لإلقاء نظرة على ما آل إليه الخطاب المتصل بالإسلام من كراهية وانحطاط، يمكن الرجوع إلى رسالة نُشرت فى مدونة نيويورك ريببليك هذا الشهر. تؤكد الرسالة التى كتبها مارتن بيريتز، رئيس تحرير المجلة: «بصراحة، حياة المسلم رخيصة، لاسيما عند المسلمين. ويضيف السيد بيريتز: «إننى أتساءل إن كان علىّ احترام هؤلاء الناس وادعاء أنهم يستحقون مزايا التعديل الأول فى الدستور (المتعلق بالحريات والحقوق السياسية)، التى أشعر فى قرارة نفسى أنهم سينتهكونها. هكذا، يفكر معلق أمريكى بارز، فى مجلة تتحلى منذ زمن بالتسامح، فى إن كان من الضرورى منح المسلمين حقوقا دستورية. هل يمكن تخيل استخدام هذا النوع من القدح بحق السود أو اليهود؟ وماذا يكون شعور نحو سبعة ملايين مسلم أمريكى عندما ينعت دينهم بالبربرية؟ إن هذا وقت من تلك الأوقات التى تخضع فيها قيمنا للاختبار، وهو أشبه باعتقال الأمريكيين اليابانيين إبان الحرب العالمية الثانية، أو الرفض المخزى لاستقبال المهاجرين اليهود القادمين من أوروبا النازية. وكان من الطبيعى أن يأتى هذا الاختبار مباشرة بعد الحادى عشر من سبتمبر، لكن هذا لم يحدث لأن الرئيس جورج بوش صد أتباعه من المحافظين وحذر الأمريكيين مرارا من الخلط بين تنظيم القاعدة والإسلام. وحيث إن الرئيس بوش لم يعد بالبيت الأبيض الآن، استأنف المناهضون للمهاجرين أجواء العداء. ويروج بعض معارضى الرئيس أوباما أكاذيب وقحة عنه تعتبر أيضا هجوما عنيفا على الإسلام نفسه. وتحوى إحدى الرسائل الإلكترونية اتهامات زائفة للرئيس أوباما بالكذب وتضيف أن «دينه الإسلامى يبيح الكذب. أو خذ تلك الرسالة الإلكترونية التى تلقيتها من أحد أقاربى، وتعلن: «الرئيس أوباما يوجه هيئة البريد الأمريكية إلى الاحتفال بالأعياد الإسلامية وتكريمها بإصدار طابع تذكارى جديد من الطبقة الأولى بقيمة 44 سنتا». والحقيقة أن إدارة الرئيس بوش كانت أول من أصدر طابعا بمناسبة العيد فى عام 2001 وكذلك إصدار نسخ جديدة بعد ذلك. والمثير للدهشة أن استطلاعا للرأى أجرته النيوزويك يظهر أن 52% من الجمهوريين يعتقدون أن «من المؤكد» أو «من المحتمل» بأن «باراك أوباما يتعاطف مع أهداف المتشددين الإسلاميين الذين يريدون فرض الشريعة الإسلامية على نطاق العالم». وهكذا، تعتقد أغلبية من الجمهوريين أن رئيسنا يريد تطبيق الشريعة الإسلامية على مستوى العالم. إن هذا النوع من التطرف يقوض ديمقراطيتنا، ويهدد بنشر العنف وتقوية الجهاديين. وقد استشهدت النيوزويك بما قاله أحد رجال طالبان، هو ذبيح الله، عن معارضة إقامة المسجد بالقرب من مكان مركز التجارة العالمى: «إن أمريكا تقدم لنا معروفا بمنعها إقامة هذا المسجد. فهى تمدنا بالمزيد من المجندين، والتبرعات، والدعم الشعبى». وأضاف ذبيح الله: «كلما زاد عدد المساجد التى تمنعون بناءها زاد حصولنا على المجاهدين. وفى أمريكا، يبدو أن التعليقات المتعصبة ضد الإسلام تأتى من جانب أشخاص لم يدخلوا مسجدا قط ولا يعرفون سوى عدد قليل من المسلمين، أو لا يعرفون أى مسلم على الإطلاق. وهم بجهلهم، يعكسون معاداة السامية التى أسمعها فى البلدان الإسلامية من أناس لم يقابلوا يهوديا فى حياتهم. وقد أرسل أستاذ بإحدى الجامعات الأمريكية إلىّ رسالة يقول فيها: «كل مسلم فى العالم» يعتقد أن المركز الإسلامى المقترح إقامته فى مانهاتن يمثل رمزا للانتصار على أمريكا. وهذا يذكرنى بالباكستانيين الذين كانوا يقولون لى دائما «كل اليهود» كانوا يعلمون بهجمات الحادى عشر من سبتمبر قبل وقوعها، ولذلك لم يمت أى منهم فى مركز التجارة العالمى. ومن المقبول تماما أن يتحدث المنتقدون عن مثالب الإسلام أو أى دين آخر. ولابد أن هناك المزيد من الغضب، على سبيل المثال، من سوء معاملة المرأة فى كثير من البلدان الإسلامية، أو قمع الأقليات الدينية كالمسيحيين والأحمديين فى باكستان. وتشعر أوروبا بالجزع من عدم استيعاب المهاجرين المسلمين على الوجه الصحيح، وما يترتب على ذلك من التسامح مع التعصب، وضرب الزوجات، والزواج الإجبارى، ورفض المثلية الجنسية، وختان الإناث. وتلك أسباب مشروعة للقلق، لكن الإنكار التام لأى جماعة دينية يعد تعصبا خطيرا. وإذا كان هذا وقت للاختبار، فقد اجتاز البعض الاختبار بسهولة. ولنرفع القبعات لطالبة الدراسات اليهودية بجامعة ماساتشوستس، ريتشل بارنبلات، التى قامت بجمع الأموال لاستبدال بسجاجيد أحد المساجد بال عليها معتد مخمور أخرى جديدة. وقد قالت لى إنها جمعت أكثر من 1100 دولار من يهود ومسيحيين على السواء. ونتوجه بالتحية، قبل كل شىء، إلى كل أولئك القادة المسيحيين واليهود والمسلمين الذين استنكروا فى نداء مشترك ما سموه «سعار معاداة المسلمين. وقال الحاخام ديفيد سابرشتاين: «نحن نعرف ما يكون عليه الحال عندما يعتدى علينا الناس جسديا، وبالألفاظ، بينما يظل غيرهم صامتين. وهذا لا يمكن أن يحدث هنا فى أمريكا فى عام 2010. ويطرح الكاردينال تيودور مكاريك المسألة على النحو التالى: «هذه ليست أمريكا. فأمريكا لم تُبنَ على الكراهية. وتوجه القس ريتشارد سيزيك، المسيحى الأنجليكانى البارز، بالحديث إلى منتقدى الإسلام بقوله: «عار عليكم. إنكم تلحقون الخزى باسم المسيح. إنكم تخالفون صراحة وصيته التى تدعوكم إلى حب جيرانكم. .. آمين.