يأتى العيد بعد أيام صيام طويلة زادها الحر مشقة على مشقتها حاملا رائحة البهجة والفرح والأطعمة التقليدية التى درجنا على إعدادها والتفنن فيها تعبيرا عن سعادة حقيقية. قد يرتبط طعام العيد أيضا بالسخاء فى استعمال الزبد والسكر وأصناف اللحوم فهل تجعلنا المحاذير الصحية نحجم عن الاستمتاع بأجواء العيد؟ الأعياد والمناسبات فرصة حقيقية لإجازة قصيرة من مشاعر القلق التى نعيشها فلا بأس إذا تناسينا بعضا من أوامر الأطباء الصارمة وتحررنا إلى حين من بعض القيود التى قد يفرضها السن والمرض. الواقع أن الإحساس بالحرمان قد يفوق فى أثره النفسى أثر المرض العضوى، لذا فالمسئولية التى تهم بها أسرة تضم مريضا من أفرادها قد تعطى العيد بعدا إنسانيا يليق به. لتبق النكهة ويظل المذاق لكن الصنعة هى التى تتحكم فى مقادير الوصفة وحسابات الطاقة تتطلب فهما وإدراكا يجعل من متعة الطعام متعة حقيقية لها طعم الفرحة. كعك العيد.. ورائحته يرتبط كعك العيد دائما ببهجة انتهاء أيام الصيام الطويلة لا يخلو منه بيت ولا عيد بدونه لذا فتفاديه أمر مستحيل. الذكاء الفطرى يضيف لوصفة إعداد كعك العيد الدسمة التى تبدأ بالسكر والزبد والدقيق وتنتهى برش السكر مرة أخرى على وجه الكعكة عناصر تخفف من وطأة دسامتها. رائحة الكعك؛ تلك التوليفة الساحرة من الأعشاب التى يعدها العطار: المحلب والقرفة والقرنفل والحبهان والكبابة الصينى خليط عبقرى يساعد المعدة على زيادة إفرازاتها الأمر الذى يسهل الهضم ويدعم امتصاص عناصره. أيضا تساعد هذه التوليفة على تحفيز إفراز إنزيمات الهضم وعصاراته مما يترتب عليه حركة نشطة للمعدة والأمعاء لهضم المواد النشوية والدهنية فى كعك العيد ولا تقف فائدة تلك التوابل العشبية عند حد دعم وظيفة هضم وامتصاص مكونات طعام العيد إنما تتعداه أيضا لما يقلل الإحساس بالتخمة أو الانتفاخ بعد تناول الطعام. تفيد أيضا فى الحفاظ على الكعك طازجا لفترة طويلة إذ إن الحبهان والقرنفل والقرفة تعمل على مقاومة تزنخ المواد الدهنية فيه. أما المحلب فيجب إضافته أيضا لكل أنواع المخبوزات ومنها البسكويت والغريبة التى تبدو أصعب هضما من كل أصناف حلوى العيد لاعتمادها على أكبر قدر ممكن من الزبد فى تحضيرها. بذور المحلب صغيرة تتمتع برائحة عطرية مميزة وتماثل طعم اللوز إذا ما تناولها الإنسان وأتم مضغها فإنها تفيد فى تنبيه الجهاز الهضمى وتساعد على هضم ما نتمتع به من مخبوزات العيد المختلفة. تناول مشروب القرفة الدافئ يضيف نكهة قوية لكعك العيد ويساعد البنكرياس على إفراز هورمون الأنسولين الأمر الذى يحافظ على مستوى سكر الجلوكوز فى الدم متوازنا. ثلاث كعكات متفرقات «بين الواحدة والأخرى ثلاث ساعات» فى يوم العيد أمر يضمن لك تذوق البهجة دون متاعب صحية تفسد يومك. فى العيد: شواء شهى بمواصفات صحية استخدام درجات حرارة عالية لطهو اللحم ليس الطريقة المثالية إذ ينتج عنه بعض المواد الكيميائية التى تعرف باسم الأمينات المتغيرة الدوران Hetero cyclic Amines يربط العلم بينها وبين نشأة التفاعلات السرطانية وسواء تم طهو اللحم بشوائه أو فى الفرن أو على النار فإن الحرص على تمام نضجه فى حرارة متوسطة أفضل الطرق للحفاظ عليه والاستمتاع بمذاقه. قد تكون طريقة شواء اللحم على الفحم المتقد من الطرق المحببة لطهو اللحم لكنها فى الواقع سلاح ذو حدين. تعريض اللحم لحرارة الفحم العالية جدا يعرض المساحات القريبة من النار للاحتراق وتكوين طبقة قاسية نوعا ما من الأنسجة يزيد فيها تركيز تلك الأمينات الضارة إلى جانب أن تساقط قطرات الدهن من اللحم على الفحم الأمر الذى يملأ الجو بتلك الرائحة الشهية المميزة إنما يثير أيضا دخانا مشبعا ببعض الهيدروكربونات العطرية التى يعدها العلم من الأسباب المسرطنة. شواء اللحم يجب أن يتم فى ظروف تسمح بتلافى الضرر فيبدأ الشواء بعد أن تهدأ حرارة الفحم المشتعل. أيضا من الأفضل انتقاء أنواع اللحم الطرية القليلة الدهن وأن تحضر فى مكعبات صغيرة. شى اللحم فى أسياخ مع البصل والفلفل الرومى والطماطم يضيف نكهة طيبة للحم ويثرى الطعام بعناصر أخرى غذائية مفيدة. إعداد اللحم بمدة كافية قبل شيه وتتبيله يضفى مذاقا محببا ويسهم فى الحفاظ على طراوته ويضيف فوائد قد تحميه من التفاعل الضار مع الحرارة. أفضل الطرق لتتبيله إضافة الليمون والملح والفلفل وعصير البصل وزيت الزيتون والبعد تماما عن الصلصات الجاهزة السابقة التحضير. استخدام المايونيز والكاتشب والمستردة إلى جانب الشواء أمر قد يضيف نكهة لكن لا يحبذ إضافتها أثناء إعداده أو تتبيله بها. التقليب المستمر للحم يعمل على انضاجه بسرعة وبصورة متساوية تتضمن مذاقا طيبا ولا تسمح بتكوين الأمينات الضارة التى نخشاها. عادات غذائية جديدة بعد الصوم انتهاء فترة الصوم الطويلة والعودة للحياة الطبيعية أمر يجب التفكير فيه واستغلاله لتحقيق خطوات مهمة قد تبدو تغيرا طفيفا فى عاداتنا الغذائية لكنها وفى الواقع تحمل أثرا كبيرا على صحتنا النفسية والجسدية إذا ما كنا قد حققنا فائدة حقيقية من الصيام فإن أجسادنا الآن فى حالة يقظة تامة بعد أن تخلص الجسد من سموم كثيرة تراكمت فى الأنسجة وعلى جدران الشرايين واستعاد الكبد نشاطه وتخلص من الدهون التى أثقلت خلاياه وعاودت الكلى العمل بكامل طاقتها وتقلص حجم المعدة بعد اتساعها ونشطت حركة الأمعاء. الجسد الآن مهيأ تماما لاستقبال عادات غذائية جديدة تتيح له الحفاظ على وزن ثابت ملائم للسن وتدرأ عنه مخاطر قد يتعرض لها مثل الإصابة بارتفاعات ضغط الدم أو إصابة الشرايين بالتصلب أو ظهور مرض السكر. التفكير فى الإقلاع تماما عن التدخين إذا لم يكن هذا قد حدث بالفعل فى شهر رمضان إذ إن منسوب النيكوتين بلا شك قد انحسر فى الدم نتيجة للامتناع عن التدخين فى أيام رمضان الطويلة. الترتيب لتحديد موعد ملائم لممارسة بعض النشاط الرياضى بانتظام. مراجعة كل العادات الغذائية غير الصحية كعدم الإفطار صباحا والاعتماد على وجبة واحدة أو اثنتين فى اليوم غنية بالدهون والسكريات تغيب عنها الخضراوات والفواكه. مراجعة مفردات قائمة طعامنا. أنواع الزيوت التى نستخدمها والدهون هل هى الأنواع الصحية منها أم التى تروج لها الإعلانات الخادعة البراقة؟ هل لمنتجات الألبان القليلة الدسم مكان ثابت فى الثلاجة؟ هل نأكل قدرا كافيا من الحبوب؟ مراجعة بعض ما نقرأ عن التغذية السليمة أو الوقاية من الأمراض هل نبحث تحت عناوين صحيحة؟ أم نقرأ ما تطوله اليد أو ما يفرضه الإعلام؟ عيد سعيد إن شاء الله تنعمون فيه بدفء الصحبة وسند العائلة ونعمة الرضا بعد أداء الفريضة وإخلاص النية.