7 طرق لشراء صكوك الأضاحي من وزارة الأوقاف.. تعرف عليها    حياة كريمة.. غيرت وجه الحياة فى ريف مصر و65% من ميزانية المرحلة الظأولى من نصيب الصعيد    المصيلحي: سعر السكر على البطاقات 12.60 جنيه.. والحكومة رفضت الزيادة| خاص    الإحصاء: انخفاض معدل التضخم السنوي لإجمالي الجمهورية خلال مايو الماضي    بعد إفلاس FTI.. «السياحة» تبحث مع سفيري ألمانيا والنمسا مستحقات الفنادق    هالة السعيد: 12,8مليار جنيه استثمارات لمحافظة أسوان خلال 23/2024    وزير الخارجية يبحث مع نظيره الروسي تطورات الأوضاع في قطاع غزة    الاحتلال يقصف رفح طيلة ساعات الليل..وحملة اعتقالات في مخيم الدهيشة ببيت لحم    "استفتاء على ميلونى".. اليمين المتطرف الإيطالى يفوز فى الانتخابات الأوروبية    وزير الحج والعمرة: المملكة تواصل جهودها لخدمة ضيوف الرحمن خلال موسم الحج    يورو 2024، ماركو أرناوتوفيتش يحمل آمال النمسا    أنشيلوتي يعلن رفض ريال مدريد المشاركة في كأس العالم للأندية    تداول أسئلة امتحان التربية الوطنية على السوشيال ميديا.. والتعليم ترد    الفنان أيمن قنديل أمام لجنة الأورمان بالدقي للاطمئنان على نجله    المشدد 5 سنوات لعاطل لاتهامه بسرقة ماكينة ري من أحد المزارع بطوخ    وزيرة التضامن تستقبل وفدا من أكاديمية العلوم الشرطية بالإمارات    في موسم امتحانات الثانوية العامة 2024.. أفضل الأدعية رددها الآن للتسهيل في المذاكرة    وزير التعليم العالي يستقبل وفدًا من جنوب إفريقيا للتعرف على تجربة بنك المعرفة    كل ما تريد معرفته عن تشكيل وموعد الإعلان عن الحكومة الجديدة 2024    أخبار الأهلي : ميدو: مصطفى شوبير هيلعب أساسي على الشناوي و"هو ماسك سيجار"    رئيس منظمة مكافحة المنشطات: رمضان صبحي مهدد بالإيقاف لأربع سنوات حال إثبات مخالفته للقواعد    منتخب الارجنتين يفوز على الإكوادور بهدف وحيد بمباراة ودية تحضيراً لبطولة كوبا امريكا    عضو الزمالك يتحدث عن.. التعاقد مع رمضان صبحي.. التتويج بالدوري.. ونظرية المؤامرة    البابا تواضروس في زيارة لدير العزب بالفيوم    وزير التعليم العالي يستقبل وفدًا من مجموعة جنوب إفريقيا للتنمية «SADC»    جالانت يتجاهل جانتس بعد استقالته من الحكومة.. ما رأي نتنياهو؟    القاهرة الإخبارية: قوات الاحتلال الإسرائيلى تعتقل 30 فلسطينيا بالضفة الغربية لترتفع الحصيلة ل 9155 منذ 7 أكتوبر    «الصحة»: خدمات كشف وعلاج ل10 آلاف حاج مصري من خلال 24 عيادة في مكة والمدينة    بعد قليل، الحكم في طعن شيرى هانم وابنتها زمردة على حكم سجنهما 5 سنوات    الاستماع لشهود العيان في واقعة صفع عمرو دياب لمعجب خلال حفل زفاف    بعد غيابها العام الماضي.. ياسمين عبد العزيز تعود لدراما رمضان في 2025    لميس الحديدي تعلن عن إصابتها بالسرطان    استشارى نفسى يقدم نصائح للآباء لدعم الأبناء خلال امتحانات الثانوية العامة    «مرتبطون بوالدتهم ولا يفعلون شيء بدون رأيها».. احذري من رجال هذه الأبراج قدر الإمكان    الدفاعات الجوية الروسية: تدمير 4 مسيرات أوكرانية فوق مقاطعة بريانسك    مناسك (4).. يوم التروية والاستعداد لأداء ركن الحج الأعظم    هل الغش في الامتحان يبطل الصوم؟.. «الإفتاء» توضح    حياة كريمة .. جامعة القاهرة تطلق قافلة تنموية شاملة لقرية الودي بالجيزة    قافلة طبية مجانية بقرية ترسا لمدة يومين بالفيوم    جامعة القاهرة تطلق قافلة تنموية شاملة لقرية الودي بالجيزة    ممنوعات يجب تجنبها مع طلاب الثانوية العامة طوال فترة الامتحانات    سها جندي: نعمل على تدشين المركز المصري الإيطالي للوظائف والهجرة    أول إجراء من وزارة الرياضة بشأن أزمة «الدروس الخصوصية» في صالة حسن مصطفى    حالة الطقس المتوقعة غدًا الثلاثاء 11 يونيو 2024| إنفوجراف    «ابعت الأسئلة وخد الحل».. شاومينج يحرض طلاب الثانوية العامة على تصوير امتحان التربية الدينية    5 معلومات عن زوجة أمير طعيمة الجديدة.. ممثلة صاعدة وخبيرة مظهر    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الإثنين    تعرف على ما يُستحب عند زيارة النبي صلى الله عليه وسلم    ضياء رشوان: الرئيس السيسي يضع عينيه على المستقبل    الفلسطيني أمير العملة يتوج بذهبية بطولة العالم بلعبة "المواي تاي"    تركي آل الشيخ يعلن مفاجأة عن فيلم ولاد رزق ويوجه رسالة لعمرو أديب    ضياء رشوان ل قصواء الخلالي: لولا دور الإعلام في تغطية القضية الفلسطينية لسُحقنا    هؤلاء غير مستحب لهم صوم يوم عرفة.. الإفتاء توضح    النسبة التقديرية للإقبال في انتخابات الاتحاد الأوروبي تقترب من 51%    ضياء السيد: عدم وجود ظهير أيسر في منتخب مصر «كارثة»    "صحة الشيوخ" توصي بوضع ضوابط وظيفية محددة لخريجي كليات العلوم الصحية    عوض تاج الدين: الجينوم المصرى مشروع عملاق يدعمه الرئيس السيسى بشكل كبير    محافظ المنوفية يفتتح أعمال تطوير النصب التذكاري بالباحور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خواطر حول (الجماعة)
نشر في الشروق الجديد يوم 04 - 09 - 2010

لست إخوانيا ولن أكون، ولست علمانيا ولن أكون. هذا ما أعتقده الآن. وأركز على كلمة «الآن» لأن الإنسان ينضج ولا ينبغى عليه أن يغلق باب التطور والقبول بالحق والقول به إذا علمه. وليلتحق أحدنا بمدرسة «المنهج العلمى» التى ترى أن الإنسان مهما كان موقنا بشىء، خلا وجود الله وما أمرنا به، فلا ينبغى أن يصل فى يقينه لأكثر من 99 بالمائة ويترك واحدا بالمائة للشك والتشكك والفكر والتفكر والعلم والتعلم لأن «فوق كل ذى علم عليم» و«ما أوتيتم من العلم إلا قليلا».
هذه كانت المقدمة.
أما الموضوع فهو الجدل المفيد الذى يثيره مسلسل «الجماعة».
فأنا ضد الغلاة من أنصار «الإخوان» وضد الغلاة من خصومهم العلمانيين. وأرى فى كل منهما عوارا لا يقبله عقلى المتواضع. فلا أرى حقا فى أن يتحزب المسلمون بين جماعات وفرق، ولا أرى حقا فى أن يتقوقع الدين ولا يخاطب فى المسلمين حرصهم على صلاح أوضاعهم السياسية.
وهو ما يثيره مسلسل الجماعة بوضوح، ففى الدقيقة 17 من الحلقة 17 يقول الشيخ طنطاوى جوهرى لحسن البنا «السياسة تفسد الدين والدين يفسد السياسة.» وأعتقد أن هذه هى الرسالة الأساسية التى يريدها المسلسل. وهو كلام صحيح متى خلط البعض بين جاه الدنيا وقداسة الدين خلطًا يجعلون فيه الثانى عدةَ للأول. وهو مرض ابتلى به المسلمون منذ أن قال عمرو بن العاص لمعاوية: «أترى أننا خالفنا عليا لفضل منا عليه؟ لا والله إن هى إلا الدنيا نتكالب عليها، وأيم الله لتقطعن لى قطعة من دنياك وإلا نابذتك» وهى مقولة وقف أمامها العقاد فى كتابه عن معاوية طويلا للكشف عن التحول الذى شهدته علاقة الدين بالدولة مع الفتنة الكبرى وما أعقبها من ملك عضوض.
ولكن هناك من مبادئ الدين ما لا تستقيم السياسة إلا به، ففى الدين حرص على أن يكون المؤمنون حاملى رسالة لصلاح الدنيا. وحين وصف القرآن الكريم المؤمنين من أهل الكتاب قال تعالى: «ليسوا سواء، من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون، يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر». وحين أثنى على أمة الإسلام قال فيهم: «كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله».
وحين ذم من كفر من بنى إسرائيل قال فيهم «كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه». والأمر والنهى هنا يتطلب الحكمة والموعظة الحسنة والجدل بالتى هى أحسن كما أوضح القرآن، وهو ما ترجمته النظم المدنية الحديثة بوضع قوانين ومؤسسات لضمان حرية الرأى والتعبير والمشاركة السياسية.
وهذه ليست مصادفة أن يكون الثناء على المؤمن فى أى دين حين يرتبط إيمانه برسالة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر.
تعالوا نتأمل واقعنا، كنت أدرب طلاب قسم العلوم السياسية فى جامعة القاهرة على أدوات جمع البيانات فقاموا بعمل استطلاع رأى لطلبة الجامعة فوجدنا أن نسبة المنتمين لأى كيان سياسى (حزب أم جماعة) من بين شباب الجامعة لا يزيد على 5 بالمائة ومن لهم انتماء كُروى بينهم يصلون إلى نحو 82 بالمائة ونسبة من يستمع منهم للدعاة الجدد بانتظام نحو 78 بالمائة. ما هذا الانسجام العجيب بين تشجيع الكرة والتدين الشكلى والعزوف عن السياسة؟
بمزيد من التأمل لا يرى المرء عجبا، فهذا نتاج طبيعى لانحراف التدين عن الصواب حين يتحزب، وينحرف التدين عن الصواب حين يتقوقع. والفضيلة وسط بين هاتين الرذيلتين: التحزب والتقوقع.
زعماء التحزب فى زمننا هم إسلاميو التنظيمات الدينية، وزعماء التقوقع هم نشطاء العلمانيين. ومعهما دعاة الفضائيات الذين وجدت فيهم النظم الحاكمة بديلا عن الجماعات الإسلامية لأنهم يرون الاستبداد ويصرفون الناس عن إنكاره بتجاهله فى خطابهم.
الدين يأمر أتباعه بأن تكون لهم كلمة حق فى شئون الحياة والحكم: لأن «أعظم الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر» وينهاهم عن أن يكونوا «إمعات السكوت» لأن «الساكت عن الحق شيطان أخرس».
ومن هنا فأنا أتحفظ على حجج العلمانيين الذين يرون كل دور للدين فى الحياة العامة خطرا.
وأتحفظ ضد حجج الإسلاميين الذين يرون أن «الإسلام هو الحل» لأنهم عادة يحصرون الإسلام فى مبادئ جماعتهم أو حزبهم. بل الحل الإسلامى هو حل إنسانى يقبله الإسلام، على نحو ما قال ابن رشد بقبوله الحق المكتوب فى كتب أهل الباطل.
كما أجدنى ضد حجج بعض الدعاة الذين يمطروننا بالكلام عن فضل الصلاة والصيام والقيام ويروون لنا القصص الشيقة عن الماضى العظيم دون أن يطلبوا من مسلمى هذا الزمان أن يتخلقوا بأخلاق هؤلاء الصحابة إلا فى حدود المظهر الشخصى والتبتل الفردى.
وكأنهم يقولون لنا: إن أجدادنا اخترعوا الملابس ونحن عرايا فلنفتخر بهم ولا نفعل مثلهم لأننا لو أردنا أن نكون مثلهم فينبغى أن ننهى عن المنكر ضد كل صاحب منكر. وبما أننا لا نتحدث فى السياسة فلننه عن المنكر الذى يأتيه الشخص الضعيف الغلبان ولا ننهى عن المنكر الذى يأتيه الحاكم المستبد، فلنذم الجنود بكل قسوة ولا نذكر فرعون وهامان بسوء فهما ذوا بأس شديد.
والأمر ليس بعيدا عن ظاهرة عرفناها فى الثمانينيات تحت اسم «شركات توظيف الأموال الإسلامية» فى حين أنها كانت شركات «توظيف الإسلام لتجميع الأموال» وقد ظلمونا حين أوهمونا أنهم يخدموننا بطريقة إسلامية وقد ظلمتنا وظلمتهم الدولة حين كشفت زيفهم بهمجية ولا مهنية بما جعل الظلم ظلمات. ومثلهم الآن من يدعى أنه «داعية إسلامى» يناضلون بحماس على شاشات الفضائيات وما عرفنا أنهم اتخذوا موقفا نضاليا ضد فاسد أو مزور قط بل يمارسون التقية والتورية والتعريض فى أسوأ صورها دون التزام بضوابطها الفقهية. فيزدهرون اسما ومالا وجاها ونفوذا، ويزداد المجتمع نفاقا ورياء وجهلا وتخبطا.
إذن:
إن استغلال الدين لأغراض سياسية يؤدى إلى أحد بديلين: إما الاستبداد (إن نجحت الدولة فى تأميم الدين والسيطرة على معظم روافده) أو الفتنة (إن تحزب المتدينون إلى فرق وجماعات متصارعة).
كما أن استغلال الدين لأغراض تجارية يؤدى إلى ما نشاهده من ثقافة النفاق والرياء والجهل إن أقنع الإعلاميون من الدعاةِ الناسَ بأن الدين الحق هو الطقوس التى لا تغضب الفاسد ولا تعارض المستبد.
كما أن انزواء الدين تماما عن الحياة العامة كما يقول نشطاء العلمانيين سيفضى إلى مزيد من الدروشة دون أمر بالمعروف ونهى عن المنكر بالحسنى ودون شاركة فى إدارة شئون المجتمع بالعقل والحكمة.
لابد للخطاب الدينى أن ينشط فى تربية الناس على مبادئ العدل والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر دون أن تحتكر جماعة لنفسها هذا الخطاب أو أن تعطى لنفسها اسما أو مضمونا يوحى بأنها دون غيرها تعبر عن هذه المبادئ.
المذكور فى السطور السابقة هو رأيى المتواضع فى يومنا هذا، وقد أغيره غدا إن تبينتُ خطأه. فرأيى ليس جزءا من كرامتى ولا ينبغى أن يكون. وأدعو الجميع كى يفكروا فى هذه الكلمات، فنحن بحاجة لأن نفكر معا، لا أن يعطى أحدنا لغيره تفويضا بالتفكير نيابة عنه. ولتعتبروا كلامى هذا خطأ حتى نتأكد من صحته وأنا مستعد لتصويبه شاكرا إذا حضرت البينة على خطئه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.