أفلامه مشاهدة، والمخرج الكبير يوسف شاهين كان يحزن لأن أفلامه لا تشاهد وظل هذا حاله إلى أن استطاع تحقيق المعادلة. هذا يعنى أنه ليس لديك مشكلة فى المشاركة فى مثل هذه الأفلام؟ ليس لدى مشكلة على الإطلاق لأننى أول من نادى بالاتجاه للأفلام المستقلة عندما شاهدت فيلم «الرقص فى الظلام» فى مهرجان كان قبل 12 سنة، لأنها كانت تجربة ناجحة جدا و«كسرت الدنيا» فى هذا الوقت. وبشكل عام ليست لدى مشكلة فى أى نوعية أو تصنيف للأفلام سواء كان رومانسيا أو كوميديا أو سياسيا أو فانتازيًا أو غنائيا، وأهم شىء بالنسبة لى ألا يستخف هذا الفيلم بعقل المشاهد. وأعتقد أننا لكى نحقق ذلك يجب أن نكون مخلصين فى عملنا حتى نستطيع الحفاظ على أنفسنا وتاريخنا ومكانتنا، ونحقق تاريخا جديدا.