إخوان 2005 كانوا بلا أجندة واضحة وقدموا مصلحة الجماعة أولا مع اقتراب موعد ذهاب المصريين إلى صناديق الانتخاب لاختيار ممثليهم داخل مجلس الشعب 2010، ومع إصرار جماعة الإخوان المسلمين على خوض التجربة مرة أخرى، خاصة بعد نجاحهم في الدورة السابقة في التواجد بشكل كبير داخل مجلس الشعب 2005 بحصيلة بلغت (88 نائبًا، يمثلون 20% من إجمالي المقاعد البالغة 454 مقعدًا)، مقارنة ببرلمان 1987، الذي كان نصيبهم فيه أقل (36 نائبًا)، وفي الوقت الذي تتراوح فيه التقييمات للأداء البرلماني لنواب الإخوان في برلمان (2005- 2010) بين ما تردِّده الجماعة من أن نوابَها "قاموا بدورهم على أكمَل وجه"، وأنهم "أزعجوا الحكومة"، وبين ما تروجه الحكومة من أنهم "لم يقدِّموا شيئا يُذكر"، وأنهم "كأن لم يكُن".. كان لا بد من طرح تساؤل يشغل بال الكثيرين في مصر؛ وهو عن مدى تقييم ونجاح تجربة الإخوان في مجلس الشعب في الدورة السابقة. وقام موقع "swissinfo.ch" الإخباري بسؤال مجموعة من الخبراء المصريين عن رؤيتهم لهذه التجربة، وأخذ الخبراء على أغلب نواب الإخوان في برلمان 2005، أنهم كانوا: "بِلا أجَندة واضحة"، وليست لديهم "قدرة على المناورة السياسية"، فضلاً عن كونهم يفكِّرون "بعقلية الفصيل"، ويقدمون "مصلحة الجماعة" على "المصلحة العامة"، ويفتقدون "للخِبرة السياسية الكافية"، إضافة إلى "ضعف الوعْي السياسي والمعرفي"، معتبِرين أن "حجْم التمثيل الإخواني في البرلمان (الخُمْس)، كان دون النِّصاب الذي يمكنهم من عرقلة إصدار أي تشريع (الثلث) أو النصاب الذي يمكنهم من إصدار تمرير تشريع بعيْنه (النصف+ 1)". طرح "swissinfo.ch" السؤال على كل من الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة والمشرف السابق على دبلوم الدراسات البرلمانية بالكلية، والدكتور عمرو هاشم ربيع، خبير الشؤون البرلمانية بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام والمتخصِّص في النظام السياسي المصري، والكاتب الصحفي الدكتور عمار علي حسن، رئيس قسم الأبحاث بوكالة أنباء الشرق الأوسط والباحث المتخصّص في شؤون الحركات الإسلامية. في برلمان 87.. كانوا أكثر تأثيرًا رغْم قلة عددهم! في البداية، كشف الدكتور عمرو هاشم ربيع، أنه "على الرّغم من أنهم (عدديًا) مثَّلوا أكبر كُتلة معارِضة في برلمان 2005 بحصولهم على 88 مقعدًا، وهو ما يعادل 20% من مقاعد البرلمان، إلا أن "تأثير نواب الإخوان كان ضعيفًا للغاية، ولا يتناسَب مع هذا العدد الكبير، مقارنة ببرلمان 1987، الذي لم يتجاوز نصيب الإخوان فيه 36 عضوًا، لكنهم كانوا أكثر حضورًا وتأثيرًا وإزعاجًا للحكومة"، مرجِّعًا هذا إلى "وجود عناصِر تمتاز بالخِبرة والوعْي السياسي والمكانة التنظيمية المرموقة، وفي مقدِّمتهم: مأمون الهضيبي (المرشد العام السادس)، ومهدي عاكف (المرشد العام السابع)، ومختار نوح (القيادي بمكتب الإرشاد سابقًا)، وعصام العريان (العضو الأبرز إعلاميًّا)". وقال الدكتور عمرو هاشم ربيع، خبير الشؤون البرلمانية بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام، في تصريحات خاصة ل"swissinfo.ch": "رغم العدد الكبير الذي مثَّل الجماعة بالفصل التشريعي للبرلمان، إلا أنه كان غير قادِر على تحقيق إنجاز كبير وملموس، لأن هذا الإنجاز لا يتحقّق بالكمّ فقط، وإنما بالكيْف أيضًا. فقد افتقرت كُتلة الإخوان للعديد من الكفاءات، فلم يبرز منهم سوى عدد لا يتجاوز 20 نائبًا، ولهذا، فقدْ عجَزوا عن إحداث حالة من الإرباك المُتوالي للحكومة"، مشيرًا إلى أن "الجماعة لم تستفِد من كُتلتها البرلمانية الكبيرة في تحقيق نتائج ملموسة، برلمانيًّا أو سياسيًّا أو تنظيميًّا". متَّفقًا مع هاشم، يؤكد الدكتور عمار علي حسن أن "أداء نواب الإخوان في 2005، كان أقل بكثير من أدائهم في 1987، رغم تفوّقهم العدَدي"، وعزا ذلك إلى "نقْص عوامل الخبرة والإدراك السياسي والوعي التنظيمي والكاريزما الشخصية، وامتلاك الخصائص والمواصفات العِلمية، فضلاً عن القُدرة على التأثير في الآخرين، وهو ما جعلهم في برلمان 1987 يقدِّمون عددًا من النجوم البرلمانية اللاّمعة، كان في مقدمتهم المستشار الهضيبي والدكتور العريان". هذا التحليل يؤيِّده الدكتور إكرام بدر الدين، مضيفًا أن "نسبة ال20% التي حقّقها الإخوان في 2005، فاقت توقّعات الجميع، من مراقين ومحللين ومنافسين، بل إنها تعدّت ما كانت تحلُم به الجماعة نفسها"، معتبرًا أن "هذا الفوز التاريخي للجماعة، لم يكن بسبب قوّتها ولا شعبيتها، كما يحْلو للبعض أن يصوّره، وإنما بسبب ما يمكن تسميته ب"التصويت الاحتجاجي" لبعض أعضاء الحزب الحاكم، إضافة إلى "عدم الالتزام الحزبي"، ممّا ساهم في "تفتيت الأصوات" وحصول الحزب الحاكم على 32% فقط من مقاعد البرلمان!. كثير من الضجيج وقليل من الطحين وفي إطار رصْد تأثير نواب الإخوان من الناحية التشريعية، قال بدر الدين: "لا يمكن القول بأن نواب الإخوان قد حقّقوا أية نتائج إيجابية فيما يخُصّ الوظيفة التشريعية، وذلك لأن لوائح المجلس تشترط الأغلبية البسيطة (النصف+ 1) لصدور أية قوانين أو تشريعات، وهو ما لم يكن في مقدور الأقلية الإخوانية، في ظل تمتُّع الحزب الوطني بالأغلبية، وهو ما يؤيِّده عمار، مضيفًا أن "المنطِق والواقِع يوضِّحان أن حجْم التمثيل الإخواني في البرلمان (الخُمْس)، كان دون النصاب الذي يُمكِّنهم من عرقلة إصدار أي تشريع (الثلث) أو النصاب الذي يمكِّنهم من تمرير تشريع بعيْنه (النصف+ 1)". مختلفًا بعض الشيء معهما، يرى هاشم أنه "ربما كانت لهم محاولات لتعديل بعض القوانين أو رفض تمرير أخرى، مثل تعديل قانون السلطة القضائية، ورفض تمديد قانون الطوارئ، لكنها تبقى مجرّد محاولات محكوم عليها بالفشل مقدّمًا، لكونها نابعة من أقلية"، معتبرًا أن "تعبِئة الأغلبية ضدّ مقترحات الأقلية الإخوانية، كان سلوكًا واضحًا للمراقبين والمحللين، ممّا ساهم في إحباط محاولاتهم لترْك بصمة تشريعية واضحة، كما حملت درجة محدودة من الإيجابية في مواجهة حملة الأغلبية لتسفيهها والحطّ من قيمتها وأهميتها". ويأخذ عمار، على نواب الإخوان أن "أغلبهم كان بلا أجندة واضحة وبلا قدرة على المناورة السياسية"، ويذهب إلى أنهم "ركَّزوا على القضايا الفرعية، المُتمثلة في الثقافة والإعلام، وتجاهلوا القضايا الكلية، التي تهمّ الشعب"، كما "استخدموا الدِّين لتحقيق بعض النجاحات المعنوِية داخل أروِقة البرلمان، مما ترك شعورًا لدى غير المتخصِّصين، بأن نواب الإخوان حقّقوا إنجازات كبيرة"، ضاربًا المثال بموقِفهم من أزمة تصريحات وزير الثقافة الفنان فاروق حسني حول الحجاب"، معلِّقا بأنهم "لعِبوا كثيرًا على هذا الوَتَر، من خلال إثارتهم للعديد من قضايا الفنّ والإعلام". كما يأخذ عمار عليهم "افتقادهم للخِبرة السياسية الكافية وغياب الكاريزما. فمن بين 88 نائبًا، لم يلفت انتباهنا في الفعاليات البرلمانية سوى 4 نواب، هم: محمد سعد الكتاتني وحمدي حسن ومحمد البلتاجي وحسين إبراهيم، فيما تحلى 9 منهم بالحدّ الأدنى الذي يجب توافره في النائب البرلماني، في الوقت الذي بدا فيه أكثر من 75 نائبًا منهم، دون المستوى المطلوب، ولا يعني هذا أن نواب الوطني (صاحب الأغلبية)، كانوا الأفضل أو أنهم كانوا نجومًا لامعة!". أداء الإخوان شكليًّا ويتسم بالاستعراض وحول مدى نجاح أو إخفاق نواب الإخوان في استخدام "الوظيفة الرقابية"، التي منحها لهم الدستور ونظمتها لوائح المجلس، قسم الدكتور إكرام بدر الدّين الملف الرقابي لقسميْن، هما: الأداء والنتائج. فيرى أن "أداء نواب الإخوان كان شكليًّا واستعراضيًّا"، وفيما لم ينكر أنهم "حاولوا إثارة بعض القضايا المهمة"، فإنه ينفي تفردهم في ذلك. فقد "شاركهم، بل وسبقهم إلى ذلك، نواب مستقلون مثل مصطفى بكري وسعد عبود وكمال أحمد وجمال زهران وحمدين صباحي وعلاء عبد المنعم، فضلاً عن نواب من الحزب الحاكم أمثال حمدي السيد وخليل قويطة وحمدي الطحان وآخرون"، أما من حيث النتائج، فيرى أنهم "لم يحقِّقوا شيئًا يُذكر"!. وفي تصريحات خاصة ل"swissinfo.ch"، اعتبَر الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة والمشرف السابق على دبلوم الدراسات البرلمانية بالكلية، أن "هناك فارِق بين الأداء البرلماني الشَّكلي أو الاستعراضي، وهو ما يمكن قياسه بكثرة (الاستجوابات- طلبات الإحاطة- المقترحات- الأسئلة- البيانات العاجلة...)، وبين النتائج الإيجابية والفعلية الملموسة (ماذا تم بخصوص هذه الأدوات الرقابية والتشريعية المستخدمة؟)"، مشيرًا إلى أن "ما يعني المواطن العادي، هو تحقّق نتائج ملموسة وفوائد مباشرة، لا مجرّد استخدام وسائل وأدوات رقابية". الإخوان استغلوا الحصانة البرلمانية لإثارة قضايا الجماعة وإجمالاً، يوضح هاشم أن "أهمّ ما يُمكن أن يُؤخذ في تقييم تجرِبة الإخوان في العمل السياسي، عمومًا، والعمل البرلماني على وجه الخصوص، أن هذا الأداء كشَف الفارق الكبير بين تأثيرهم الواضح في العمل الاجتماعي والدّعوي والتربوي، وبين القصور الشديد في العمل السياسي والبرلماني"، منتقدًا "عدم توظيفهم الجيِّد للوسائل والإمكانيات الإعلامية، التي تمتلكها الجماعة". ويضيف هاشم أن "العائد البرلماني لنواب الإخوان من برلمان 2005، كان ضعيفًا، ولا يتناسب مع عددهم ولا نِسبتهم، لكنهم في كل الأحوال مثَّلوا إضافة، ربما ليس للعمل البرلماني، وإنما لجماعتهم وكِيانهم السياسي"، متوقعا أن يتِم "توزيع ترِكة الإخوان على أحزاب المعارضة في برلمان 2010، لأنهم استغلُّوا وجودهم في البرلمان، لإثارة قضايا الجماعة، واستثمروا الحصانة البرلمانية لزيادة سُمعتهم ونفوذهم وشُهرتهم الإعلامية، كرفض تمديد قانون الطوارئ، أو المطالبة بالإفراج عن المعتقلين، أو رفض محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية أو... إلخ". متفقًا مع هاشم، يرى الدكتور عمار علي حسن، أن "مشكلة الإخوان، أنهم يفكِّرون بعقلية الفصيل، وأولوياتهم، حماية الجماعة قبْل الشعب، فضلاً عن الهاجِس التاريخي لديْهم، والمتمثل في قضايا الفنون والإعلام"، آخذًا على الأجَندة الإخوانية "غياب القضايا الاجتماعية، وافتقادها للتنظير في الملف الاجتماعي، وغياب المرونة السياسية، التي كان يمتلِكها مؤسس الجماعة الشيخ حسن البنا"، معتبرًا أن هذا هو "ما جعل الكوادر المثقَّفة، واسعة الاطِّلاع، التي تمتلك خِبرة واسعة ورُؤية شاملة تخرج من الصفّ". وفي تصريحات ل"swissinfo.ch"، أشار الدكتور عمار علي حسن، الباحث المتخصّص في شؤون الحركات الإسلامية، إلى أن "الإخوان حريصون على الترشّح للبرلمان، لإيجاد فرصة سانِحة لعرض قضيتهم على الرأي العام، وليُثبتوا للدّاخل والخارج، أنهم طلَّقوا العُنف بالثلاثة، وأنهم يقبلون بالممارسة الديمقراطية والمشاركة السياسية، فضلاً عن "استثمار حملة الاعتقالات التي ستُطلَق بحقّ أعضائهم في تصويرهم في صورة الضحية وتوظيفها، داخليًّا وخارجيًّا، وقد نجحوا في ذلك بدرجة كبيرة". وفي الختام، يؤكد عمار: "لقد تحوّلت مقار الكتلة البرلمانية لنواب الإخوان إلى منابِر للرأي، يعقدون بها الاجتماعات والمؤتمرات والندوات والوِرَش والصالونات، الثقافية والفكرية، مستفيدين من الحصانة التي يمنحُها القانون للنواب"، كما "استطاع نوابهم لعِب دور همْزة الوصْل بين الجماعة والسلطة (التي تحرِص على الإبقاء على شعرة معاوية معهم)، من خلال ما تتاح لهم من فرص لمقابلة أعضاء بالحكومة وقيادات بالحزب الحاكم وأعضاء بالهيئة البرلمانية للحزب الوطني"، على حد قوله. مشاركات الإخوان في انتخابات مجلس الشعب برلمان 2005.. أرقام وإحصائيات يمكنكم متابعة مزيد من التغطيات من خلال مرصد الشروق لانتخابات برلمان 2010 عبر: مرصد الشروق عبر فيس بوك مرصد الشروق عبر تويتر