لو مد السيد البدوى رئيس حزب الوفد يده إلى السماء وعاد بالقمر الصناعى التائه أو الضائع أو الهارب أو المخطوف فلن يصدق أحد ما يقوله باستمرار من أنه لا علاقة له بما جرى لصحيفة الدستور. لقد ترسخ فى يقين الرأى العام والوجدان الشعبى أن استعمار الدستور وإزاحة إبراهيم عيسى عنها كان عملية «بدوية» حتى النخاع، حتى وإن باع أسهمه وتخارج وسلم المفاتيح كلها إلى شريكه رضا إدوارد. وعليه ستبقى عملية الدستور وصمة تطارد السيد البدوى فى كل مكان وزمان، وستظل أيضا ملتصقة بحزب الوفد مهما أصدر من بيانات تفرق بين البدوى كشخص ورجل أعمال وبينه كرئيس للحزب، ذلك أن السيد البدوى لم يصبح رئيسا للحزب إلا لأنه رجل أعمال وفضائيات من الوزن الثقيل. ولا أدرى كيف يمكن هضم موافقة البدوى على استكتاب إبراهيم عيسى فى صحيفة حزبه وتقديم برنامج فى فضائياته إن صحت الأنباء الخاصة بذلك فى الوقت الذى غامر فيه وقامر بسمعته وسمعة حزبه فى تنفيذ أبشع عملية اغتيال لصحيفة محترمة. البدوى هو رئيس الوفد وإدوارد عضو هيئته العليا، ومن ثم فالمنطق يقول إن اغتيال الدستور عملية وفدية بشكل أو بآخر وسواء شاء الوفد أم أبى فإن الصورة الذهنية عن الحزب الآن أنه تحول من حزب الليبرالية المصرية إلى منتجع للرأسمالية المتوحشة. والحاصل الآن أن مالك الدستور الجديد بدأ فى تنفيذ سياسة الأرض المحروقة أو تكثيف الضربات المفاجئة متجاهلا ومتعاليا على نقابة الصحفيين ومستخدما أساليب مغرقة فى الغطرسة ضد النقيب شخصيا، بإعلانه قرارات فصل تعسفى لمجموعة من المحررين، رافعا شعار «نلتقى بعد الفصل فى المحكمة» وبالتزامن مع ذلك يحاول بعض الوسطاء فك الارتباط بين «الدستور» كجريدة مخطوفة وبين محرريها، من خلال الكلام عن عروض لإبراهيم عيسى وإبراهيم منصور، بحيث تتحول أزمة المحررين إلى قضية لاجئين فى نهاية المطاف. وخيرا فعل الزميل إبراهيم عيسى حين أصدر بيانا على موقع الدستور الإلكترونى والذى تعرض بدوره لغارات عنيفة أسقطته أمس يرفض فيه عرض الوسطاء بتشغيله فى «حياة السيد البدوى ووفده» وهى العملية التى وصفها عيسى بأنها «محاولة غسل يد السيد البدوى». ويبدو لى أن استراتيجية أصحاب الدستور الجدد تقوم على ثلاثة محاور أولها مواصلة الحرب اللاأخلاقية لتشويه عيسى ومنصور، والثانى إرهاب المحررين المعتصمين وإلقاؤهم على شواطئ الإحباط واليأس، والأخير إنهاك النقيب ومجلس النقابة فى لعبة مفاوضات عبثية يلحسون فيها كلامهم ويتملصون مما جرى الاتفاق عليه. وعلى هامش كل ذلك مرتزقة وشامتون وسماسرة.