لم أخف أبدا إعجابى بشخصية مانويل جوزيه، حتى لو اعترضت على بعض تصرفاته.. ودائما كنت أصفه بأنه صاحب كاريزما وأنه جريجورى راسبوتين، هذا الراهب الروسى المرعب المولود عام 1869 فى روسيا القيصرية، وتميز بقوة الشخصية، ونظراته النافذة، وسيطرته على مريديه والمحيطين به.. ويتجدد إعجابى بمانويل جوزيه، وليس فى تجدد الإعجاب به معلومات بعودته، ولا إسقاط بالرغبة فى عودته، ولا هى أيضا محاولة لتجديد المقارنة بينه وبين حسام البدرى.. فالإعجاب بجوزيه يعود إلى موقفه الصارم من نجم الكرة السعودية وفريق الاتحاد محمد نور الذى استبعده المدرب البرتغالى لفترة طويلة بسبب عدم انتظامه فى التدريبات، ثم ظل اللاعب بعيدا عن التشكيل الأساسى للفريق على الرغم من اعتذاره، وعلى الرغم من عودته للتدريب.. فلم يرضخ جوزيه لنجومية نور الساطعة.. وكان مشهده وهو يتلقى تحية جماهير الاتحاد بالاستاد عقب فوز كبير حققه فى الدورى تكرارا لمشاهده فى ملعب الأهلى وهو يتقدم بالتحية لجماهيره بعد الانتصارات التى حققها. زاد جوزيه أخيرا بحرمان أحد نجوم فريق الاتحاد وهو المحترف العمانى أحمد حديد، من اللعب بالتشكيل الأساسى، لأنه أخطأ فى مباراة رسمية أمام فريق الاتفاق.. وكان القرار قاسيا وراسبوتيا بالفعل، ويذكرنى بقرارات مماثلة له فى الأهلى ومنها حين أخطأ الحضرى فى مباراة فقرر سحب شارة الكابتن منه أو كان الخطأ هو القشة التى قسمت ظهر البعير فيما يتعلق بقيادة الحضرى للفريق. ألف مرة قلنا إن معايير تفوق مدرب تكمن فى شخصيته وعلمه وما فى رأسه من كرة القدم.. فلابد أن يكون شخصا قويا وعادلا ولا يعرف المجاملة، وفى الوقت نفسه صديقا للاعبين. ولابد أن يدرك كل لاعب فى الفريق وكل مشجع أيضا أن ما فى رأس المدرب من كرة القدم أكبر بكثير مما يوجد فى رأس كل لاعب ومشجع.. وفى ذلك يتميز مانويل جوزيه. جزء مهم جدا آخر.. كان نقاد مانويل جوزيه يرون أن الرجل نجح مع الأهلى، لأنه الأهلى، الذى يضم النجوم ويملك الشعبية والإمكانات. وأصبح هذا الرأى زاعقا وعاليا بعد فشل جوزيه مع أنجولا.. أو حين لم يحقق نتائج جيدة فى كأس الأمم. والبعض يومها ظن أن النتيجة الطيبة هى إحراز الكأس، ما دام جوزيه شاطر مع الأهلى.. وبالطبع لم يكن ذلك منطقيا ولا عاقلا، لأن أى فريق يساوى مدربا جيدا ومواهب وجمهورا وإمكانات وإدارة، وتلك العناصر تكمل بعضها وتصنع قوة الفرق.. والرجل حتى الآن ناجح فى الاتحاد السعودى، ولم يكن نجاحه مع الأهلى وليد الصدفة أو لأنه الأهلى فقط.. كانت عملية كيميائية أفرزت جيلا وفريقا صنع أفضل إنجازات الأهلى فى تاريخه.. وقلما تتوافر تلك العوامل لفريق، ومن النادر أن تتوافر لفريق طوال الوقت.