عززت الشخصيات القبلية المؤيدة للملكية قبضتها على برلمان الأردن بعد انتخابات قاطعها إسلاميون وجماعات ليبرالية، مما يضمن للحكومة إقرار برنامجها التشريعي بيسر. وأظهرت الإحصائيات الرسمية أن 1.27 مليون أردني أي 53% من الناخبين المسجلين أدلوا بأصواتهم في الانتخابات التي جرت أمس الثلاثاء. ويقل هذا العدد عن الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم في الانتخابات الأخيرة عام 2007 عندما بلغت نسبة الإقبال 57%. ويعكس الفارق مقاطعة جبهة العمل الإسلامي، وهي الجناح السياسي للإخوان المسلمين في الأردن. ومعظم المرشحين الفائزين الذين أُعلنت أسماؤهم هم من الشخصيات التي تستمد تأييدها من روابط قبلية قوية ومسؤولين حكوميين وأمنيين سابقين لا ينتمون إلى أحزاب سياسية. وعززت المقاطعة الإسلامية هيمنة القبائل الأردنية في البرلمان، وقوضت تمثيل نواب من أصل فلسطيني يمثلون غالبية سكان الأردن البالغ تعدادهم 7 ملايين نسمة. ويقول محللون: إن هيمنة الشخصيات القبلية المؤيدة للملك على البرلمان المؤلف من 120 مقعدًا يعني أن هذا المجلس لن يتحدى على الأرجح التزام الملك عبد الله بمعاهدة السلام الموقعة مع إسرائيل عام 1994. ومن المتوقع من البرلمان الجديد أيضا تأييد السياسات الاقتصادية الصارمة التي تقدمت بها الحكومة -التي عينها الملك- بهدف تحفيز النمو وخفض العجز القياسي في الأردن الذي بلغ ملياري دولار. ورفض سمير الرفاعي، رئيس الوزراء الأردني، الانتقادات بأن الحكومة ستصبح قادرة على تمرير التشريعات دون خوف من معارضة البرلمان. وقال للصحفيين: إن هذا البرلمان سيكون برلمانًا قويًّا يقوم بدوره التشريعي ويعكس إرادة الأردنيين. وبعد أن حل الملك عبد الله البرلمان في العام الماضي زادت الآمال بتنفيذ الإصلاحات. لكن الحكومة أبقت بدلا من ذلك على قانون لا يحظى بشعبية يروج للسياسة القبلية. وقال حسن البراري، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأردن: إن الدولة تريد برلمانا مستأنسا حتى لا يكون مستقلا ويتصدى لها عندما تتخذ قرارات إستراتيجية. والنظام الانتخابي يقلل بدرجة كبيرة من تمثيل المدن الكبيرة التي تمثل معاقل للإسلاميين والفلسطينيين لصالح مناطق أقل ازدحاما بالسكان تهيمن عليها قبائل محافظة موالية للملك. وتوزيع الدوائر الانتخابية يعني أن الصوت الذي يتم الإدلاء به في العاصمة المزدحمة عمان يحمل فقط ربع ثقل الصوت الذي يدلي به الناخب في بلدة معان الصحراوية. وظهر هذا الاختلاف واضحا في ظل التناقض بين نسبة إقبال بلغت 33% في عمان والزرقاء، حيث يقيم نصف تعداد السكان الأردنيين مقابل 80% في المناطق القبلية. وقال عودة قواس، وهو نائب مسيحي سابق وسياسي: إن اللامبالاة وانعدام الثقة في البرلمان كان واضحا في ضعف الإقبال على التصويت في العاصمة والمدن الكبرى. وتقول جماعة الإخوان المسلمين، وهي المعارضة الحقيقية الوحيدة في البلاد: إن مقاطعتها للانتخابات لم تكن رفضا لديمقراطية البرلمان، وإنما كانت احتجاجًا ضد قانون انتخابي. ولا يثق الإسلاميون والفلسطينيون في أن يفعل برلمان مؤيد للملك الكثير للتصدي لمظالمهم. وشكك الشيخ حمزة منصور، رئيس جبهة العمل الإسلامي، في الإحصائيات الرسمية لنسبة التصويت، وقال: إن قرار مقاطعة الانتخابات كان ناجحا. وأضاف منصور أنه يعتقد أن الأردنيين قاطعوا بقوة وان قرار مقاطعة الانتخابات كان انعكاسا لرغبة شعبية. ودافع نايف القاضي، وزير الداخلية، عن النفوذ القبلي في الانتخابات، قائلا إنها طريقة حياة بين الأردنيين رغم أن البلاد تسعى لإصلاحات سياسية تستند إلى مشاركة حزبية أوسع.