هناك احتمال وارد أن نستيقظ فى أى لحظة لنفاجأ بأن إحدى المنشآت الحيوية فى مصر مثل مطار القاهرة أو محطة كهرباء رئيسية أو البنك المركزى أو أنظمة السد العالى. قد أصيبت بشلل كامل، والسبب أن عدوا ما قد صمم فيروسا إلكترونيا اقتحم هذه المؤسسة الحيوية أو تلك. حتى وقت قريب كان ذلك واردا أن يحدث فى أفلام الخيال العلمى فقط، لكنه ومع اعتماد الكثير من المؤسسات فى العالم على شبكة الإنترنت فإن «فهلوة القراصنة وشطارتهم» مكنتهم من اقتحام أعتى المؤسسات المحصنة بما فيها وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون». وقتها لم يكن الأمر مزعجا كثيرا، لأنه كان فى معظمه عبارة عن ألعاب هواة أو «هاكرز» يريد العمل فى أنظمة مكافحة الفيروسات فى مؤسسة ما عبر إثبات مهاراتهم فى اقتحامها. الآن يبدو أن هناك دولا وأجهزة مخابرات صارت تصمم فيروسات خطيرة لتطلقها على مؤسسات كبرى فى دول أخرى. قبل أيام تعرضت منشآت إيرانية متعددة لهجوم من فيروس غامض يسمى «ستاكسنت»، مصمم لمهاجمة أجهزة الكمبيوتر ماركة «سيمنز» الألمانية، وللمصادفة الغريبة فإن أجهزة الطرد المركزية فى مفاعل بوشهر الإيرانى من نفس الماركة، كما أن 60٪ من هجمات هذا الفيروس استهدفت مؤسسات إيرانية. خبراء الأنظمة الإلكترونية العالمية ومنهم صهاينة أجمعوا على أن الفيروس الجديد ليس من صنع شخص أو مجموعة هواة بل هو صناعة دولة وأجهزة مخابرات. لن نتبنى نظرية المؤامرة ونلصق كل شىء بإسرائيل أو بأمريكا، لكن سنسأل السؤال التقليدى الذى ينبغى أن يكون كل مسئول مصرى قد فكر فيه بمجرد معرفته بالفيروس الجديد.. السؤال هو: ماذا سنفعل إذا تعرضت إحدى مؤسساتنا لحرب إلكترونية عاتية.. هل لدينا فعلا استعدادات حقيقية لصد الهجوم، وإذا لم يكن لدينا فماذا نحن فاعلون؟! مرة أخرى تخيلوا أن أى جهة تمكنت من شل حركة قطارات السكة الحديد أو المترو أو نظام التحكم فى المراقبة الجوية بأحد المطارات الكبرى، لاحظوا أننا نتكلم عن منشآت مدنية فقط. عندما «تسقط» شبكة الكمبيوتر فى بنك صغير لأى سبب يتكدس العملاء فى الصالات، وعندما تسقط فى مطار ينتظر القادمون أو المسافرون ساعات وساعات.. تخيلوا أن يحدث ذلك بفعل فاعل، خصوصا أن الخبراء يقولون إن «ستاكسنت» المعقد احتاج من مصمميه ما بين ستة أشهر إلى عام من العمل المتواصل والأموال الوفيرة. وهو الأمر الذى يعزز من نظرية أن دولة بأكملها تقف خلفه. التكنولوجيا سهلت لنا الحياة بشكل لا يصدق لكنها فى لحظات قد تصبح نقمة وكارثة فهل نحن مستعدون للتعامل مع الوجه القبيح للإنترنت والعولمة والهاكرز خصوصا أن جيراننا أولاد العم إياهم ماهرون فى مثل هذه الألعاب القذرة؟!.