انتصارات الفرق الصغيرة تكون مدوية، وانكسارات الفرق الكبيرة تكون مدوية، وقد انتهت مباراة الجونة مع الأهلي بالتعادل، فاعتبر ذلك انتصارا للجونة، وخسارة للأهلي. هذا بمنطق سباق النقاط في الدوري وفروق التاريخ بين الفريقين ، إلا أن انتصار الجونة تمثل في الأداء المميز الذي لعب به الفريق الشاب، خاصة في الشوط الأول، حيث فاز لاعبوه في كل السباقات، سباق الاستحواذ، وسباق السرعة، وسباق القوة، وسباق التحرك. ولا شك أن الأهلي تأثر لغياب كل نجومه تقريبا، إلا أن هذا الأداء الذي يوصف بأنه «دون المستوى» ظهر في مباريات سابقة..ونؤكد على ذلك، على الرغم من أن الأهلي لعب وضغط في الشوط الثاني وسجل، إلا أنه ليست القضية أن الفريق خسر نقطتين أمام الجونة، وإنما المشكلة أنه لم يعد يقدم عروضه القوية ولم يعد جمهوره يسأل قبل كل مباراة بكم هدف سنفوز وإنما هل نفوز؟! وربما تكبر كرة تنس الطاولة، وتصبح كرة ثلج، فهل تلحق إدارة النادي، بكل مستوياتها (مجلس الإدارة ولجنة الكرة والجهاز الفني والإداري)، وتعالج الأمر في أسرع وقت؟ بداية قال نجم الأهلي السابق عبد العزيز عبد الشافي في حوار معه جملة شديدة الأهمية، وهى: «إن المال والاحتراف، وقوة المنافسة والبطولات جعلت الرغبات شرسة.. رغبات اللاعبين والمدربين والجماهير».. ودقة هذا التعبير للنجم الكبير، وقائد قطاع الناشئين في الأهلي، أترجمه بصورة أخرى، وهو أن الفريق يتعرض لضغوط عنيفة، من جماهيره ومن الإعلام، وأهم أسباب تلك الضغوط أنه ظل سنوات بطلا ومسيطرا وحاصدا للعديد من البطولات.. وخسارة مباراة أو بطولة تثير الغضب في أوساط جماهيره.. والجميع يدركون أن الفريق في أشد الحاجة إلى إعادة البناء، وهو أمر لم يمارسه مانويل جوزيه في مرحلة السيطرة والتفوق، وكان جديرا بممارسته، لأن أفضل تطوير يكون في زمن النجاح وأسوأ إصلاح هو ذلك الذى تفرضه الأزمات. إعادة البناء مرحلة صعبة، والأهلي يجب أن يخوضها بخطة حكيمة ومحكمة حتى لو فاز بالدوري.. لكن كيف يعاد بناء فريق في هذه الأيام؟ هل يمكن مثلا أن تتكرر تجربة فريق التلامذة التي خاضها الأهلي في مطلع السبعينيات وأفرزت جيلا بطلا ضم الخطيب وحسن حمدي ومصطفى عبده وحسام البدري ومصطفى يونس، وإكرامي، وغيرهم؟ تلك التجربة التي قدمت هذا الجيل المميز يستحيل تكرارها.. ففي السبعينيات كان «إنتاج الكرة أو الفريق» غير مكلف، بينما باتت التكلفة اليوم باهظة، وتغطية أوجه الإنفاق تكون بالفوز بالبطولات.. كما كان الوقت في مطلع السبعينيات رحبا ومتسعا، ويمنح إدارة النادي، مساحة للبناء، والفوز بنتائجه فيما بعد، وذلك بدون ضغوط إعلامية، وبدون رغبات جماهيرية عنيفة، ترفض التفريط في بطولة من ضمن عشرات البطولات استنادا على إنجازات تحققت بفضل جيل رائع، يمثل الأهلي حاليا وبمدرب سابق صاحب شخصية كاريزمية هو مانويل جوزيه، وبسبب ثالث وفى غاية الأهمية، وغير متاح حاليا، وهو غياب أقوى المنافسين مثل الزمالك والإسماعيلي، واستسلام باقي المنافسين لفكرة تفوق الأهلي وسيطرته، وهذا كله تغير الآن..اليوم هناك أكثر من منافس ومن ند، واليوم أيضا لم تعد الفرق ترفع الراية البيضاء أمام الأهلي قبل أن تركل الكرة أو قبل ركلة البداية. البناء صعب بجد.. لكنه ممكن، بمعطيات الزمن والعصر والظروف.. لكن هل حقا أصاب العجز لاعبي الفريق وكبروا في السن..؟.. أين ذهبت المساندة، وأين ذهب الضغط المستمر بلاعبين وبثلاثة على المنافس.. أين ذهب التحرك بدون كرة..؟ أين البدلاء..؟ هل هي طريقة اللعب التي فتحت الثغرات؟ هل هو غياب مواهب في بعض المراكز؟ أين ذهبت الروح.. ولماذا باتت تستدعى بعض الوقت فى بعض المباريات وليست كما كان الأمر سابقا تراها موجودة طوال الوقت؟! أسئلة تستحق التفكير فيها والإجابة عنها.