منذ وضع الدستور المصرى الدائم فى عام 1971، وحتى اليوم لم يمثل أى وزير أمام النيابة العامة وهو فى منصبه، فالدستور نص على ضرورة إصدار قانون ينظم محاكمة الوزراء ولكن هذا القانون لم يصدر أصلا. كل الوزراء الذين تم التحقيق معهم تم بعد إقالتهم من مناصبهم، آخرهم وزير الإسكان السابق محمد إبراهيم سليمان، وتم التحقيق معه مرتين فى نيابة الأموال العامة العليا، ومحيى الدين الغريب وزير المالية الأسبق، وتوفيق عبده وزير السياحة الأسبق وغيرهم. وخلال الشهرين الماضيين تجددت مسألة التحقيق مع الوزراء فى مناصبهم، خاصة مع طلب طلعت السادات عضو مجلس الشعب المتهم فى قضية رشوة سماع أقوال زهير جرانة وزير السياحة حول ظروف وملابسات موافقته لطلعت السادات على تأسيس شركة سياحية رغم الحظر، وهو ما يشكل جريمة استخدام النفوذ، لكن نيابة أمن الدولة اكتفت بمذكرة من جرانة فقط. ثم تجددت مسألة التحقيق مع الوزراء بمناسبة تسليم الجهاز المركزى للمحاسبات خلال الشهر الماضى تقريرا رسميا لنيابة الأموال العامة تضمن أن رئيس الوزراء أحمد نظيف، ووزير الصحة حاتم الجبلى، ووزير المالية بطرس غالى استخرجوا قرارات علاج مخالفة، لعلاج أغنياء فى الخارج على نفقة الدولة أو لإجراء فحوصات طبية للاطمئنان على صحتهم. مثل تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات مفاجأة، لأنه لأول مرة تبادر جهة رقابية فى الدولة بتقديم تقرير ينتقد وزراء فى مناصبهم إلى النيابة العامة، ثم أعطى القاضى على الهوارى المحامى العام الأول لنيابة الأموال تعليماته لرؤساء النيابة الذين يتولون التحقيق فى القضية «استدعوا الوزراء إذا وجدتم حاجة لذلك»، ولم تكد الصحافة تنشر تعليمات الهوارى حتى بادر وزير الصحة بزيارة النائب العام لبحث القضية معه. وبعد أيام قليلة سلم محسن شعلان وكيل أول وزارة الثقافة المتهم الأول فى قضية سرقة لوحة الخشخاش، مستندات للنيابة قال إنها تثبت أن فاروق حسنى يعلم بأن جميع متاحف مصر معرضة للسرقة، ولم يحرك ساكنا، فهرع الوزير إلى النائب العام شارحا له موقفه، ويبدو أن الشرح والعرض الشفهى لم يكن كافيا، فذهب حسنى، أقدم الوزراء الموجودين فى الحكومة الآن، أو فضل الذهاب بدلا من رفع الحصانة عنه، ومثل أمام نيابة شمال الجيزة ليكون أول وزير يمثل للتحقيقات وهو فى منصبه.