«بولس» لم يكن تكملة لصورة، إنما كان جزءا من هذا المجتمع، وهو ليس رجلا من العامة بل هو وزير مالية مملكة شيخ العرب همام، ووزير إعلامه وكاتم أسراره هذه هى الزاوية التى يرى منها الفنان شعبان حسين شخصية «بولس» التى جسدها فى مسلسل «شيخ العرب همام»، وهو الدور الذى تلقى الشخصية القبطية بظلالها من خلاله على أحداث تلك الفترة التاريخية التى يعالجها المسلسل. شعبان حسين يؤكد أنه قدم شخصية واقعية تعبر بصدق عن مكان الأقباط فى العصر المملوكى حيث كانوا جزءا من نسيج المجتمع وكانوا يلعبون أدوارا مهمة فى الحياة، وأن أغلب المسئولين عن شئون الغلال وتسجيل المحاصيل وحيازات الأراضى كانوا من الأقباط الذين عرفوا بإجادتهم للحساب وتدوين البيانات والدقة والأمانة فى أداء هذه الأعمال، ومن هنا كان طاقم الكتبة فى المسلسل من الأقباط. وأضاف: هذا لم يقف عند العصر المملوكى فقط ولكن ظل الأقباط على مدى التاريخ المصرى هم الأنجح فى هذه الأعمال وتعاملوا معها باعتبارها إرثا يتلقفه الأجيال واحدا تلو الآخر، ولذلك شغل الأقباط عبر التاريخ الوظائف المتعلقة بالمال وإدارة الأعمال التجارية، حتى يومنا هذا فإن وزير مالية مصر هو رجل الاقتصاد القبطى الدكتور يوسف بطرس غالى، وأذكر هنا ملاحظة كنت أراها لافتة للنظر وهى أن صرافى هيئة المسرح على مدى الفترة التى عملت بها كانوا من المسيحيين، وكلهم تميزوا بالدقة والنظام فى العمل، ومن هنا كان من وجهة نظرى ظهور شخصية كاتب جلسات شيخ العرب همام باعتباره شخصية قبطية هو أمر منطقى، ويعبر عن حقيقة. وأشار شعبان حسين إلى أن شخصية بولس على الورق لم تكن بهذا الشكل، ولكن عبدالرحيم كمال صورها فى شكل رجل فقير، طويل وهزيل، أحدب الظهر، منكب دائما على أوراقه، ولكنه رأى تقديمه بصورة مختلفة أقرب لشخصية رجل القرية العادى، ولكنه يتمتع بالدقة المتناهية، والشدة فى العمل، وبالاتفاق مع المؤلف والمخرج حسنى صالح تم تقديم الشخصية بالصورة التى ظهرت على الشاشة والتى أراها حققت رد فعل جيدا مع المشاهدين. ومن دراسته للشخصية وقراءته عن تلك المرحلة يؤكد شعبان حسين أنه فى العصور الإسلامية الأولى لم يكن هناك إحساس باختلاف الأديان، وكان هناك ذوبان كامل لكل عناصر المجتمع فى شعب، وهذا يتضح فى كثير من مشاهد المسلسل، فعندما يسأل همام عن شخص يستطيع علاج الرجل الذى أصيب بحروق أثناء التدريب على ضرب النار، يرشده بولس إلى «برسوم» المجبراتى الذى يمكنه علاج هذه الحالة، وهو يدل على تلك الحالة التى كانت تعيشها الأمة، والتى كان الأقباط يلعبون فيها أدوارا مهمة باعتبارهم جزءا من النسيج الاجتماعى. ويتحدث شعبان حسين عن طبيعة العلاقة بين «بولس» و«همام»، ويقول إنها علاقة خاصة جدا، وفيها عمق شديد، وهذا يتضح من المشهد الذى يرجوه فيه همام لإعادة موظف قام بطرده من العمل بسبب خطأ بسيط، وعندما يوافق «بولس»على عودته يشترط أن يعمل فى شونة الغلال بعيدا عن ديوان السجلات، وينزل همام على رغبته رغم أنه الكبير وصاحب الأملاك لرغبته. وأشار إلى أن عمق هذه العلاقة فى آخر مشاهد المسلسل عندما ينعى «بولس» كبير الهمامية شيخ العرب همام بن يوسف بن أحمد الهوارى وبصوت مختنق من البكاء، وكأنه ينعى نفسه. وعن المصادر التى استلهم منها مفردات شخصية «بولس» يقول الفنان شعبان حسين: «بدأت حياتى المهنية كمهندس زراعى فى محافظة المنيا، وكنت مسئولا عن 13 قرية منها قرى تضم أغلبية مسيحية، وهناك شاهدت نماذج كثيرة من أقباط الصعيد استلهمت منهم بعض المفردات من حيث الشكل، أما التكوين الداخلى للشخصية فكان موجودا على الورق الذى كتبه عبدالرحيم كمال.