تشير التوقعات إلى أن القمة التى تجمع قادة أكبر عشرين اقتصاد فى العالم، وتنعقد اليوم فى العاصمة الكورية سول، ستشهد خلافات تدلل على أن قادة مجموعة العشرين يعتقدون أن «الخطر قد زال»، كما وصفت صحيفة الفاينانشال تايمز البريطانية أجواء القمة، منتقدة استغراق الاقتصاديات الكبرى فى خلافاتها واعتقادها الخاطئ بأن مخاطر الأزمة المالية التى نشبت فى عام 2008 قد انتهت، بعكس ما شهدته قمة عام 2009، التى نحت فيها تلك الدول خلافاتها جانبا، لتتعاون فى صياغة سياسات دولية لمواجهة الأزمة، التى أثارت المخاوف من انهيار النظام الاقتصادى العالمى. وتدور الخلافات بشكل أساسى حول مطالبات الاقتصاد الامريكى برفع سعر العملة الصينية لتقليل تنافسية صادراتها فى ظل حاجة أمريكا إلى المزيد من النمو الاقتصادى للخروج من حالة الركود الحالية، فيما توجه انتقادات أخرى لإعلان الولاياتالمتحدة بشراء سندات ب600 مليار دولار لمساندة اقتصاد بلادها، وهو ما خفض من سعر العملة الأمريكية دوليا وأثر سلبا على الاقتصادات، التى تعتمد فى تعاملاتها على الدولار. ولم تكن مصر بعيدة عن التأثر بهذا الاجراء، حيث قفز الجنية المصرى فى مواجهة الدولار عقب الإعلان الأمريكى عن شراء السندات، مما أثار مخاوف المصدرين المصريين من تأثر تنافسية صادراتهم من تراجع الدولار. وتوقعت صحيفة الجارديان البريطانية أن يساهم الإعلان الصينى، الذى جاء قبل القمة مباشرة، عن نمو صادراتها فى شهر اكتوبر بنسبة 22.9% مقارنة بنفس الشهر من العام الماضى، مقابل تراجع وارداتها بنسبة فى نفس الشهر ب25.3%، فى زيادة الجدل حول العملة الصينية، وهو المطلب الذى يبدو أن الطرف الصينى متحفظ بشدة عليه، حيث نقلت وكالة رويترز الإخبارية على لسان نائب وزير الخارجية الصينى قوله إنه لا يرى أن العملة الصينية أو أى عملة فى أى سوق ناشئة تسببت فى الأزمة الحالية، مديرا دفة الحديث إلى انتقاد القرار الأمريكى بشراء السندات. الإصلاح المالى والنقدى حتى سياسات الإصلاح المالى والنقدى التى توليها القمة اهتماما كبيرا لم تسلم من الانتقادات، فبينما يتوقع أن يعتمد قادة الدول العشرين الكبار مقررات «بازل 3» والهادفة، التى تأمين النظام المالى العالمى من تكرار أزمات مصرفية تؤدى إلى أزمة مثل أزمة عام 2008، إلا أن تقريرا لصحيفة الفاينانشال تايمز نبه إلى أن تلك المقررات ستحمى النظام المالى مستقبلا، حيث يتوقع أن يبدأ تنفيذها فى عام 2013، بينما لا تتعرض تلك المقررات للمخاطر الحالية التى قد تتعرض لها البنوك، التى تنتشر انشطتها على المستوى الدولى إذا لم يحدث النمو الكافى فى الاقتصاد العالمى أو دخل قطاع الإسكان فى موجة جديدة من الانخفاض فى الأسعار. كما أنتقدت الصحيفة تركيز القمة على انتقاد خطوة شراء السندات الأمريكية، فى الوقت الذى توجد فيه حاجة إلى تكرار هذه الخطوة فى العديد من الاقتصاديات العالمية فى ظل ضعف النمو الاقتصادى. ومن أبرز الإصلاحات المالية المتوقعة من هذه القمة، مناقشة التقدم فى القائمة التى يعمل «مجلس الاستقرار المالى»، التابع للقمة، على اعدادها منذ أكثر من عام، والتى ستحدد أكبر البنوك على المستوى العالمى التى تحتاج إلى المزيد من الضوابط التى تؤمن الاقتصاد العالمى من التأثر سلبا فى حال انهيارها، وسربت مصادر مطلعة لصحيفة الفاينانشال تايمز أن تلك القائمة لن تضم البنوك الكبرى، التى تركز على سوقها المحلية، والتى توجد بشكل قوى فى دول مثل الصين واليابان. وستتعرض القمة أيضا آليات لتحسين نظام التصنيف الائتمانى، كما ذكر تقرير رويترز، مضيفا أن هناك مخاوف أيضا من أن يسهم تشديد الضوابط على القطاع البنكى من تزايد عمليات الائتمان خارج القطاع المصرفى لذا ستهتم القمة بمناقشة كيفية تحسين الرقابة على القطاع المسمى ب«بنوك الظل». وبينما تتركز الانظار على ما ستخرج به نقاشات قمة العشرين، انتقد مركز «الجنوب» الحقوقى فى جنيف، فى بيان له أمس، القمة معتبرا أنها لا تقدم الإصلاحات المالية الكافية، داعيا الدول النامية، إلى تأسيس نظام أقليمى لتنسيق سياسات أسعار صرف العملات وكذلك التنسيق لتطوير نظم أقليمية خاصة بتدفق رءوس الأموال إليها وتنظيم الاسواق المالية «بالطبع فإن الحلول الدولية أفضل من الإقليمية، ولكن إذا كانت القوى الاقتصادية الكبرى لا تتعاون فى بناء نظام عالمى جديد، من الافضل أن تكون هناك إجراءات إقليمية بدلا منها».