الاحتفال بمرور 50 سنة على إطلاق الإرسال التليفزيونى فى مصر، فتح الباب أمام التطلع لمستقبل هذا الجهاز الخطير خلال السنوات المقبلة، وكيف سيصبح شكل التليفزيون فى اليوبيل المقبل، وهل سيستطيع أن يصمد أمام التطور التكنولوجى فى عالم الاتصالات أم أنه سيتحول إلى مجرد ذكرى، وأن هناك وسائط جديدة ستحل محلة فى تقديم هذا الدور الإعلامى سواء الأخبار أو البرامج. كل هذه التساؤلات طرحناها على مجموعة من خبراء الإعلام لنصل لتصور عن شكل اليوبيل المقبل فى ماسبيرو. الإعلامى حسن حامد رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون الأسبق وأحد فرسان العقد الفضائى فى تاريخ التليفزيون المصرى، يرى أن طريقة المشاهدة فى الخمس سنوات الأخير اتخذت أشكالا جديدة، وأصبحت هناك وسائط أخرى غير التليفزيون فى المشاهدة، وهناك أنظمة بث تعطى المتلقى مساحات لاختيار البرامج والمواد التى يريد مشاهدتها، وفى المستقبل ستتسع الدائرة، وسيتمكن المتلقى من تشكيل قنوات خاصة به، ولا يستبعد حسن حامد أن يكون فى المستقبل لكل مواطن قناته الخاصة يشكلها بنفسه عبر الإنترنت وبرامج على الكمبيوتر، وأن المتلقى سيتمكن من وضع خرائط البرامج وفق المواعيد التى تناسب ظروفه. ولكن فى نفس الوقت يرى حسن حامد أن التليفزيون سيستمر، كما استمرت الصحافة من قبل بعد ظهور الراديو، وكما استمر الراديو بعد ظهور التليفزيون، ولكن الاهتمام به سيكون بدرجة أقل مما هو عليه الآن. الدكتور محمود خليل أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة يقول إن التطورات متلاحقة فى أنظمة البث التليفزيونى، وأنه بعد انطلاق القنوات الفضائية فى عام 2002 اتجهت الأنظار إلى الفضاء، وخرجت أجيال جديدة لا تشاهد التليفزيون الأرضى، وبعد بث القنوات التليفزيونية على الإنترنت بدأ جيل الشباب يتابعون برامجهم المفضلة عبر الشبكة العنكبوتية. ويضيف د. خليل أننا نعيش الآن عصر الشاشات الثلاث.. التليفزيون.. والكمبيوتر.. التليفون المحمول، والتى يمكن اختزالها فى شاشة واحدة هى شاشة المحمول، الذى يمثل المستقبل بعد أن أصبح قادرا على لعب دور الوسيط لمستخدمى الإنترنت، وعليه بات ممكنا لأى متلقى أن يشاهد البرامج التليفزيونية والمواد الإعلامية الأخرى من خلال شاشة المحمول. ويرى د. خليل أن التليفزيون سيظل موجودا ولن يختفى تماما، وسيواصل إنتاج برامجه ومسلسلاته ويقدم نشراته، ولكن ستقلص استقبال تلك البرامج والنشرات عبر أجهزة التليفزيون، والذى ستحل محلة وسائط أخرى. وأشار إلى أن تصورات المستقبل تشير لتراجع فى قاعدة المتلقين للقنوات التليفزيونية بوجه عام، والقنوات الأرضية بوجه خاص، وأن القنوات المحطات الإذاعية على شبكة الإنترنت ستشهد انتعاشا كبيرا، خاصة أنها أقل فى التكلفة، وتتمتع بمساحات من الحرية تتيح لها التعبير عن الفئات، التى لا تجد نفسها على القنوات الحكومية، والخاصة التى أصبحت تقع تحت سيطرة الدولة بشكل أو بآخر، وقال إن بوادر هذا النشاط قد انطلق بالفعل على المواقع العربية، ضرب مثلا بالمحطات الإذاعية، التى أطلقها حزب الغد والإخوان المسلمين، ومحاولات بعض الصحف المستقلة نشر حوارات مصورة يجريها محرروها. وقال إن قنوات الإنترنت ستتمتع بفاعلية كبيرة فى نقل الأحداث فى بث مباشر، مستشهدا بواقعة نقل أولى جلسات محاكمة المتهمين بقتل الشاب السكندرى خالد سعيد على الهواء من داخل المحكمة عبر أحد المواقع الإلكترونية. ويستبعد المهندس أسامة الشيخ رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون فكرة انتهاء عصر التليفزيون المصرى، ويؤكد أنه سيشهد تطورا من الناحية التكنولوجية، وسيواصل الدور الذى يؤديه فى إعلام الناس بآخر الأخبار، ويفتح المجالات أمام عرض وجهات النظر المختلفة فى كل القضايا، وكذلك سيظل التليفزيون أحد مصادر الترفيه والمتعة للمتلقى، ولن يتوقف عن تقديم هذه الأدوار التى تمثل مطلبا للجماهير. واعترف بأن هناك شاشات أخرى ستزاحم التليفزيون مثل الموبايل والكمبيوتر، ولكن ستظل الدولة حريصة على امتلاك تليفزيون يعبر عن قيمها ووجهات نظرها، ويحقق مطالب القاعدة العريضة من الجماهير. وأشار الشيخ إلى أن تلك الأفكار كانت قد أحاطت بالإذاعة عند ظهور التليفزيون، وأعتقد البعض أن عصر الإذاعة انتهى، ولكن الإذاعة استمرت إلى جوار التليفزيون خلال الخمسين سنة الماضية وما زالت مستمرة فى تقديم دورها. أكد مسئول فى وزارة الإعلام أن قيادات ماسبيرو يدركون هذا التطور، الذى يهدد عرش التليفزيون المصرى، وأن الاندماج بين ميديا الإعلام ووسائل الاتصال أمر قادم لا محالة، وأنه لن تمر خمس سنوات قبل أن تكون كل القنوات التليفزيونية متاحة على أجهزة المحمول، وأشار المصدر إلى المشروع الذى تم توقيعه أخيرا بين وزارتى الإعلام والاتصالات لوضع قنوات التليفزيون المصرى على شبكة الإنترنت، وأن المشروع سينطلق قريبا بتفعيل البث الحى على موقع قطاع الأخبار، وذلك بوضع النشرات الإخبارية والبرامج الحوارية على موقع egynews. وأكد المصدر أن الإنترنت يتيح المجال أمام أى شخص لإنشاء قناة خاصة به على الإنترنت بصرف النظر عن الإمكانات، وهذا لا يعنى إغلاق مبنى ماسبيرو بقنواته الأرضية والفضائية، ولكن سيظل كمنتج يملك أدوات التميز، حيث ستكون القيمة وجودة المنتج هما الحد الفاصل الذى يميز محطة عن أخرى.