أثر الارتفاع الحاد فى أسعار اللحوم فى العالم العربى على الاحتفالات بشهر رمضان -حيث تُملى التقاليد إقامة الولائم العائلية الكبيرة- وأثار القلق إزاء ارتفاع أسعار الغذاء فى المنطقة. ويأتى ارتفاع أسعار اللحوم فى ظل صعود أسعار الغذاء على الصعيد العالمى، وهو ما أثار المخاوف من تكرار أزمة الغذاء فى عامى 2007/ 2008، التى أدت إلى أعمال شغب امتدت من القاهرة إلى السنغال. وفى الأسبوع الماضى، قتل عشرة أشخاص فى موزمبيق نتيجة احتجاجات على ارتفاع أسعار الخبز. ويقول التجار إن تكلفة اللحوم الحمراء، مثل اللحم البقرى والحملان ولحم الضأن، تزايدت بمقدار الثلث خلال هذا الصيف فى بعض دول الشرق الأوسط. ويقول علاء رضوان، رئيس رابطة مستوردى اللحوم فى مصر: «نعانى من نقص ضخم فى اللحم». ويعتبر العالم الإسلامى الذى يُحرم فيه أكل لحم الخنزير واحدا من أكبر أسواق الحملان والضأن، التى ارتفعت أسعارها بشكل غير مسبوق منذ عقود فى أستراليا ونيوزيلندا. ويقول بيتر داندون، ممثل شركة ميت أند ليفستوك أستراليا فى البحرين، إن «أسعار الخرفان الأسترالية فى الشرق الأوسط الآن أعلى منها بالمقارنة بأى وقت مضى». وعادة ما ترتفع أسعار الغذاء فى شهر رمضان. وبالرغم من صوم المسلمين من الفجر إلى المغرب، فإن استهلاك الغذاء يميل إلى الارتفاع فى ذلك الشهر، نظرا لأن العائلات تجتمع فى ولائم إفطار، كما تنظم الشركات حفلات للإفطار. وكانت الأسعار قد بدأت فى الارتفاع قبل رمضان ثم واصلت الارتفاع. وفى ظل تزايد أسعار الغذاء، تبرز المخاوف من تصاعد معدلات التضخم فى العالم العربى وما قد يستتبعه من مشكلات سياسية. وتقوم بعض حكومات تلك المنطقة بدعم الغذاء بغرض الحفاظ على الاستقرار الاجتماعى. وقد بلغ معدل التضخم فى أسعار الغذاء فى مصر 18.5% سنويا. وفى الرياض، يقول جون اسفيكياناكيس، كبير الخبراء الاقتصاديين فى البنك السعودى الفرنسى: «يعتبر تضخم أسعار الغذاء واحدا من الأسباب الأساسية وراء ارتفاع معدلات التضخم هذا العام». وقد تضررت كل من مصر والسعودية، وهما من كبار مستوردى الحبوب فى المنطقة، من الجفاف الذى اجتاح روسيا، وقرار الحكومة الروسية حظر تصدير الحبوب. وأدى ذلك إلى ارتفاع أسعار القمح بما يزيد على 50%، وارتفاع أسعار الشعير بمقدار 100%. ونتيجة ذلك قامت الحكومة السعودية بتحديد هامش الربح لدى مستوردى الشعير بما لا يتجاوز 5%. وتعود هذه الخطوة جزئيا إلى ارتفاع أسعار اللحوم. ذلك أن السعودية هى أكبر مستورد للشعير فى العالم، لأن العاملين فى تربية الأبقار والإبل والأغنام يفضلون تغذيتها بالحبوب. وتستورد السعودية 70% من الشعير من روسيا وجارتها أوكرانيا التى فقدت أيضا جزءا كبيرا من الحبوب. وقال مسئول حكومى فى الرياض: «يخزن التجار الشعير كى يصنعوا أزمة مصطنعة لأنهم أرادوا استغلال أزمة الحبوب على الصعيد العالمى. نحتاج إلى العمل بسرعة على منع زيادة أسعار الحملان واللحوم الحمراء بصورة مفرطة. تعتبر الأسعار حاليا عند مستوياتها الطبيعية». ويتوقع البعض أن تشهد أسعار اللحوم المزيد من الارتفاع مع قدوم عيد الأضحى حيث يذبح المسلمون الكباش فى نوفمبر. ويقول السيد رضوان من القاهرة: «نحتاج إلى سد الفجوة قبل نوفمبر». وأضاف أن كميات اللحم فى السوق المصرية قد انخفضت إلى النصف العام الماضى نتيجة القيود على الاستيراد ونوبات الأمراض السابقة على ذلك. وفى حى الزمالك الراقى فى القاهرة، يأسف الجزار حمدى عزت لأن ارتفاع أسعار اللحوم يؤدى إلى عزوف الناس عن الشراء. ومن بين كل عشرة مصريين، يصنف أربعة كفقراء يكافحون من أجل إطعام أسرهم. وبينما تقوم الحكومة بدعم الخبز وبعض المواد الغذائية الأخرى، فإنها لا تقوم بدعم اللحوم. ويقول السيد عزت: «أبيع الآن كميات أقل كثيرا من تلك التى كنت أبيعها قبل رمضان. لا توجد قوة شرائية».