أثارت التصريحات المتضاربة لقيادات جماعة الإخوان المسلمين بشأن ما يعرف بملف «التوريث»، جدلا لا يكاد ينتهى حتى يعود خلال السنوات الخمس الأخيرة، فلم تمض شهور على تصريحات لمحمد مهدى عاكف مرشد الجماعة رفض فيها خلافة جمال مبارك لأبيه ب«الثلاثة»، حتى أصدر نائبه د.محمد حبيب الأسبوع الماضى تصريحات مناقضة، قال فيها لوكالة «رويترز»: إن الإخوان لن يعارضوا سعى جمال إلى المنصب إذا جاء ترشيحه مع إصلاحات مثل إنهاء قانون الطوارئ وإعادة الحريات المدنية وإجراء انتخابات حرة ونزيهة». حبيب سارع بنفى تلك التصريحات بعد غضب قيادات بالجماعة، وهجوم بعض رموز المعارضة، مشيرا إلى أن الوكالة اختزلت تصريحاته، وأكد للموقع الرسمى للجماعة «إخوان أون لاين» أن الإخوان يرفضون ترشيح جمال لوراثة والده جملة وتفصيلا، وأنهم ذكروا ذلك مرارا وتكرارا، وأن هذا يصطدم مع طموح المصريين فى إقامة ديمقراطية حقيقية مرتكزة على التعددية السياسية والتداول السلمى للسلطة. لم يكتف حبيب بالنفى بل اتهم جمال مبارك بالسعى لتنفيذ أجندة أمريكية، لا تتفق مع أوضاع مصر السياسية والاجتماعية والاقتصادية، والتى لن تؤدى إلا إلى مزيد من الاحتقان والتوتر والغليان، على حد تعبيره. وأضاف: «جمال مبارك يريد أن يأتى على رأس ترسانة من الإجراءات الاستثنائية والتدابير الشاذة، والتى رفضها أغلب الشعب المصرى من حيث الانقلاب على الدستور والقانون، فضلا عن الاعتماد على الأجهزة الأمنية فى ممارسة القمع ضد المعارضة بجميع فصائلها، وتزوير إرادة الأمة فى الاستفتاءات والانتخابات النيابية». كما أشار حبيب إلى أن جمال مبارك وحزبه ليس لديهم أى نية صادقة ولا رغبة جادة فى الإصلاح، وأن كل الممارسات تدل على الاستئثار بالسلطة والانفراد بالحكم؛ مما أدى إلى أزمة الحكم المتمثلة فى الاستبداد والفساد، علاوة على الإخفاق فى التعاطى مع المشكلات الحياتية التى يعانى منها المواطن المصرى. لكن حبيب عاد وتساءل «هل يمكن لجمال مبارك أن يبتعد عن سلطان أبيه والإمكانات الضخمة وغير المحدودة والمسخرة تحت يديه ويصبح رجلا عاديا شأنه شأن كل المواطنين؟» مؤكدا أنه لو حدث ذلك فليس هناك ما يمنع ترشيحه كأى مواطن مصرى للانتخابات الرئاسية. موقف حبيب لم يختلف كثيرا مع موقف عاكف الذى أكد فى 2005 حق جمال فى الترشح كمواطن عادى للانتخابات الرئاسية، إلا أنه تراجع عن موقفه وقال فى تصريحات صحفية «لما قالوا إن جمال مبارك حيرشح نفسه قلنا والله لا مانع هو مواطن ويرشح نفسه كغيره، ثم بعد ذلك قاموا بتعديل المادة 76 وفصلوها على واحد منهم ليقننوا الاستبداد، فقلت والله إذا أراد أن يرشح نفسه فليترك قصر أبيه ويرشح نفسه». وأضاف عاكف «بعد المحاكم العسكرية وتزوير الشورى وتزوير المحليات، قلت الإنسان الذى يرأس اللجنة التى تحكم مصر (لجنة السياسات)، لا يجوز بحال من الأحوال أن يكون رئيسا للجمهورية.