بدأت التقديرات السلبية حول تراجع قطاع السياحة بتأثير الأزمة العالمية تتحقق، كما يشير أحدث تقارير مؤسسة بيزنس مونيتور إنترناشونال، حيث «شهدت حجوزات الفنادق تراجعا حادا خلال الربع الأول من 2009 مقارنة بنفس الفترة من العام السابق». ويشير التقرير إلى انكماش حاد فى السياحة الوافدة إلى مصر خلال 2009 يصل إلى ٪10مقارنة بالعام السابق، مع احتمالات تحسن طفيف فى 2010 تصل إلى 2،5 % «قد تكون مغرقة فى التفاؤل» كما يقول التقرير. وبلغ عدد السياح الوافدين إلى مصر فى العام الماضى 12،8 مليون سائح، بزيادة 15% مقارنة بالعام السابق عليه، وكان عام 2007 قد شهد زيادة سنوية بلغت 22%، وقد أسهم قطاع السياحة بشكل مباشر فى الناتج المحلى الإجمالى بنحو ٪8.3 ووظف 1،5 مليون مواطن. وبرغم النمو الذى شهده القطاع فى السنوات الماضية فإن فرص نموه بنسب أكبر متاحة حيث «تمثل مصر ٪8 من سوق السياحة فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا»، كما يقول التقرير، إلا إنه يواجه بتحديات تفرضها الأزمة العالمية والظروف الاقتصادية والسياسية. وقد شهدت السياحة طفرة بدأت منذ 2003، حيث زادت الليالى السياحية التى يقضيها السائحون فى مصر، خاصة فى مناطق جنوبسيناء والبحر الأحمر. وترجع تلك الطفرة إلى التراجع الكبير فى قيمة الجنيه فى تلك السنوات، بالإضافة إلى كم الاستثمارات التى قامت بها شركات متعددة الجنسيات فى هذا المجال، وفقا لبيزنس مونيتور. ويتمتع قطاع السياحة فى مصر بعدة نقاط للقوة، منها تزايد اتجاه السائحين العرب للبقاء فى مناطق قريبة من مواطنهم بدلا من السفر لمسافات بعيدة، بالإضافة إلى تنوع مصادر السياحة، خاصة الطفرة التى شهدتها أعداد السياح القادمين من شرق أوروبا. وهناك فرص تساعد السياحة فى مصر على النمو، منها استمرار حركة بناء الفنادق والمنتجعات بشكل قوى، والخطط المستقبلية لزيادة قدرة الفنادق على استيعاب أعداد أكبر من الناس. لكن مؤسسة بيزنس مونيتور إنترناشونال تتوقع أن يتراجع قطاع السياحة فى مصر خلال 2009، بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية للأسواق التى يأتى منها السياح، خاصة منطقة اليورو وروسيا وبريطانيا. وتعتبر أهم الدول التى يفد منها السائحون إلى مصر (وفقا لبيانات 2007) هى روسيا بنسبة %14، وقد شهدت السياحة الوافدة منها زيادة بمقدار الثلث فى 2008 لتصل إلى 2 مليون سائح، تبعا للتقديرات بيزنس مونيتور. ثم تأتى ألمانيا وبريطانيا فى المرتبة الثانية بنسبة%10، تليها بولندا، وأوكرانيا، ثم ليبيا، وفرنسا، والسعودية، والولايات المتحدة على الترتيب. ويقدر التقرير نسبة الانكماش الاقتصادى فى روسيا خلال العام الحالى بنحو 4%، مع توقعات بتدهور الأوضاع نتيجة لتدهور الأوضاع الائتمانية هناك وخروج رءوس الأموال من الاقتصاد الروسى على نطاق واسع. أما اقتصادات منطقة اليورو، فيقدر التقرير انكماشها المتوقع خلال العام بنحو 2،5% فى المتوسط، بينما تشهد ألمانيا نموا سلبيا فى اقتصادها بنسبة 3،2%، أما بريطانيا فيتوقع التقرير أن يبلغ تراجعها 3،5% خلال 2009. وستؤثر هذه الأوضاع على السياحة الوافدة إلى مصر بدرجة كبيرة باعتبار تلك الدول هى المصادر الرئيسية للسياح الوافدين، والذين سيحجمون عن الإنفاق بشكل عام فى ظل تباطؤ الأسواق فى بلادهم. ثم تشهد منطقة اليورو تحسنا طفيفا فى نموها الاقتصادى فى 2010، يصل إلى 0،4%، تبعا لبيزنس مونيتور. وتضيف التفجيرات التى شهدتها منطقة الحسين السياحية فى فبراير 2009 تحديا إضافيا لقطاع السياحة، لتأثيرها على قدوم السياح إلى مصر من ناحية وعلى تدفق الاستثمارات إلى القطاع من جهة أخرى، خاصة أن هذه الحادثة تأتى بعد شهور قليلة من عملية الاختطاف التى تعرض لها عدد من السائحين فى الجنوب من أسوان سبتمبر 2008، وفقا لتحليل بيزنس مونيتور. كما يمثل «اتجاه الجنيه للارتفاع فى مواجهة العملات الأجنبية فى الفترة المقبلة»، تبعا للمؤسسة، تهديدا لتنافسية مصر كمصدر سياحى، فى الوقت الذى تتعرض فيه السياحة المصرية إلى منافسة كبيرة من دول البحر المتوسط، ويؤكد التقرير أن الزيادات الكبيرة فى أعداد السائحين فى السنوات الماضية قد ارتبطت بتراجع قيمة الجنيه.